أخبار

سلفاكير!!

{ دعا رئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير ميارديت” مواطني أبيي لعدم اللجوء لأخذ الثأر من المسيرية بعد مقتل السلطان “كوال دينق مجوك”، وحثهم على الصبر وضبط النفس، وقال بعبارة واضحة: (مقتل “كوال” قضية دولة وحكومة وليست قضية قبيلة)..
{ عبارات الرئيس “سلفاكير” في منزل شقيق القتيل في جوبا جاءت بعد تلقيه اتصالاً هاتفياً من الرئيس “عمر البشير”.. ليثبت الفريق “سلفاكير” مرة أخرى جدارته بقيادة دولة جنوب السودان ونظرته العميقة لمستقبل التعايش مع السودان، وهو (يتعالى) على الجراح والأوجاع كرجل دولة لا يغضب مثل عامة الناس، ولا يشجع على الفوضى كما آخرين من حكومته حرضوا على القتل والحرب.
{ من الجيد أن (تتولى) الدولتان ملف الاغتيال المؤسف والمحزن لرجل عاش من أجل قضيته ودفع ثمن موقفه أن ذهبت روحه هدراً.. ومن شأن (عقلانية) الدولتين ورغبة القيادات الحقيقية في السلام وتطلع الشعب الواحد في الدولتين لسلام وتعايش وتبادل مصالح يهدم في المستقبل (سور الانفصال).. من شأنه أن يتجاوز قضية مقتل السلطان دون إفلات الجناة من العقاب، وتقديمهم لمحاكمة في السودان باعتبارهم سودانيين قتلوا سودانياً.. وشماليين قتلوا شمالياً، إن كنا نعتبر حقاً أبيي شمالية أرضاً وبشراً!
{ وتهدئة “سلفاكير” لمشاعر دينكا نقوك الغاضبين على مقتل سلطانهم محاولة من رجل كبير لسد دروب الفتنة التي فتحتها الحادثة.. وفي أوساط دينكا نقوك (متطرفون) متربصون بالتقارب بين الخرطوم وجوبا، ويعتبرون أن “سلفاكير” (باعهم) ببراميل النفط ومصالح سلطته حينما وضع قضيتهم في (مؤخرة) أولويات التفاوض مع الشمال.. ويحظى أي وزير دولة حقق لشعبه الاستقلال مثل “سلفاكير ميارديت” بتقدير وسط شعبه، وينظرون إليه بقداسة، وأخطاؤه عند شعبة مغفورة.. كما أن توجيهاته وقراراته يلتزم بها الجميع.. والدينكا في تقاليدهم وأعرافهم تقديس للزعماء العشائريين أمثال “كوال دينق مجوك” والزعماء السياسيين أمثال “سلفاكير ميارديت” الذي في كل يوم يثبت جدارته بحكم الجنوب.
{ دعا “سلفاكير” لتكوين لجنة تحقيق دولية لمعرفة كيف قتل “كوال” ولماذا قتل، ومن قتله؟ وهي دعوة عقلانية وموضوعية وخيار من لا خيار له في ظل وجود أممي في المنطقة ممثلاً في قوات (اليونيسفا).. ولما كانت (اليونسيفا) طرفاً أساسياً في القضية وشهادتها حول مقتل السلطان “كوال دينق مجوك” سيأخذ بها مجلس الأمن، فإن السودان شمالاً وجنوباً لا يملك سلطة التحقيق في الحادث، لأن المنطقة مسرح الحدث تقع تحت الوصاية الدولية بموجب الفصل السابع.
{ ولكن ما دعا إليه الرئيس “سلفاكير” يفتح الباب لتعاون بين الدولتين بتجاوز الأيام الصعبة التي تعيشها المنطقة على وقع مقتل رجل كبير جداً، من حقه علينا كشمالي أن نحرص على معرفة كيف قُتل ولماذا قُتل، ولكن بعض من يشجعون على التصعيد (أخذوا) على عاتقهم إدانة القتيل كأنهم يذبحون جثته في رابعة النهار، ولا يعصمهم عن ذلك وازع ديني ولا ضمير.. و”كوال” القتيل شمالي ومسلم حتى يصبح جنوبياً إذا ذهبت أبيي إلى أحضان الجنوب في المستقبل.. لكن “كوال” منا نحن أهل السودان!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية