يا سيَّدتي .. لست مكلفاً بحجابك!!
{ تابعت قبل مدة، حواراً تلفزيونياً ممتعاً على شاشة قناة (العربية)، أجرته الإعلامية اللبنانية المميزة “جيزال خوري”، مع الشيخ “لؤي الزعبي”، زعيم الجماعة السلفية في سوريا (المؤمنون يشارون).
“جيزال خوري” – في رأيي – هي أفضل محاورة على محطات التلفزة العربية.. ظللتُ مراقباً لمسيرتها منذ عملها بقناة (M.B.C)، ثم الفضائية اللبنانية (L.B.C)، ثم حطت قبل سنوات في قناة (العربية) وبدأت ببرنامج (بالعربي)، إلى أن تحولت إلى برنامج (استديو بيروت) الذي يُعنى – دائماً – بالمشهد السياسي الساخن في لبنان.
{ حاورت “جيزال” عدداً من الرؤساء العرب أبرزهم المخلوعان، المصري “حسني مبارك”، واليمني “علي عبد الله صالح”، وكانت مثيرة لأعصابهما، رغم هدوئها العجيب، وبرودها الاستثنائي وصوتها الدرامي الخافت عند توجيه الأسئلة، خلافاً لمدرسة (الصراخ) والعراك في الحوار الذى يميز البرامج الحوارية بقناة (الجزيرة).
{ “جيزال” و”منى الشاذلي” التي قدمت برنامج (العاشرة مساء) بقناة (دريم2) المصرية، تجيدان إدارة الحوار (الناعم) و(المفخخ) في آن واحد..!!.
{ ولأن مهنه الإعلام هي مهنة المتاعب ومواجهة الخطر باستمرار، فقد كان قدر الإعلامية (المسيحية المارونية) “جيزال خوري” أن تفقد زوجها الصحفي اللبناني البارز بصحيفة (النهار) الأستاذ “سمير قصير”.. قتيلاً إثر تفجير سيارته بواسطة إحدى المجموعات (السياسية) التي لا تؤمن بالحوار ولا تعتقد في الحرية، وتستخدم الصواريخ والقنابل والرصاص وسائل لترسيخ (الديمقراطية) في لبنان..!! تماماً كما تفعل (الحركة الشعبية لتحرير السودان) في جنوب كردفان، والنيل الأزرق، وكما تفعل (حركات التمرد) في إقليم دارفور..!!
{ مات “سمير قصير”، اليساري الليبرالي، مغدوراً بالمتفجرات.. وبقيت زوجته “جيزال” تناضل بالكلمة وفق رؤيتها، وفكرتها، ومعتقداتها. ومهما اختلفنا معها فيها، فإننا بلا شك سنتفق معها على (المهنية) وروعة الأداء بحرفية عالية تشرفنا جميعاً كإعلاميين، كنا في لبنان أو مصر أو قطر أو السودان.
{ وأعود إلى أحد الحوارت، وأقول إن الاستفاضة أعلاه كانت مهمة لفائدة القارئ ليعرف خلفيات مهمة عن الشخصية التي حاورت زعيم السلفيين السوريين أحد قادة الثورة الشعبية في سوريا، (الشاب) “لؤي الزعبي”، وهو بالمناسبة كان أحد مرافقي الشيخ الراحل “أسامة بن لادن” خلال فترة إقامته بالسودان في منتصف تسعينيات القرن المنصرم.
ظل”لؤي الزعبي” يجيب على أسئلة السيدة”جيزال” – التى تعودت أن (تلبس على راحتها)، وتطلق لشعرها العنان – وعيناه إلى أسفل لا يرفعهما إلى وجه “جيزال” وشعرها.. حتى انتهت الحلقة (30 دقيقة)..!!
{ سألته سؤالاً مفخخاً: هل تقبلون أن يأتى رئيس (مسيحي) في سوريا؟ قال: نعم وقبل أن يُكمل الإجابة، سألته: ورئيس (علوي)؟! قال لها: نعم.. ولكن دعيني أفصّل لك في مرجعيتنا.. فقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في الهجرتين الأولى، والثانية إلى (الحبشة) لأن (فيها ملك لا يظلم عنده أحد).. إذن الرسول صلى الله عليه وسلم رضى أن يحكم أصحابه المسلمين بحاكم (مسيحي)، ونحن نرضى برئيس لا يظلمنا..!! سكتت “جيزال”، لكنها لم تيأس من نصب (الفخاخ) للشاب (السلفي)، فسألته مع نهاية الحلقة بهدوء خبيث: (سيد لؤي.. أنا أحاورك لنصف ساعة وأنا لست محجبة وأنت لا (تطلّع) في وجهي)..!!
{ كانت إجابته صاعقة، وعجيبة ومنطقية، رصينة ومؤدبة، وقال لها: (يا سيدتي.. أنا لستُ مُكلفاً بأن أُحجّبك.. ولكني مأمور بأن أغض بصري)..!! يا سلام.. يا “لؤي” يا “زعبي”.. يا سلام.. يا سلام..!! إحّمر وجه المحاورة الفريدة “جيزال خوري”.. حتى أنني شعرت بهزيمتها – ولأول مرة – أمام أحد ضيوفها الذين تختارهم من بين كبار السياسين في العالم العربي..!
{ هاردلك “جيزال”.. رحم الله “سمير قصير”.. ونصر الله الشعب السوري الشقيق.