مسؤولون في (بورصة) الشعب .. وزراء وولاة بين (القمَّة) و(الدرك الأسفل)!!
ما بين مسؤول تخرُجُ الجماهير رافضةً ابتعاده أو (إبعاده).. وآخر تنعقد – لمجرَّد ذكره – (حواجب الغضب والاستياء).. تتراوح مكانة المسؤولين – سياسيين ووزراء – في (بورصة) الشعب السوداني.. بيد أن هناك من صنّفهم لسان الناس بين منزلتين.. فلا هم محبُوبون.. ولا مكرُوهون.. وربّما لا يحسُّ بمقدمهم وانصرافهم أحد!!
والمرآة – الأداة المعروفة – ليست وحدها (لا تعرف الكذب).. فمرآة الشعب كذلك.. تنطق بالحقيقة دائماً.. وإن كانت تعاني من تجاهل (من بيدهم القلم)، الذين لا ينظرون إليها عند (اختيار المسؤولين)!!
{ “البشير”.. شعبيّة طاغية
ولأنَّ رأس الدولة يأتي أوّلاً.. فإنَّ مؤشِّرات (القبول) في الشارع تعطي الرئيس “البشير” درجةً عاليةً جداً.. وقد أجمع من استطلعناهم – من المواطنين – على أنَّه نموذجٌ للسوداني (ود البلد)، الذي يمشي بين الناس ويُشاهَد في الأفراح والأتراح.. غير محاط بسياج من الأمن يرفض نظراؤه في الدول أن يبتعد عنهم للحظة!! وزاد من شعبيته قراره – الذي أكّده مؤخراً – بعدم الترشُّح مرة أخرى للرئاسة.. وهو أمر نادر الحدوث في الشرق الأوسط عموماً..
غير أنّ المواطن “صديق علي عمر” – الذي التقيناه في المحطة الوسطى بـ (بحري) – بعد أن أمَّن على شعبيَّة الرئيس.. طالبه بأن يضرب بيد من حديد على (المفسدين).. وقال: (سيماهم في وجوههم من أثر الفساد)!!
{ “إيلا” .. الوالي الأوّل!!
هيمنت الخرطوم – الولاية – طوال تاريخها على مؤشر المتابعة والاهتمام باعتبارها سوداناً مصغراً.. وصار بالتالي محافظها أو واليها – باختلاف التسمية كل سنوات – محط الأنظار باعتباره أيضاً (رئيساً مصغراً).. غير أنَّ مؤشِّرات القبول في السنوات الأخيرة اتَّجهت بكلياتها إلى (والي) ولاية – غير الخرطوم – حاز إعجاباً منقطع النظير.. ليس من جماهير ولايته فحسب.. بل من كل الولايات.. بل ربما من نظرائه الولاة!!
هذا قراءة (بورصة الشعب) لـ “محمد طاهر إيلا”، والي البحر الأحمر، الذي أحال ولايته وإنسانها إلى نموذج يحتذى.. ويكفي أن تسأل – كما سألنا – إنسان البحر الأحمر أو أي مواطن سوداني.. لتخبرك عيناه وأساريره المنفرجة – قبل لسانه – بأنه والٍ مقبول ومحبوب.. جداً.. وفي هذا يقول الصحفي “عبد القادر باكاش” لـ (المجهر): (“إيلا محبوب لأسباب كثيرة جداً.. فعلى صعيد البنية التحتيّة قدم في الولاية وبورتسودان درساً في التنمية، وهو أمر يشهد به كل من يزور البحر الأحمر.. وعلى صعيد الإنسان اهتمّ بتحقيق أفضل خدمات ممكنة.. ويشهد على ذلك مشروعه الرائد (الغذاء مقابل التعليم) الذي وضع الأطفال في مكانهم الصحيح داخل أسوار المدارس.. والتفت أيضاً إلى الفاقد التربوي وكوَّن (لجنة تدريب وتأهيل أبناء الريف) لإعداد جيل من الفنيين المهرة في كل المجالات.. كما اهتم “إيلا” بأن يجعل مسؤوليه في كل المحافظات من أهل المنطقة.. وليس كولاة آخرين يعيَّنون غريب الوجه واللسان.. وعلى الصعيد الإداري اهتمَّ الوالي بترشيد الإنفاق الحكومي.. وهو الأمر الذي ضايق كثيراً من (المستقيدين).. أما على الصعيد الشخصي.. فـ “إيلا” متواضع وواسع الأفق ومهذب في تعامله مع أي شخص.
{ “كاشا”.. المحبوب البعيد!!
وإن كان من منافس من الولاة لـ “إيلا” في (البورصة الشعبيّة).. فهو والي جنوب دارفور المستقيل (مغاضباً) في الأشهر الأولى من العام 2012 “عبد الحميد موسى كاشا”.. الذي قالت (شوارع ولايته) كلمتها فيه، محتجة على ابتعاده الذي يشبه الإبعاد.. وهي بلا شك مكانة حازها باقترابه اللصيق من إنسان الولاية.. وفي هذا الصدد يقول الكاتب بـ (المجهر) والمحلل السياسي الأستاذ “يوسف عبد المنان”: (“كاشا” محبوب في دارفور لدرجة كبيرة جداً بسبب التصاقه بإنسان الولاية، وبالنازحين تحديداً الذين يرون فيه (رجل الدولة) الذي يتفقدهم ويحس بمعاناتهم ويدعمهم حقيقة.. ولا أدلَّ على ذلك ممَّا رأيته بأمِّ عينيَّ في مؤتمر الضعين الأخير.. إذ اغتنم النازحون وجود “كاشا” بين ظهرانيهم وأقاموا له احتفالاً اشترطوا أن لا يحضره مسؤول غيره)!!
{ “أميرة الفاضل”.. حسرة على المغادرة
وعندما آثرت وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي “أميرة الفاضل” (العمل تحت أقدام والدتها بدوام كامل).. راكلة في سبيل ذلك الوزراة وأثقالها – بدايات مارس الجاري – بعد نحو ثلاث سنوات قضتها في معركة ضد الفقر المخيِّم على أغلب الأسر السودانية.. علت العديد من الأصوات المشفقة على الفقراء والمساكين في بلادي.. إذ تعتبر “أميرة” نصيرتهم الأولى، وإن كانت الكثير من مشاريعها لمكافحة الفقر في طور النمو والتكوين.. منها (القرض الحسن)، و(المرأة الريفية).. ويحفظ لها الشارع مقارعتها لوزير المالية “علي محمود” تحت قبة البرلمان مدافعة عن الفقراء.. وهو ما يعضد تكهنات البعض بأنَّ الوزيرة ربما غادرت مغاضبة بسبب وزارة الماليَّة.. شأنها شأن “كاشا”!!
{ مسؤولون أسفل (المؤشر)!!
ولأنَّ لكل شيء نقيضه.. وبثلما أن هناك مسؤولين تربّعوا (أعلى) مؤشر قبول الشعب.. فهناك من سقطوا – بجدارة – (أسفل) المؤشر.. مما يشي بأنَّ (موازنات) – ربّما – أو حسابات أخرى قادتهم إلى مواقع المسؤوليّة.. ليصطدموا بـ (عدم قبول) الذي يصل مع بعضهم حد الكراهية!!
{ وزيرا الماليّة والزراعة.. الأقل بجدارة!!
ربما كان سوء حظ وزير المالية “علي محمود” جعله (يمرُّ بوزارة الماليَّة وقت الذروة)!! إذ لم نجد صوتاً من الشارع إلا وحمَّله مسؤولية المعاناة والغلاء.. وربما رسّخ هذا المفهموم وسط المواطنين تصريحات وُصفت بأنّها (غير حكيمة) خرجت من لسان “محمود” مستفزة الشارع.. بدءاً من (تصريح الكسرة) الشهير على أعتاب خروج البترول من الموازنة بعد الانفصال.. انتهاء بقوله مؤخراً بأنّه (لا يوجد غلاء في الأسواق).. وهذا التصريح الأخير – بالذات – قابله الشارع باستهجان عريض، ووجد فيه راسمو الكاريكاتير مادة خصبة.. كما انطلقت قذائف التعليقات الساخرة من فوّهات (الأعمدة الصحفية).. وفيه يقول رئيس مجلس إدارة (المجهر) الأستاذ “الهندي عز الدين” في زاوية الشهيرة (شهادتي لله) بتاريخ 26/2/2013: (تحدث وزير المالية الأستاذ “علي محمود عبد الرسول” بلغة متفائلة جداً وبعيدة للغاية عن واقع الحياة المعيشية في السودان. الوزير نفى أن تكون هناك ضائقة معيشية أو معاناة أو غلاء في الأسعار، مؤكداً كثافة الإنتاج من الذرة والسمسم والفول السوداني!! وإذا كان الحال كذلك، فلماذا يبلغ سعر “باقة” زيت الطعام – “4 لتر” – ستين جنيهاً سودانياً يا سعادة الوزير؟! ولماذا يرتفع سعر زيت الطعام “المحلي” على “المستورد”، رغم أن رسوم جمارك “المحلي” لا تتجاوز ثلاثة في المئة فقط!! بينما الجمارك والضرائب على الزيوت المستوردة تصل إلى سبعين في المائة؟! عزيزي “علي محمود”، أنت تتحدث من برج عالٍ.. ومن مسافة بعيدة.. هناك في حي (الراقي) بالقرب من طريق الخرطوم – مدني!! صباح الخير).
أما الدكتور عبد الحليم المتعافي، وزير الزراعة الاتحادي، فيأتي أيضاً في أسفل (قائمة الشعبية) وسط المزارعين وعامة الناس، ويتصوره الكثيرون قريباً من من الوزير “أحمد عز” رجل (البزنس) الأول في نظام “حسني مبارك” البائد. “المتعافي” كثيراً ما يتفاخر بتجارته ومزارعه، ما خلق انطباعاً غير محمود عند (الغبش) في السودان.
{ “حميدة”.. سياسات مرفوضة شعبيّاً!!
ويزاحم – بجدارة – أسفل (مؤشر القبول) وزير الصحّة بولاية الخرطوم البروفيسور “مامون حميدة”.. فكل من سألناه – في الشارع – عن “حميدة” نظر إلينا مقطب الجبين معقود الحاجبين..!!
وربما كان أعلى صوت تذمُّر شعبي قد خرج من المواطنة “بدرية محمد مصطفى” التي التقيناها بموقف الشهداء بأم درمان.. إذ اندفعت قائلة: (قفّل لينا مستشفى الأطفال – في إشارة لمستشفى “جعفر ابن عوف” – إن شاء الله يقفلوا ليه المستشفى بتاعتو – في إشارة لـ (الزيتونة) – هُو مالو ومالنا.. ما كان أحسن ليها يشوف جامعاتو وحاجاتو ويختانا)؟!!
ومن المعروف أن العديد من سياسات الوزير “حميدة” انتقدها الكثير من مواطني الولاية، بل حتى أطباء واختصاصيون في مستشفيات الخرطوم.. لكن يبدو أن والي الخرطوم يراهن على سياسات “حميدة” لتطوير الشق الصحي للولاية.. ويتمسّك بتعيينه!!
{ مسؤولون كالظلال!!
هناك من هم بين منزلتين في (بورصة القبول).. وهذه الصفة تعتبر ذماً – بحسب مراقبين – لأن السبب هو عدم وجود تأثير محسوس في الشارع – سلباً أو إيجاباً – لسياساتهم.. ومن هؤلاء – حسب استطلاعنا لعدد من المواطنين – ومراقبتنا، معظم وزراء الدولة، بمن فيهم وزراء الدولة للخارجية والمالية والداخلية ورئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى عدد من المعتمدين، أبرزهم معتمد بحري، فلا أحد يعرف أسماءهم!!
{ ماذا ترون في المرآة؟!
هم ليسوا سوى نذر قليل من مسؤولي بلادي.. عرضناهم على (بورصة الشعب) وعكسنا الصورة.. وهي دعوة لكل من تحمَّل المسؤولية إلى ينظر في (مرآة الشعب).. فمن وجد خيراً فليحمد الله.. ومن وجد غير ذلك.. فلا يلومنَّ إلا نفسه.. وسياساته.. ومن وضعه (في غير مكانه)!!