تقارير

الجنيه يتعافى وسط تفاؤل حذر وانخفاض مستمر لسعر (الدولار)!!

وسط تفاؤل حذر للخبراء الاقتصاديين واصل الجنيه السوداني استعادة عافيته التي افتقدها عقب انفصال جنوب السودان الذي فقدت البلاد بموجبه (70 %) من إيرادات النفط. وببدء تنفيذ مصفوفة الاتفاقيات التعاونية التي وقعت بين السودان ودولة جنوب السودان في “أديس أبابا” الأسبوع الماضي توقع خبراء اقتصاديون بالخرطوم أمس (الأحد) أن يتواصل ارتفاع سعر صرف الجنيه السوداني أمام الدولار والعملات الأجنبية ليصل في فترة عام إلى (4) جنيهات مقابل الدولار.
وشهد سوق العملة الموازي حالة من الركود بسبب إحجام سماسرة الدولار عن تلبية طلبات البيع والشراء، في وقت توقع فيه الخبير الاقتصادي، وكيل وزارة المالية الأسبق “الشيخ المك” أن يوالي الدولار الهبوط إلى ما يقارب (4) جنيهات إذا طبقت المصفوفة الأمنية التي وقعتها الحكومة السودانية مع الدولة الوليدة جنوب السودان. وقال الشيخ المك لـ(المجهر) إن الاقتصاد السوداني سيحقق مكاسب وعائدات قدرها مليار و(800) مليون دولار خلال عام، مشيراً إلى مهددات تواجه الاتفاق خاصة تصدير النفط الذي قال إنه مربوط بتنفيذ الاتفاقيات الأمنية مثل الاتفاق حول أبيى وهجليج ووقف المناوشات العسكرية بين الطرفين.
وأضاف: (هنالك بشريات تنتظر المواطن في الدولتين جراء انخفاض سعر صرف الدولار بتحسن الأوضاع الاقتصادية وانخفاض الأسعار وكل ذلك سيعود بالخير. ويقول الخبير الاقتصادي الشيخ المك إن صادرات السلع من السودان ستنساب إلى الجنوب لكن يتطلب ذلك إقامة نقاط تجارية على الحدود، وتشير (المجهر) إلى أن الجنوب تدخله حوالي (150) سلعة من السودان، وكانت السلطات قد حظرت تصديرها بإجراءت صارمة عقب اعتداء دولة الجنوب على حقل هجليج العام الماضي.
وبلغ سعر شراء صرف الدولار بالسوق الموازي يوم أمس(الأحد) (6.500) جنيهات، بزيادة قدرها (2.102) جنيه مقارنة بسعر صرف شراء الدولار الذي حدده بنك السودان المركزي وبلغ (4.3980) جنيهات.
وكان بنك السودان المركزي قد حدد (الأحد) النطاق الأعلى والسعر التأشيري والنطاق الأدنى بـ(5.6398)، (5.4229)،(5.2060) جنيهات على التوالي. .
ووفقاً لذلك فإن سعر صرف الدولار بلغ (4.3980) جنيهات وسعر صرف اليورو (5.7517) جنيهات.
وفى جولة (المجهر) بالسوق الأسود أكد تجار العملة تأرجح سعر البيع للدولار بين (6.5) و(6.2) جنيهاً. وأوضح تاجر عملات- رفض ذكر اسمه- أن هنالك تجاراً يستحوذون على ملايين الدولارت ويتخوفون من التصرف فيها تحسباً لانخفاض سعر صرف الجنيه مرة أخرى.
ورهن مراقبون للملف الأمني بين الدولتين إنفاذ الاتفاق بمدى جدية الطرفين في تنفيذه والتزام دولة الجنوب بوقف خروقاتها المتكررة على الحدود. وفي خطوات اعتبرت عملية وجه رئيس جنوب السودان بتكوين لجنة عليا وزارية لمتابعة عملية تنفيذ مصفوفة الاتفاقية مع نظيرتها السودانية، وتكوين لجنة للتنسيق والعمل مع السودان لتنفيذ الاتفاقية.
ويبدو أن أزمة الثقة قد انتهت هذه المرة بين الطرفين إذ جدد مجلس الوزراء بالجنوب التزامه بتنفيذ الاتفاقية التي شملت إعادة ضخ النفط وتصديره والترتيبات الأمنية والمنطقة العازلة منزوعة السلاح، وكل الاتفاقيات التعاونية التسع التي وقعت.
وانعكس التوقيع على الاتفاقيات التعاونية مباشرة على الاقتصاد السوداني الذي لازمته حالة عدم اليقين منذ ثلاث سنوات؛ بسبب انفصال الجنوب والأوضاع الأمنية في ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان بالإضافة للمناوشات العسكرية على مناطق حدودية مع الجنوب، وشهدت أسعار مواد البناء انخفاضاً ملحوظاً في الأسعار ربطه التجار بانخفاض الدولار بعد أن استحوذ على نسبة كبيرة من التأثير السلبي على الاقتصاد الوطني. وقال التاجر “الجعلي محمد” من سوق السجانة بالخرطوم إن انخفاض سعر صرف الدولار أمام الجنيه أحدث ركوداً في السوق رغم تراجع الأسعار، مشيراً إلى أن الكثيرين أحجموا عن التعاملات التجارية بعد الانخفاض في الدولار، مبيناً أن الأسمنت وحديد التسليح ومواد البناء الأخرى شهدت انخفاضاً سيواصل في الأيام القادمة.
ويقول الأمين العام للاتحاد “بكري يوسف عمر” إن الاتفاق يعتبر إضافة وكسباً للقطاع الخاص، داعياً إلى أهمية السعي المشترك للقيادة بالبلدين لتهيئة البيئة والمناخ الملائم لتسهيل حركة التجارة والسلع ورأس المال والاستثمارات، كما أشار إلى أهمية الاتفاق على صيغة لكيفية التعاملات المصرفية بمشاركة القطاع الخاص إلى جانب ضرورة وجود نظام يتم الاتفاق عليه فيما يلي الوثائق المطلوبة لحركة التجارة والسلع وتحديد نوع التجارة سواء كانت تجارة حدود أو حرة أو دولية، منوهاً إلى استعداد القطاع الخاص لإنفاذ الاتفاق فيما يلي تنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وكشف عن ترتيبات لزيارة وفد من الاتحاد ورجال الأعمال إلى مدينة “جوبا” خلال الأسابيع المقبلة لوضع خارطة عمل مشترك مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة بدولة جنوب السودان للنهوض بعلاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
 وأعرب القيادي بالمؤتمر الوطني بجنوب السودان الأسقف “قبريال روريج” عن تفاؤله بالاتفاق، معتبراً الاتفاق سيأتي بنتائج جيدة للشعبين بعد ارتفاع أسعار الأسواق في “الخرطوم” و”جوبا”، مشيراً لرغبة الشعبين في التواصل التجاري. وقال “قبريال” لصحيفة (المصير) الجنوبية: (التجار السودانيون يخاطرون بتهريب البضائع لأسواق جنوب السودان)، وأضاف: (كل هذا لعدم وجد اتفاق ينظم شكل العلاقة فيما بين الحكومتين).
وتستهدف دولة الجنوب ضخ (376) ألف برميل في اليوم ليصل إلى (500) ألف برميل في اليوم في الفترة القادمة عبر المنشآت السودانية حيث يتوقع أن يحقق عبورها عبر خطوط أنابيب السودان عائدات مقدرة.
ويرى الباحث الاقتصادي دكتور “عادل عبد العزيز” إن الارتفاع الكبير في أسعار العملات الأجنبية مقابل العملة السودانية تسبب خلال الفترة الماضية في رفع المستوى العام للأسعار وتأثرت بهذا الارتفاع كل السلع سواء كانت مستوردة أو منتجة محلياً، وكذلك أسعار الخدمات والأراضي والمعادن النفيسة.
ويشير “عادل عبد العزيز” إلى أنه بورود معلومات حول قرب ضخ بترول الجنوب عبر المنشأت النفطية السودانية انخفضت أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني بصورة ملحوظة، وذلك كأثر نفسي لاستئناف ضخ النفط وكنتيجة مباشرة لبيع المضاربين كميات من العملات الأجنبية الموجودة بطرفهم خوفاً من استمرار انخفاض أسعار العملات الأجنبية حالياً. وقال عادل لـ(المجهر) إن الأثر سيكون إيجابياً على الأسعار حيث يتوقع انخفاض أسعار السلع كافة المستوردة منها والمنتجة محلياً، ولكن الانخفاض سيكون تدرجياً حسب رأيه. واستبعد الباحث الاقتصادي “عادل عبد العزيز” عودة الأسعار إلى ما كانت عليه خلال العام 2010 إلا بعد مرور فترة من الزمن واستقرار سعر العملة السودانية ما بين (4) إلى (5) جنيهات للدولار.
ويضيف: (غالباً ما تستقر الأسعار في قطاع العقارات والسيارات في معدلاتها الحالية وتبدأ انخفاضاً تدريجياً ولكن لن يكون كثيراً بالمقارنة مع أسعار السلع الاستهلاكية التي تستهدف انخفاضاً أسرع نسبياً، لكن بخلاف توقعات دكتور “عادل عبد العزيز” بحدوث استقرار في أسعار العقارات حذر عاملون بقطاع العقارات من حدوث انهيار في أسعارها على غرار الانخفاض الحاد في الأسعار في 2004 خاصة أن معظم استثمارات ومدخرات المواطنين تنشط في العقارات والأراضي باعتبارها من الاستثمارات الآمنة.
ومن خلال الاتقاف بين البلدين ينتظر المواطن ثمرات هذا الاتفاق ليقطفها وتعود عليه بالنفع وتلامس واقع معيشته .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية