اثبت يا خضر
واهم من يعتقد ويظنّ أن أزمة نادي الهلال التي يعيشها منذ سنوات هي أزمة مالية ورياضية، وسوء في الممارسة الديمقراطية فقط.. بعيداً عن السياسة وأثرها على الرياضة.. حيث ظلّت الإدارات المتعاقبة على نادي الهلال تاريخياً، وكذلك المريخ أقرب للحزب الاتحادي الديمقراطي ورأسماليته.. وحينما اعتلى “صلاح إدريس” رئاسة نادي الهلال أنفق من ماله الخاص ما أنفق حتى أثار حفيظة قيادات حكومية (جهرت) علناً برفضها لأن تبقى أيادي السلطة بعيدة عن الأندية الرياضية الكبيرة.
فاختار الرئيس بالتعيين أولاً “جمال الوالي” ثم وجد المريخاب ضالتهم في رأسمالي ينفق الدولار بغير حساب فانتخبوه.. وأصبغوا عليه الأوصاف والألقاب حتى بات المريخ ينافس الأهلي القاهري والاتحاد جدة في لاعب نيجيري يدعى “وارغو” ويظفر به في رابعة النهار الأغرّ.
وبهروب “صلاح إدريس” من نادي الهلال وشعوره بالعجز عن الإنفاق مثل “جمال الوالي” ضرب الهلال الجفاف والتصحّر.. وحينما اقترب رجل أعمال آخر أيضاً محسوباً على التيارات المعارضة “أشرف الكاردينال” كان لدكتور “مندور المهدي” موقف رافض لتعيينه.. وجاء “البرير” لرئاسة الهلال كخيار من لا خيار له.. بلا مال ينفقه ولا ظهر سياسي يتكئ عليه سوى تحالف أبناء “البرير” كرأسمالية وطنية مع الوطني (ليفيدوا) و(يستفيدوا) وفي منتصف فترته تقدم “البرير” باستقالته هروباً من الصرف على النادي الذي تحاصره الديون وتهدد مشاركته حتى الدوري المحلي تهديدات الفيفا.
والسلطة السياسية تمارس (الفرجة) والهروب من المسئولية.. حتى الدكتور “عبد الرحمن الخضر” والي الخرطوم لم يتحمل مسئوليته ويدفع من مال الولاية العام ما يقيل عثرة نادي الهلال في منتصف الطريق.. وأقطاب من رموز الحزب الاتحادي الديمقراطي “طه علي البشير” و”حسن ملال” و”صلاح إدريس” (دفنوا) جميعاً رؤوسهم في رمال (حلتنا) وبقي السيد “كرار التهامي” القيادي في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية (حائراً) هل يسأل الهلالاب في الشارع العام؟ أم يلجأ للسلطة التي تعلم تفاصيل ما يحدث في النادي المهدد بعقوبات الفيفا بسبب مبلغ (400) ألف دولار فقط.
لو نهض السيد “محمد عثمان الميرغني” من مقعده وتذكر أنّ الهلال ظلّ قلعة اتحادية منذ عهد “حسن عبد القادر”، و”الطيب عبد الله”، و”بخاري الجعلي”، لتبرع “الميرغني” بمليون دولار لإنقاذ نادٍ كان جزءًا من تاريخ الحركة الاتحادية الوطنية و”الميرغني” يملك من المال ما لا يملكه حتى “جمال الوالي” في السودان، وله من النفوذ وسط تجار الحزب ما يؤهله لإصدار توجيهات سرية لإنقاذ الهلال.
ولكن أين الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الذي نصف عضويته تشجع الهلال؟ ولماذا لا يقود “سعد العمدة” مبادرة لإنقاذ الهلال من السقوط في منتصف الطريق؟ أم تنتظرون جميعاً صدور قرارات (الفيفا) وحظر الهلال من تسجيل اللاعبين الأجانب بسبب تراكم استحقاقات لاعبين ومدربين سابقين؟
واقع الهلال المأزوم اليوم يجسّد حالة سياسية وليست رياضية (محضة)، والسياسة هي من جعلت السودان يشارك بفريقين من الفاشر وكادقلي في بطولة سيكافا القادمة، فلماذا تتثاقل الخطى عن حل قضية ظاهرها رياضي وباطنها سياسيّ بيد الدكتور “عبد الرحمن الخضر” والي الخرطوم إن هو (ثبت)، وقال: أنا لها!!