القيادي بالمؤتمر الوطني "قطبي المهدي" لـ(المجهر) 1/2
مرت الساحة السياسية خلال الأيام الفائتة بأحداث كبيرة زادت من التفاعل والحراك الموجود، فحديث بعض قيادات المؤتمر الوطني عن تمسكها بترشح الرئيس “البشير” لدورة رئاسية ثانية أفرز جملة من الآراء والأصوات المعارضة حتى من داخل الحزب الحاكم، وقادت هذه المعركة في النهاية إلى إجراء تعديلات وإبعاد بعضهم، وما زال هذا الموضوع يحظى باهتمام منسوبي الحزب والمراقبين الذين ظلوا يرصدون اتجاهات الرأي حول هذا الموضوع. دكتور “قطبي المهدي” كان أحد قيادات المؤتمر الوطني الذين تصدوا عبر الإعلام لإعادة ترشح الرئيس فيما قابلتها قيادات أخرى من داخل الحزب مستشهدة ببنود القانون التي قالت إنها لا تسمح للبشير بالترشح.. (المجهر) التقت القيادي بالمؤتمر الوطني دكتور “قطبي المهدي” في حوار تناول الحديث عن ترشح الرئيس، وللأمانة أن الدكتور رفض الحديث بحجة أنه قال رأيه، لكن بعد إصرارنا أكرمنا ببعض الإضاءات حول هذا الموضوع، كما تناول الحوار قضية المحكومين والعلاقة مع الجنوب والحوار الوطني..
{ أنت محسوب على تيار التجديد لكن تمسكك بترشح “البشير” جعل الناس يسألون عن الأسباب التي دعت لتغيير قناعاتك ؟
-أولا لابد أن توضحي أنني لا أريد أن أكرر الحديث في هذا الموضوع ، لكن في تقديري أنا تحدثت فقط عن الحالة السودانية وهي حالة استثنائية تقتضي وجود شخص يتناسب معها، والموضوع الثاني الذي تحدثت فيه أن الحزب يجب أن يعطي نفسه فرصة ليؤهل قيادات جديدة.
{ هذا الحديث يشابه حديثكم حول أن الأحزاب لم تستعد للانتخابات مع أن الفرصة كانت متاحة فلماذا لم يستعد الحزب لموضوع مرشح الرئاسة؟
-إذا كان لديك مرشح مثل الرئيس “البشير” فهذا لا يعني أنك غير مستعد، بالعكس أنت في كامل الاستعداد لديك قيادة مؤهلة ومجربة لكن أنا هنا أتحدث عن المستقبل، فالحزب بعد هذه المرحلة يجب أن يستفيد من الوقت في تأهيل قيادات جديدة.
{ لكن من ناحية قانونية البشير استنفد مدته؟
-لا، أنا تحدثت قبل ذلك عن هذا الأمر والناس عرفت رأيي.
{ أنت قلت في جزء من حديثك إذا وضع دستور جديد سيحدث كذا فهل تتوقع أن يتم تغيير في الدستور؟
-الآن بالدستور الموجود الرئيس “البشير” أخذ فرصة واحدة، فهو ترشح مرة واحدة منذ أن وضع هذا الدستور.
{ مسألة أخذ فرصة أم فرصتين حولها جدل حتى داخل حزبكم؟
-صحيح هناك جدل لكن هذا رأيي أنا، فأنت عندما تضع دستوراً جديداً، الناس ينبغي أن يتعاملون مع الدستور الجديد والدستور حدد فترتين للرئيس وأخذ الفترة الأولى ومن حقه أن يترشح مرة ثانية.
{ قلت كذلك إن الإسلام لم يحدد فترة للحاكم لكن معروف أن الدستور هو عقد أمانة بين المتعاقدين، والقرآن تحدث عن سلطة الناس وهي ملزمة شرعاً؟
-الناس إذا توافقوا على هذا (فأهلاً وسهلاً) لكن أنا بقول ما في شيء يمنع الناس يقبلوا برئيس طالما لديه الاستعداد الكامل لتأدية دوره وتحمل المسؤولية، ما في شيء في الإسلام بيفرض) أن ينتهي دوره في خمس سنوات أو عشر سنوات.
{ هذا في حالة يكون هناك توافق جماعي لكن الآن توجد أصوات معارضة؟
-(خلاص) أنا قلت إذا الناس رأوا عدم صلاحية الرئيس يمكن بعد شهرين يتم عزله.
{ دكتور، صراحة هل تنون إجراء تغيير في الدستور يجعل ترشح “البشير” ممكناً؟
-الاتجاه العام يجري لوضع دستور دائم فقط.
{ أقصد إحداث تغيير يخرجكم من جدل ترشح الرئيس؟
-ترشيح الرئيس لا يحتاج لمادة دستورية.
{ بعض الكتاب المحسوبين على حزب المؤتمر الوطني قالوا إن خطة اختيار الرئيس تمت منذ فترة ؟
-لا أعتقد، لأن هذا الموضوع ينتظر مؤتمر الحزب.
{ بعد صدور الحكم بشأن بعض المشاركين في المحاولة الانقلابية الأخيرة هناك توقعات بالعفو عنهم فماذا تتوقع أنت؟
-إلى أن تستكمل مرحلة التقاضي سيرفع الأمر لرئيس الجمهورية، إما أن يصدق على الأحكام بشكل نهائي أو يكون له رأي آخر، هذا هو المتوقع.
{ نريد أن نتعرف على موقفك من التفاوض مع قطاع الشمال بعد أن قررت الحكومة مفاوضته؟
-أعتقد بالنسبة للحكومة حدثت متغيرات جوهرية بعد اتفاقهم مع حكومة الجنوب، وبدء تنفيذ هذه الاتفاقات هذا غيَّر الموقف من قطاع الشمال لحد كبير، فالحكومة في البداية طالبت بفك الارتباط، المتغيرات التي حدثت أسهمت سواءً بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية فك الارتباط، وهذا أعطى الحكومة ثقة في أنها الآن تتفاوض مع مجموعات سودانية تحمل السلاح، والتفاوض معهم ليس بالشيء الغريب على موقف الحكومة، في الماضي كانت تتحدث عن هؤلاء الناس وهم الفرقتان التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي في جنوب السودان، وما هم إلا فرع لحزب حاكم في دولة أجنبية، الآن هذا الحديث بدأ يتبدل بعض الشيء بعد الاتفاق الأخير ومواقف حكومة الجنوب.
{ ماذا عن موقفك أنت؟
-بالنسبة لي شخصياً معروف أنني ضد التعامل مع أي شخص يحمل السلاح ضد الدولة، أي مخالف سياسي يمكن الحوار والتسامح معه، ولكن شخص يخرج على الدولة ويتصل بإسرائيل ويقتل ويخرب ويضر بأمنها وأمن مواطنيها ويخرج على الدستور فيجب أن يتم التعامل معه وفق القانون في أي بلد في الدنيا هو إرهابي وخائن، هذا رأيي إلا إذا وضع السلاح وقبل بممارسة العمل السياسي حسب الدستور.
{ والسؤال المشروع هل شرع قطاع الشمال في وضع السلاح والتعامل وفق الدستور؟
-من التحولات التي حدثت في موقف الحكومة رغم أن المرجعية الأساسية هى اتفاقية “نيفاشا”، أصبح الآن حتى اتفاق “نافع ـ عقار” إلى حد كبير مقبولاً على ضوء المتغيرات التي حدثت؛ وبالتالي أصبح ممكناً جداً أن يكون محل اعتبار وتقدير، وهذا يقتضي تحول القطاع الى حزب سياسي وأن يضع السلاح وبهذه الصورة يصبح التفاهم معهم مقبولاً حتى بالنسبة لي.
{ هناك حديث عن تغيير الوفد المفاوض مع حكومة الجنوب متى سيتم؟
-بالنسبة للوفد المفاوض مع حكومة الجنوب أعتقد أنه تغير منذ أن استلم الأخ الرئيس ملف المفاوضات هو عدَّل في الوفد أضاف اليه أعضاءً كُثر عزز بهم كفاءة الوفد.
{ مثل من؟
-أضاف اليه وزيري الدفاع والداخلية إلى جانب أن المنهج الحالي للتفاوض يختلف عن المنهج السابق، وهذا ما أدى إلى النتائج الأخيرة، وأعتقد أن الوفد تعزز بكفاءات جيدة والتزم بمنهجية جديدة أوصلتنا إلى هذا الاتفاق.
{ التعديلات التي أجراها الحزب مؤخراً أغضبت بعض عضوية الوطني لأنها لم تأتِ في سياق طبيعي وقادت إلى إبعاد رئيس كتلة البرلمان في الحزب فما ردكم؟
– التعديلات التي حدثت لاشك أنها مطلوبة وجيدة لكنها لا تؤثر بشكل كبير في الوضع القائم لأنها لم تطل القيادة الحقيقية، وما تم حتى الآن هو استبدال أشخاص مكان أشخاص وهذا لا يكفي.
{ ما المطلوب؟
-المطلوب هو هل هؤلاء الأشخاص سيأتون برؤى جديدة ويعملون وفق إستراتيجيات وخطاب جديد، أم أنهم فقط حلوا مكان آخرين، وأعتقد هذا هو المقياس الحقيقي للإصلاح والتغيير.
{ ما يعني أن هناك تعديلات مرتقبة؟
-لا يزال هذا المطلب قائماً.
{ قلت إن التعديلات لم تطل القيادة الحقيقية ماذا تقصد؟
-أقصد القيادة العليا، وليس بالضرورة تغييرها، لكن تأهيل جيل جديد يستطيع أن يتسلم القيادة العليا، هذا لم يحدث.
{ قيل سيُؤتى بك للأمانة السياسية ؟
-لا أعتقد أن هناك مثل هذا الاتجاه لكن حتى إذا كان هناك اتجاه، أنا شخصياً رافض المشاركة في أي مستوى سواءً كان تنظيمياً أو تنفيذياً.
{ ماذا عن الحديث حول شغلك لمنصب رئيس الكتلة في البرلمان ؟
-ليس هناك اتجاه وأيضاً لا أرحب به.
{ على أي أساس تتردد هذه الأيام على المجلس الوطني ؟
-التردد يتم في إطار أعمال أخرى لا علاقة لها بأي موقع.
{ أي أعمال ؟
-أعمال تتعلق بالمؤتمرات التي عقدت أخيراً، خاصة باتحاد البرلمانات الإسلامية وما تفرع عنه من لجان كذلك بعض الاتصالات الأخرى، فأنا أعمل على هذا المستوى.
{ لكن ربما تم تقديم اسمك كمقترح؟
-لا، الذي تم هو استبدال شخص بشخص، والآن يدور جدل حول صحة هذا الإجراء.
{ برأيك هل الإجراء كان صحيحاً ؟
-حسب النظام المعمول به ليس بالإجراء الصحيح، وأنا أتحدث من ناحية إجرائية.
{ إذن ما هى المبررات التي دعت الهيئة القيادية في حزبكم إلى اتخاذ هذا الإجراء؟
-هذا تم تبريره، وقيل إن هذا الإجراء ربما كان تم اتخاذه في فترة سابقة وهو إجراء عادي وهذا وفقاً لقول الحزب، وتتم التعديلات في الأمانات بصورة طبيعية.
{ أنا أسال عن رأيك؟
-لا أريد الخوض في ذلك.
{ تضارب التصريحات بعد إعفاء “غازي” بين الذي تم إعفاؤه والذين اتخذوا قرار الإعفاء، الأمر الذي دلل على وجود ربكة وعدم اتفاق حول مخرجات القرار؟
– أنا استمعت لقيادة الحزب والتصريحات التي صدرت وذكروا أن نشاط “غازي” توقف قبل فترة في المكتب القيادي وأنه قدم استقالته، وهذا حسب ما سمعت منهم وبالتالي التعديل جاء في إطار هذه الملابسات (هذا كلام الحزب).
{ في الاجتماع ذاته قررتم عدم إدلاء العضوية بآرائهم للإعلام، على أن يكون الإدلاء حصرياً على الناطقين، ألا تعتقد أن هذا شكل من أشكال الدكتاتورية الداخلية؟
-أنا كنت ضد هذا الحديث، وأعتقد طالما هناك ناطق رسمي للحزب فهذا يكفي للتمييز بين رأي الحزب ورأي القيادات الشخصي، وأنا تابعت موقف الناطق باسم الحزب الأسبق ويفترض أن يتبين الناس رأي الحزب والمواقف الشخصية للقيادات فما الذي دعا بروفيسور “بدر الدين” وهو شخص محترم ومثقف أن ينزعج من حديث القيادات الأخرى، ولماذا شعر أن دوره لم يعد عالياً؟
{ هذا يعني وجود أصوات معارضة للخطوة ؟
-في النهاية إذا رأى الحزب أصبح مثل خطب (الجمعة) التي تكتبها المخابرات في الدول الديكتاتورية وتوزعها على الأئمة، وبالتالي الناس لا يأبهون بها كثيراً، ويجدون في منطق الآخرين الذين يتحدثون بموضوعية وتحليل جيد ومنطق قوي ويحملون رأي الحزب فهذه ستكون مشكلة الحزب والناطق الرسمي، وأعتقد أن أي قيادي حقيقي لا يمكن أن يقول للصحفي: “لا أعلم أو ممنوع من الكلام”، هذا ليس قيادياً.
{ كيف؟
-القيادي يجب أن يكون له رأي ووجهة نظر سواء قالها داخل أو خارج المؤسسات، وهو يحيل الصحفي لرأي الحزب، وطالما هناك ناطق رسمي يجب أن لا ينزعج الناس، و قيادات الحزب يجب أن تحترم إذا كان لديها وجهة نظر تعبر عنها وهى تعرف تماماً ما هو موقف الحزب، وبالتالي عندما تتحدث، تتحدث بمسؤولية ووعي، طالما هناك ناطق رسمي، لماذا ينزعج الناس؟
{ الجدل ما زال مستمراً؟
-كان هناك جدل لكن ما صدر عن الحزب مؤخراً حسمه حينما قال إننا لا نمنع القيادات عن التحدث للصحف، لكن لدينا ناطقين يعبرون عن الحزب وهذا مقبول.