أخبار

حاسبوهم قبل الطوفان

{ نعيب على المؤتمر الوطني تسرعه في اختيار بعض الكوادر التي تخصم من رصيد الحزب الكبير وتضيف للمعارضة والمتمردين، لأن الاستعجال في اختيار العناصر يلقي بظلال سالبة على الشكل العام للحزب، خاصة في الفترات الحساسة التي تتطلب تروياً وتعقلاً ودبلوماسية وحيادية تامة، لذا بحت أصواتنا من التحذيرات المتكررة في اختيار الشخصيات التنفيذية، خاصة منصب الوالي في الولايات الحدودية، التي تتطلب أن يكون القائد شخصاً من نوع مختلف، يتمكن من معالجة السلبيات ومواجهة المشاكل بحنكة وثبات يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي، ويبين أن الحزب قد اختار الرجل المناسب للمكان المناسب.
{ ما دعاني لكتابة هذه المقدمة التصريحات الاستفزازية التي أطلقها والي شمال كردفان على صفحات الصحف بالأمس، وحاول من خلالها أن يظهر بمظهر البطل القومي وهو يرتدي الجلباب الكبير، ليجعلنا نتمعن ونعيد النظر في التصريحات بتروٍّ، علّ المعني يكون بشكل غير الذي تفهمناه، ليتضح لنا أن الرجل يقصد المعنى الذي أطلقه عبر الإعلام تماماً. (طيب) يا سيد يا مجيد لماذا لم تتحرك من أجل محاسبة هذه المجموعة التي اتهمتها، والدفع بها في المعتقلات، طالما أن المعلومات المتوفرة لسيادتك مكتملة وتؤكد حراكهم من أجل تنفيذ مخططات تضر المنطقة والبلاد. أليس من مسؤولياتك حماية الولاية واستقرار أمنها، أم أن الحكاية عنتريات عبر صفحات الصحف؟!
{ ويضيف السيد الوالي ليفاجئنا بقنبلة كانت قاصمة ظهر لأي متابع، إن كان مواطنا عادياً أو مسؤولاً، ليبين أن المعلومات الواردة قبل (48) ساعة تؤكد أن الجبهة الثورية في طريقها إلى تلك المناطق، ويا للعجب!!
{ السيد والي شمال كردفان يدري تفاصيل تحركات الجبهة الثورية على ولايته ولكنه لم يتحرك حراكاً كافياً، ويبدو أنه كان مهموماً بأمور أخرى أكثر أهمية من التصدي لقوات “الحلو” و”عرمان” و”مالك عقار”، وماذا ستفعل الجبهة الثورية أكثر من تدمير كذا منشأة وبنك ونهب أموال عدد من المواطنين والعودة إلى مناطقها، ولا مانع إن راح ضحيتها عشرون أو خمسون من مواطني الولاية؟! هل هذا هو المنطق السليم للسيد والي ولاية شمال كردفان؟!
{ والمعتصم بالله الذي نال (401456) من الأصوات في الانتخابات الأخيرة لم يقدر حجم المسؤوليات الجسام التي ألقيت على ظهره، والدليل هذا التخبط الذي نراه أمام أعيننا من خلال تصريحات تبين أننا نعاني الأمرين من قبل بعض المسؤولين؛ الأمر الذي سينعكس سلباً على تسيير دولاب العمل العام في مقبل الأيام وفي تلك المناطق.
{ صمت والي الولاية ولم يتحرك بما يكفي والجبهة الثورية تعبث بالممتلكات وتستبيح الأرواح وتتحرك بحرية حتى منطقة “الله كريم” وتفطر بطماطمها اللذيذة وتعود إلي أم روابة وتتكئ علي مقاهيها وتتناول القهوة وتغتال المواطنين وتنهب البنوك وتغادر، والسيد الوالي وحكومته لم يستفيدوا من المعلومات التي جاءت اليهم ولم يفكروا في الاستعداد الكافي لكبت التحرك المعلن في مهده حتى لا يتضرر المواطن وتنعم البلاد بسلام من هذا الحراك الأرعن الذي ينتهجه المتمردون صباح كل يوم.
{ ما حدث في شمال كردفان لا بد أن يوضع على طاولة المحاسبة العامة وأن يتم الردع فيه بصورة حازمة لا تعرف الكيل بمكيالين، فالمخطئ لا بد أن ينال عقابه مهما كان مركزه أو مكانته في الدولة، لأن الشفافية المطلوبة تتطلب أن نتعامل بطريقة تعيد الأمور إلى نصابها ومن ثم نبدأ دفتراً جديداً لمعالجات طويلة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية