تقارير

الحكومة وقطاع الشمال.. حوار على فوهات المدافع..!!

الحاجة إلى مزيد من الحوار والبحث عن نقاط التقاء بين فرقاء السياسة السودانية ربما يكون هو المحفز الحقيقي لكثير من المراقبين والمتابعين بل والمتخاصمين لتشجيع أي لقاء قد يفضي إلى تثبيت أن ما قد يأتي بالحوار والاتفاق هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يقود بالضرورة إلى استقرار يمكن أن يسهم في نشر ثقافة قبول الآخر بشكل أو بآخر.
 الحكومة أعلنت قبولها بالجلوس مع الحركة الشعبية قطاع الشمال للتفاوض حول حزمة قضايا قادت علاقتها مع قطاع الشمال إلى أن يكون الحوار بينهما تزأر فيه قعقعة السلاح في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وبدوره أبدى قطاع الشمال استعداده للتفاوض مع الحكومة لإنهاء الصراع والمعارك المستعرة  في المناطق الحدودية منذ ينويو 2011 ورحبت الحركة بالحوار مع الحكومة إثر الدعوة التي أطلقتها الوساطة الأفريقية وفيما تصوب الأنظار يوم غدٍ إلى أديس أبابا حيث تستأنف مباحثات الطرفين بعد أن خاضا قبل عامين مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء الاتحاد الأفريقي في محاولة لم تنجح لضمان وصول الطواقم الإنسانية الى مناطق المواجهات إلا أن الدعوات إلى السلام لم تسفر عن نتائج إيجابية فاشتعلت نيران الحرب بين الطرفين في عدة نزالات.
 تأتي مفاوضات أديس أبابا يوم غدٍ متسقة مع دعوات الحكومة السودانية عبر رئيس الجمهورية الذي دعم خطوته بإطلاق سراح المعتقلين وقبلها دعوة النائب الاول “علي عثمان محمد طه” القوى السياسية للحوار الجامع، ورغم اشتراطات المعارضة التي وضعتها إلا أن الحكومة مذ ت إلى تحديد ميقات يوم غد لبدء الحوار مع قطاع الشمال في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا.
تذويب ما صنع الحداد
 رغم أن بين الطرفين (ما صنع الحداد) إلا أن مراقبين أبدوا تفاؤلهم بحدوث اخترقات إيجابية لعدد من الملفات المهمة في ماراثون التفاوض بينهما، وهو ما عبر عنه “د.ربيع عبد العاطي” القيادي بالمؤتمر الوطني في حديثه لـ(المجهر) أمس الذي أكد أن الحوار مع قطاع الشمال سوف يبدأ من حيث انتهى اتفاق (نافع عقار) وأنه سيكون حواراً (بين ما يتعلّق وما لا يتعلق) بحسب وصفه وستكون المرجعية ما ورد في اتفاقية السلام حول منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ومناقشة المشورة الشعبية، وفك الارتباط، وغيرها، مما جاء ذكره في نيفاشا، وذات الأمر أسهب فيه بالإضافة للأستاذ “عبد الله خاطر” الذي أوضح أن القرار 2046 ساعد الحكومة وحكومة الجنوب على الوصول للمصفوفة بعد صعوبات مختلفة، مشيراً إلى أن ذات الفرصة متاحة الآن بل بشكل أفضل لفضّ النزاع الداخليّ في إطار سودان واحد وشراكة دستورية، وزاد: يمكن أن يستفيدوا من تجربة وثيقة دارفور التي ضمت في داخلها حركة العدل والمساواة وحركة التحرير والعدالة والتي أتاحت لدارفور امتلاك زمام المبادرة.
محاور على الطاولة
جلوس الطرفين لأول مرة منذ نحو عامين وبشكل مباشر للتفاوض  هذه المرة قد يفرض حتمية أن يتم التداول حول القضايا العالقة بينهما لا تغوص فيها إلاّ بالمقدار الذي قد يقودهم مرة أخرى إلى الطاولة، بحثاً وإضافة وهو ما أوضحه د.ربيع بقوله: إن الحوار لن ينفذ إلى جوهر الموضوعات، وسيتناول الخطوط العريضة، وسوف يحدد أولاً الموضوعات ثم ترتيبها، لأن الحوار لن يبدأ بدون تحديد الموضوعات، بينما يتوقع “خاطر” أن الحوار قد يفضي إلى وقف العدائيات في البداية وخلق مناخ ملائم للحوار وتشجيع العمل الانسانى، مشيراً إلى أن القضايا الجوهرية مثل السلطة والثروة والترتيبات الأمنية والعدالة الانتقالية تعتبر جزء مهمّ من الحوار لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال.
تجاوز الأصوات الرافضة..
رغم أن الحوار بين أي طرفين يعدّ السبيل الأمثل والأكثر ديمومة وواقعية لكونه يمثل حلاً نهائياً لأي أزمة سياسية كانت أو غيرها، إلا أن ثمة أصوات بدأت تتعالى عبر عدد من الوسائط الإعلامية يرون عدم جدوى الحوار مع قطاع الشمال، وهو الأمر الذي دعا خاطر إلى وصفهم بأنهم مجموعات متخلفة لا تنظر للمستقبل وأضاف أن العيب ليس فيهم ولكن العيب فيمن ينظر للحوار بأنه ليس حلاً، مقللاً فى ذات الوقت من دعاويهم لعدم الحوار، وقال: لن يؤثروا بكل تأكيد، وحتى إذا أثروا فإن الحوار لن يتوقف بسببهم لأن من الممكن أن يحدث تأخير في الزمن أو الإجراءات لكن في النهاية سيمضي الحوار بين الطرفين لأنه لا توجد أية سكة سوى لغة الحوار، وذات الأمر أكده “د.عبد العاطي” الذي أوضح أن المؤتمر الوطنى ليس رافضاً لحوار أي مواطن حصر نفسه داخل منطقته، وليس له أي علاقة بالجنوب. لافتاً إلى أن الحوار السياسى سوف يكون داخل الوطن بضرورة فك الارتباط وتناول المشورة الشعبية وما أوردته اتفاقية السلام الشامل.
إذن….رغم نبرة التفاؤل التي تكسو تصريحات طرفي النزاع: الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، إلا أن ثمّة جهات ترفض مبدأ التفاوض جملة وتفصيلاً، مثل ما دفع به المحامي “غازي سليمان” الذي يرى أن قطاع الشمال لا يستند إلى قانون ويناقض قانون تنظيم الأحزاب السياسية والقوانين السارية بالبلاد، وحذر الحكومة من أن قبول التفاوض معهم يعتبر تحريراً لوفاتها بيدها، بيد أنّ هناك جهات أخرى ترهن قبولها له بعدة اشتراطات وغير بعيد من هؤلاء نبرة التململ الواضحة داخل أروقة التحالف المعارض الذي طالب بضرورة إشراك الأطراف السياسية كافة في الحلّ، وقال: الإرادة السياسية في الحوار الثنائي عندما تكون مدفوعة بالضغط الدولي دائماً ما تنتج جنيناً مشوهاً للحلّ، وأضاف: (هذا الحوار الثنائي الذي جاء على أسنّة القرار 2046 بخضوع الطرفين للحلّ لا يلبي طموحنا، ولن نقف مكتوفي الأيدي حيال تمزيق السودان، ورأى أن الحلّ الثنائي يعتبر تكراراً لما سماه بالفشل التاريخي في اتفاقيات نياشا، أبوجا، القاهرة، الدوحة، وأسمرا، مؤكداً ألاّ نيفاشا ولا اتفاق “نافع- عقار” يصلحان كأساس للاتفاق).
رغم تباين رفض القوى السياسيّة لمبدأ الحوار بين الطرفين إلاّ أنّ طاولة المفاوضات ستضمّ الفرقاء صبيحة الغد داخل بلاد الأمهرا. ولم يجد “عبد الله آدم خاطر” نعتاً لأولئك الرافضين سوى بكلمة أنّ (هؤلاء سيتجاوزهم الزمن).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية