ادعوا لـ "الصباغ"
{ ومبدعو بلادي يموتون بلا وجيع، وتنهش الأمراض أجسادهم الضعيفة وتفعل الأفاعيل كيفما تشاء وتعبث في كل الأعضاء دون رحمة ولا تروٍّ، لتنال المتبقي من تعب السنوات الفائتة وتبتلع العافية والصحة والموهبة والجمال والحضور الفطري والتلقائي، لأن العين بصيرة واليد قصيرة.
{ والإعلام يتبارى عبر أجهزته المختلفة في عكس الصور المشرقة لعمالقة الفن والطرب والتمثيل والإعلام، وتظل تفاصيلهم ونجاحاتهم حاضرة في كل الصفحات والمنابر الإعلامية، فخراً وإعزازاً بشخوص نحتوا الصخر من أجل أن تطل إشراقات السودان وتقدم نماذجها للعالم من حولنا بثبات لا يعرف الاهتزاز، وثقة لا تعرف الانكسار والتلوين، حتى أضحى السودان زاخراَ بالعناصر التي شكلت حضوراً ملموساً في كل الباحات والاحتفاءات العربية والأفريقية بل والعالمية.
{ والموهبة السودانية تواصل في ذات العطاء وتمنح حواء السودان دون شكر ولا عرفان وتجود دون توقف، وتمتلئ ساحاتنا في مجالاتها المختلفة بالنابغين في التخصصات المختلفة، وتتبارى الشركات في الاحتفاء وتقديم الجوائز الفخرية لتؤكد من خلالها أن الموهبة العظيمة تستحق أن يصفق لها العالم وتكرم في مجدها وتوضع في منصات التتويج.
{ ونعيب على الجهات المسؤولة التجاهل غير المقصود لبعض المبدعين، خاصة بعد الوصول لسن المعاش، أو أولئك الذين توقف أداؤهم عبر المسارح والشاشات والمنابر، لأن الأولوية ينبغي أن تكون لهؤلاء الأفاضل الذين منحوا الوطن سنوات من أجمل أيامهم وسنوات شبابهم حتى أنهكهم الزمان وجار عليهم وتركهم في العراء بلا وجيع ولا صديق ولا حبيب.
{ والأستاذ القامة الإعلامية الفاضلة “الفاتح الصباغ” يعاني من المرض الذي أنهك جسده الضعيف ومنعه من الحراك بذات الحيوية التي كان يتمتع بها وسط الحيشان الثلاثة. و”الصباغ” الذي قدم زهره شبابه في العمل الإعلامي لا بد أن يجد الوفاء بذات القدر الذي تقدم به الصفوف في السابق وساهم من خلاله في تربية الأجيال وتقديم المواهب والتوجيه والنصح والإرشاد من أجل أن تظل الصورة الإعلامية زاهية نتفاخر بها في كل أرجاء المعمورة.
{ و”الصباغ” الذي شكل حضوراً في التلفزيون القومي لسنوات طويلة قدم من خلالها تجربة ثرة وإجادة تستحق الثناء ليضرب مثلا حياً يؤكد أن الموهبة السودانية متفوقة على سابقاتها دون منازع، لذا لابد أن نرد الدين لأهله من خلاله حراك ملموس ومحسوس من كل القطاعات المجتمعية للالتفاف المادي والمعنوي حول الإعلامي الكبير “الفاتح الصباغ” حتى يسترد عافيته ويعود كما كان مهاباً قوياً عزيزاً قادراً على تطويع الحجر من أجل إيصال الرسالة الوطنية.
{ الدولة ووزارات إعلامها وثقافتها وشركاتها المختلفة ينبغي أن تتحرك وتلتزم بعلاج هذا الرجل لتمنحنا إحساساً يبين أن القيمة السودانية محفوظة ومكرمة من قبل المسؤولين، لأن أولى أولويات العمل العام تكريم المبدعين أحياءً وأمواتاً، من أجل إرساء رسالة واضحة تشرح الإستراتيجية التي تعمل بها الدولة من خلالها اهتمام متعاظم بكل الشرائح وتركيزها بصورة محدده على المواهب السودانية القيمة كما يحدث في العالم العربي.
{ كل الدعوات الصادقات لأستاذي ومربي الأجيال وقدوتنا جميعاً الأستاذ “الفاتح الصباغ”، ونرجو أن تعود كما عودتنا أسداً هصوراً حاضراً في كل الأماكن بذات النبرة المتميزة والصوت الجهوري لنعيد ذكريات الزمن الجميل ونتعلم من نهر الإبداع الذي لن ينضب بإذن الله.