شهادتي لله

سياسة التدريب (بالكوم)!!

{ من أسباب زيادة الطلب على (الدولار) في السوق الموازية، وبالتالي زيادة سعره في مكاتب المضاربين، ما يمكن تسميته بـ (الهوجة الحكومية) في مجال بعثات تنمية الموارد البشرية لموظفي الوزارات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية المستمرة إلى العديد من دول العالم، ابتداءً من “مصر”، مروراً بالأردن و”تركيا”، وانتهاءً بماليزيا.
{ في السودان (موضة) هذه الأيام اسمها (تنمية الموارد البشريّة)!! وهذه التنمية – حسب فهم الحكومة ومراكز التدريب المتعاونة أو المستفيدة من هذه الهوجة –  لا تكتمل أركانها إلاّ بالسفر بالطيران وتخصيص ميزانيات باليورو والدولار للتدريب في الخارج!!
{ في سابق عهود أهل السودان، كان الأطباء السودانيون يتدربون ويتخصصون في “لندن”  و”أدنبره”. الآن أطباؤنا يتخصصون في “القاهرة”، وتخسر الدولة عليهم ملايين الدولارات، وعندما تكتمل سنوات التخصص ويعودون للبلاد، تفاجئهم وتفاجئنا وزارة الصحة الإتحادية أو الولائية الخرطومية التابعة للبروف “حميدة” بأنه لا توجد وظائف شاغرة لاختصاصيين!! اذهبوا – يرزقكم الله من حيث لا تحتسبون – إلى المملكة العربية السعودية، ستجدون وظائفكم جاهزة!!
{ (نصف مليون دولار) كانت تحولها الحكومة (شهرياً) إلى “مصر” لتغطية تكاليف تخصص نحو (خمسمائة) طبيب سوداني لمدة (أربع) سنوات، والنتيجة (صفر) كبير بسبب هجرة معظم الذين خسرنا عليهم ملايين الدولارات.
{ لم يعد الأمر متوقفاً على السادة المحترمين (الدكاترة)، بل صارت الوزارات وحتى (المحليات)، توفد بصورة راتبة العشرات من الموظفين والفنيين إلى دول عربية لمدة أسبوع أو عشرة أيام، لتدريبهم في كورسات قصيرة المدى، ضعيفة المحتوى، تكلف البلد (الشيء الفلاني) من النقد الأجنبي، والنتيجة أيضاً (صفر) كبير، إذ لم ينعكس أثر رحلات التدريب والبعثات الدولارية على الخدمة المدنية في السودان.. وكأننا يا “عمرو” لا رحنا ولا جينا.
{  فلتبحث وزارتا رئاسة مجلس الوزراء، وتنمية الموارد البشرية والعمل، هذا الملف (المكلف جداً) ولتحصِ لنا: كم موظفاً في أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة سافر خارج السودان خلال الأشهر (الأربعة) الفائتة من هذا الشهر، وكم كانت التكلفة وكيف كانت النتيجة؟!
{ في نهاية سبعينيات القرن المنصرم أرسلت (الحركة الإسلامية السودانية)، بقيادة الدكتور “حسن الترابي”، مجموعة محدودة من شبابها للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية عبر علاقاتها الخاصة.. وساعد في ذلك الدكتور “أبو جديري”. النتيجة أن أهم وأبرز الممسكين بملفات الدولة –  الآن – هم من الذين درسوا في أمريكا، سواء بمساعدة (الحركة) أو عبر بعثات جامعة الخرطوم الرسمية، ابتداءً من الدكتور “نافع علي نافع” والدكتور “عوض الجاز”، اللذين درسا في بلاد (العم سام) مستفيدين من بعثات أكاديمية، وانتهاءً بالدكتور “أمين حسن عمر” والأستاذ “سيد الخطيب” وآخرين.
{ فرق كبير جداً بين قيمة بعثات وكورسات تدريب طويلة ومتوسطة المدى في بريطانيا وأمريكا، و لو لأعداد محدودة بجودة وناتج أعلى، وكورسات التدريب (بالكوم) الحالية عديمة الفائدة في الدول العربية!!
{ وفروا دولارات البلد واستجلبوا (المدربين) الدوليين إلى هنا في “الخرطوم”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية