لا تسفهوا قيم (العفو العام)
{ إطلاق سراح المعتقلين السياسيين أو (المحكومين) في قضايا ذات علاقة بالسياسة مثل إثارة الحرب ضد الدولة، والعمل على تقويض النظام الدستوري القائم، لا ينبغي أن يكون دافعاً للاستهانة بقرارات (العفو العام) والتقليل من شأنها، والإصرار على ارتكاب الأخطاء والتجاوزات في حق الوطن، قبل الحكومة.
{ فالتوقيع على ميثاق ما يسمى (الفجر الجديد) تآمر على الدولة، أرضاً وشعباً وحكماً، فكيف يبيح البعض لأنفسهم أن يوقعوا على وثيقة تقرر (مشروعية) العمل العسكري المسلح لتغيير النظام، ثم يعودوا بكل بساطة إلى “الخرطوم” ليرددوا على مسامع السذج بأنهم إنما كانوا يحاورون (الجبهة الثورية) وأن (الحوار) واجب وطني وديني؟!!
{ ويرددون عبارة جوفاء، يلوكونها كل حين وآخر: (نحاور الشيطان من أجل مصلحة الوطن)!! مع أنهم لم يحاوروا الشيطان ولم ينجحوا في إبعاده أو حتى تحييده في أدنى مشكلاتهم (الشخصية)!! والذي يفشل في حوار الشيطان بالمزيد من الإيمان لمعالجة أزماته (الخاصة) أو (العامة) في محيطه الضيق، فإنه بالتأكيد عاجز عن محاورته في قضايا أكبر تهم الوطن.. كل الوطن!!
{ لقد أطلق السيد الرئيس سراحكم، رغم أن بعضكم غدر بهذا البلد، ومنح قوة إضافية (معنوية) و(سياسية) لشرذمة مسلحة تعمل – في سبيل إسقاط النظام – على تمزيق الدولة، وتفتيت ما تبقى فيها من لحمة واتحاد، وأنتم تعلمون في قرارة أنفسكم أنكم ما سعيتم إلى “كمبالا” أو غيرها من عواصم المؤامرة، إلا بعد أن يئستم من مصلحة أو منفعة ترجونها من ثروات الحكم وسلطته!
{ يقولون إن (الاسلاميين) انتهازيون ووصوليون يعشقون المال والسلطان، وهو ليس بالتأكيد حكماً عاماً، ولكن حتى في إطار (العموميات) فإنني من واقع المعايشة والتجربة أجزم وأقطع بأن أغلب (اليساريين) والمعارضين في بعض الأحزاب القديمة والحديثة والحركات المتمردة، أكثر انتهازية، وجشعاً، وتقديساً للمال، ولهثاً وراء المناصب والامتيازات، خاصة وسط الأجيال الشابة، وهذه إشارة تنذر بكارثة وشر مستطير ستحيق بمستقبل مجتمعاتنا، إذا كان من يطرحون أنفسهم (بدلاء) و(مناضلين) أشد بشاعة وقبحاً وجدانياً، وطمعاً مادياً في عرض الدنيا، وشهوة في مباهجها، رغم أنهم – غالباً – ما يفشلون في الوصول إلى مفاتيح المال، وإن وصلوا لا يحسنون الاحتفاظ به وإحسان استثماره، وهذا ما يرفع (الاسلاميين) عليهم درجات!!
{ أرجو ألا تسيئوا – جميعاً – لمعاني (العفو العام) السامية، ولا تستخفوا بقرارات (المحاكم) مهما كانت، مساوين بين (المحكومين ) و(المعتقلين)، فكثيراً ما أشاد محامو (اليسار) بالقضاء السوداني باعتباره – حسب توصيفهم – آخر ما تبقى من مؤسسات جديرة بالإحاطة والاحترام.
{ دعونا نرحب بقيم (العفو العام) ونشكر فاعلها، ونأمل في المزيد، دون سفه أو تقليل.
{ ودام الوطن حقلاً للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.