الديوان

امتحانات الأساس.. نفرة أسرية شاملة وحصار (طلابي) لا حدود له!!

تشهد البيوت السودانية هذه الأيام نفرة كبرى، وحصار شامل على الطلاب المُمتحنين في شهادتي (الأساس والثانوية)، فالأولى بدأت أول أمس، والثانية على الأبواب، لذلك ضربت الأسر كافة عزلة حصينة على أبنائها من أجل تحصيل أكاديمي عالٍ، يُمكّنها لاحقاً من التباهي في مجتمعها الذي بات النجاح ضمن أدوات (الفشخرة والبوبار) ولعل هذه محمدة، أفرزها الوعي المتقدم لكثير من الأسر بأهمية التعليم والارتقاء بأبنائها على عتبات السلم التعليمي مهما كلف الأمر من مال وجهد، كما أن الأبناء أنفسهم لازمهم هذا الإحساس ودأبوا على متابعة دروسهم بمتابعة الأسرة، فضلاً عن استنفار بعض الأسر والاستعانة بالدروس الخصوصية وأساتذة مختصين في هكذا مواقف بعد أن تفرغوا لها وظلوا يجوبون البيوت من أجل تحصيل مالي جيد.
{ (الكسار يملا شهادتو)
وتبع هذه النفرة والاستعداد إغلاق كثير من المنافذ التي من شأنها تعطيل سير الدرس، منها الابتعاد عن التلفاز والقنوات الفضائية والانترنت والتي لاقى التلاميذ عنتاً في التمنع عنها وهم الراغبون، وأصبح الأمر بالنسبة لهم كالفطامة، فيما اعتصمت الأمهات بدورهن وأبين الخروج وقاطعن المناسبات الاجتماعية، بل قاطعن حتى (مراحمة) ذويهن إلى حين، وفي المقابل ليس لديهن وقت لاستقبال أي كائن كان.
وفي الوقت الذي يجد فيه بعض الطلاب وينكفئون على القراءة  ملتهمين الورق التهاماً، هناك البعض ممن يستخف بالأمر ويلاقي مشقة في الجلوس (في بطن الواطة) لقراءة اليسير، فتدأب الأمهات فى ملاحقتهم بالقول والفعل ومع ذلك لا حياة لمن تنادي.
{ الطلاب الأشقياء
زارت “منال الطيب” معلمة، شقيقتها المريضة والممنوعة من الحركة بأمر الطبيب زيارة مقتضبة، وهبت واقفة بعد أن تناولت الشاي الذي عمدت إلى (تبريده) بناءً على إلحاح شقيقتها، ثم همّت بالخروج، فسألتها أختها لما كل هذه العجلة، فأبانت أنها منزعجة بأمر الامتحانات التي وقفت على تخوم الأبواب ولديها ابنة ستخضع هذا العام لامتحان مرحلة الأساس، مضيفة: ابنتي متفوقة وهذا ما يشجعني على الوقوف إلى جانبها حتى وإن اقتصر فقط على إشعارها باهتمامنا ووقوفنا إلى جانبها، ومن ثم تهيئة الجو المناسب لها، ثم أردفت ضاحكة: كمان عندي ولد شقي في الصف الخامس كان ما مشيت (سكيتو وقبضتو) من الشارع وقعدت أنبح معاهو ما بِقرا، وبعد ده إن شاء الله بفايدة، غايتو ربنا يعدي الأيام دي بالسلامة والله تقول ممتحنين نحن، وهمّنا بنزل مع نهاية الامتحانات.. ثم فتحت الباب وخرجت وهي تسرع الخطى ولم تنس تذكير شقيقتها بأن (الملاقاة تاني) إلاّ بالتليفون ومن الآخر.
{ غلبني التكنيك
 تعاني “أسمهان الطيب” موظفة أشد المعاناة أثناء فترة الامتحان، فعلى حد قولها: والله الشفع ديل هلكوني وما عرفت استخدم معاهم ياتو تكنيك، يمكن مسايرتهم في موضوع المذاكرة فمرة استعمل اللين وأعمد إلى أسلوب التشجيع والترغيب بمساعدة والدهم، ولما لا تجدي نفعاً يضيق خلقي فالجأ إلى الشدة والترهيب، وفي الحالتين أنا الخاسرة الوحيدة، ومضت مفسرة بأن المرأة أو الأم كما يعتقد الرجال، هي المناط بها، إلى جانب أعبائها الأخرى، أمر متابعة الأبناء في التحصيل الأكاديمي، وللأسف فإن أي إخفاق يحسب عليها ويعدّ تقصيراً من جانبها، لكنها عادت لتنفي بأنها لا تفعل ذلك مع أبنائها مدفوعة من زوجها، ولا حتى ليرضى عنها، لكنها تعدّه واجبها الذي تحقق عبره رغبتها في أن ينجح أبناؤها ويتفوقوا، وأضافت: كما أنني أحب التفاخر والتباهي بهم، وهذا هو المكسب الأهم. واستطردت: لكن هذا لا يتأتى إلاّ بمشقة سيما إذا كان الأبناء عنيدون ولا يستجيبون للأوامر بسهولة، ومضت: هناك بعض من التلاميذ إذا تم إجبارهم على المذاكرة يلجأون إلى الغش والتدليس وينشغلون بأمور أخرى في الخفاء بعد تغليقها بالكتاب وادعاء الاستذكار. ونصحت الأمهات بتوخي الحذر ورصد أبنائهن وبناتهن جيداً دون أن يشعروا بأنهم تحت المراقبة.
{ التقنيات الحديثة.. سلاح ذو حدين!!
الملاهي والتقنيات الحديثة، كما عدّتها الأستاذة المحامية “إشراقة بابكر”، سلاح ذو حدين، فهي من جهة تُفتق عقول صغارنا وتوسع مداركهم الاستيعابية، لكنها من جهة أخرى أصبحت سبباً رئيساً في انصرافهم عن الاستذكار وقضاء جل ساعات اليوم في تقليب ألعاب الموبايل أو الكمبيوتر والبلاي استيشن والأتاري وغيرها، وحينما تردعهم وتمنعهم من استخدامها أثناء الامتحانات يردون عليك بأنهم يبحثون عن بعض المعلومات في الانترنت.
{ الأستاذ الشاطر مطلب شعبي
 ومضت “إشراقة” تقارن بين زمنهم وزمن أطفال اليوم بقولها: نحن زمان مافي أي زول كان بقرينا كنا نقوم ونقع برانا معتمدين على الكتاب والحصة فقط، بينما اليوم يتمتع أطفالنا بمدارس خاصة ودروس خصوصية، حيث يتكالب الجميع على المعلمين الذين لمع نجمهم في بعض التخصصات حتى صاروا وكأنهم (مطلب شعبي)، ومع كل ذلك يا خابت يا صابت.. وأمر آخر دفعها إلى المُضي قدماً في هذه المقارنة، وهو أن طالبات (زمان) على حد تعبيرها كانت لديهن بجانب دراستهن التزامات وواجبات منزلية أخرى لا بد لهن من أدائها حتى ولو كانت يوم الامتحان نفسه، كما لم تتوفر لهن حتى أبسط مقومات الترفيه كالمتوفرة الآن، وأضافت: مع ذلك كن متفوقات وثابرن حتى استطعن دخول الثانويات والجامعات التي كانت عزيزة ومستحيلة على السواد الأعظم، لكنها عادت تلتمس لأطفال اليوم العذر في الاهتمام بترقية تعليمهم. وقالت إنهم باتوا يُستوعبون في المدارس في سن مبكرة، فضلاً عن زيادة عدد المقررات وثقلها، وزيادة وعي الأمهات واستنارة الكثيرات منهن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية