صراع العاطفة والمادة .. قصص الارتباط بالاعمام والخالات !!
إلى وقت قريب، كنا نظن أن العاطفة تتبلور بدواخلنا نتاج أحاسيس تجتاح القلوب وتتربع على عرشها إيذاناً بارتباط مختلف يعيد توازن الحياة ويقدم تجربة جديدة قد يكون نتاجها الزواج والارتباط الأبدي رغم الظروف الاقتصادية التي منعت عدداً كبيراً من الشباب الزواج ودفعت آخرين إلى صرف النظر عن الفكرة من أساسها، ولكن المخزي في الحكاية أن الحب الذي ظل الملجأ الوحيد لكل الشباب، أضحى الأزمة الأولى التي تواجه البنات على وجه التحديد، إذ أن (الخالات) كما يطلق عليهن قد دخلت حلبة الصراع وتمكَّن من احتواء الأولاد والسيطرة عليهم بشكل كبير، الأمر الذي دفع عدد مقدر من البنات إلى سياسة التعامل بالمثل والاتجاه صوب (عمو) صاحب الستين عاماً، ليبدأ صراع جديد من نوعه في الحياة العاطفية مابين الأجيال السابقة من الطرفين والشباب الحالي الذي أضحى مهموماً بمصالحه بعيداً عن العاطفة التي صارت في خبر كان.
– “أحمد” ابن السبعة وعشرين عاماً أبان أن العاطفة (ما بتاكل عيش) خاصة وأن المسؤولية الملقاة على عاتقه تتطلب أن يوفر عدداً من الأوراق المالية التي تعين أسرته على العيش وتوفير متطلبات الحياة العادية، وأضاف أن الارتباط (بخالة) في سن متقدمة تمكنه من توفير كل المطلوب وحينها فما المانع من الارتباط بها لأن الحياة أخذ وعطاء.
– وأشارت “رويدا” إلى أن ارتباطها العاطفي امتد إلى أربع سنوات مع شاب يقطن في ذات الحي الذي تعيش فيه، وأن قصتها معه أصبحت معروفة حتى لأهلها وأسرته، الأمر الذي وجد ارتياحاً كبيراً من الطرفين خاصة وأن العاطفة التي تربطهما أكبر من التفكير في أعباء الحياة المختلفة، واستمر الحال كما هو عليه حتى ظهرت “سنية” التي تبلغ الخمسة والأربعين من عمرها وتمكنت من احتواء حبيبها وسيطرت عليه بصورة كبيرة للدرجة التي غادر بموجبها بيته وسكن في مكان بالقرب من مسكنها بعد أن وفرت له العربية والشقة المريحة ليضحى الحب في خبر كان.
– و”لمياء” تضحك من فرط الألم وما حدث لحبها الوحيد من ذات الستينية التي يعمل معها حبيبها لفترة طويلة، وتزوجها في آخر المطاف رافضاً حتى الاعتذار لـ”لمياء” التي ذاقت الأمرين بسبب الصدمة التي تعرضت لها.
– و”زينب” تبين أنها رضخت للزواج من رجل متقدم في السن لأن الحياة تتطلب أن نعيشها بواقع وحينها الحب (ملحوق)على حد تعبيرها، خاصة وأن نظرتها لشباب اليوم غير جيدة، الأمر الذي جعلها توافق على خوض التجربة التي تعتبرها ناجحة حتى الآن بعد أن تركت حبيبها الأول فاغراً فاه من هول المفاجأة التي شاهدها دون سابق إنذار.
– و”مرتضى” لم يتمالك نفسه من تلاعب “رجاء” التي تتجول ما بين جيوب العجائز على حد تعبيره، وتنال من هذا وذاك وتتلاعب بمشاعره، لأن مسؤولية الأسر تقع على عاتقها الأمر الذي يتطلب أن تكون على قدر المسؤولية حسب وجهة نظرها لأن “مرتضى” لن يتمكن من منحها عشرة جنيهات لأن والده موظف ودراسته لم تكتمل بعد ليتحمل معها المسؤولية.
– و”مريم” التي تسكن في منزل فخم غير آبة بأحاديث الناس وما يدور من همس حولها بعد أن قررت الارتباط بـ”هشام” ابن الثلاثين عاماً والذي يصغرها سناً ، لتقول لـ”المجهر” إن العاطفة هي التي جمعت بينهما وتمكنت من أن تجعلهما في خانه العشاق، وأشارت إلى أن مساعدتها لـ”هشام” عادية لأن الارتباط الذي يجمعهما أقوى من كل التفاصيل المالية التي لا تجدي ولا تنفع، وأضافت “مريم” أن “هشام” مخلص لحبها ولن يفكر في غيرها لأن الأمر سيرتبط بإمكانياتها في الاحتفاظ به وتقديم كل المعينات وعلى رأسها توفير سبل العيش وراحة البال لتتمكن من العيش في سعادة أبدية.
– والملاحظ أن العاطفة أصبحت مادية بحتة، وأن التجارة فيها صارت على المكشوف بعد دخول الأعمام والخالات إلى السوق ودفع المطلوب الذي تسيل له اللعاب ويؤمن المستقبل القريب والبعيد، مما يعني ضمنياً أن الحياة صارت خالية من الحب، وأن ما نشاهده عبارة عن تجارة رخيصة مدفوعة الثمن لا علاقة لها بالعاطفة، رغم أن بعضهم يصر على تكوينات حسية مسيطرة على دواخلهم، ولكنها تظل مجرد أحاديث وهراء لأن ما نراه يقول عكس الصورة.
– و”شاهيناز” و”معتز” حكاية من الحب القديم، فقد دافعا بقوة عن الحب وأكدا أن العاطفة بخير وأن ما يحدث من (هرطقات) هنا وهناك تحركات محدودة لأن العاطفة تحتل القلوب دون سابق إنذار ولا تتعرض لمغريات مهما كانت الأسباب، وأشارت “شاهيناز” أن الحياة علمتها أن سعادتها تكمن في العاطفة والارتباط، وأن المال يمكن تدبيره حسب المكتوب.
– عموماً المشهد العام يبين أن العاطفة وإن تداخلت فيها بعض الإضافات الإجبارية، إلا أنها ستظل بعافية إذا فكرنا قليلاً في السعادة التي تمنحنا القدرة على تحمل الأزمات.