حوارات

نائب رئيس مفوضية الانتخابات البروفيسور "مختار الأصم" لـ (المجهر):

بدأ العد التنازلي لانتخابات 2015م، وشرعت المفوضية القومية للانتخابات في استعداداتها بالتحرك لعدد من ولايات السودان المختلفة، بغرض إيجاد مقرات ثابتة لها.. كما شرعت في تعديل السجل الانتخابي بعقد الورش والسمنارات.
(المجهر) التقت البروفيسور “مختار الأصم”، نائب رئيس مفوضية الانتخابات، في حوار لا يخلو من الصراحة، حول الاستعدادات الجارية للانتخابات، وأين وصل العمل في السجل، والجهات التي تدعمه، وكم الميزانية المرصودة لذلك، وما هي الصيغة المثلى للانتخابات بالسودان وما هو تقييمه لانتخابات 2010م، وما صحة الاتهامات التي وجهتها الأحزاب للمفوضية بوجود عمليات تزوير.. وهل حقيقة أن المفوضية مستقلة..
نترك القارئ مع إجابات الدكتور مختار الأصم” حول ما طرحنا عليه من أسئلة:

{ ما هو تقييمك لانتخابات 2010م، وأين وصلت استعداداتكم للسجل الانتخابي الجديد الذي على ضوئه تجرون انتخابات 2015م؟
– لقد دار بيني وأحد السفراء حوار قال لي فيه (أنتم تتحدثون عن الانتخابات القادمة، فكيف تستطيعون إجراءها في مناطق العنف أو المناطق التي تدور فيها معارك عسكرية في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور)؟!
{ ماذا كان ردك عليه؟
– قلت له: (ليت حديثك هذا كانت بدايته سؤال آخر.. بمعنى (ليس كيف نجري الانتخابات في تلك المناطق) بل نسأل أنفسنا (لماذا تدور المعارك في تلك المناطق.. ولماذا يحمل بعض أبناء السودان السلاح في وجه حكومتهم)، والإجابة أن الصراع في تلك المناطق صراع حول السلطة.. وهؤلاء الذين يرفعون السلاح يبحثون عن السلطة عبر البندقيّة، ونحن في المفوضية القومية للانتخابات نعمل على أن يكون الصراع في السلطة عن طريق صناديق الاقتراع.. لذا سنجري الانتخابات في تلك المناطق حتى يعلم هؤلاء أنهم إذا أرادوا أن يغيروا الحكومة عليهم أن يغيروها عبر الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع.. وليس عن طريق الرصاص.. لذلك فإن تلك المناطق أحوج إلى السجل الانتخابي لنؤكد أن الانتخابات حرة ونزيهة، والكاسب هو الذي يدلي بصوته.. وقضية السودان الأساسية ليست في الوضع الاقتصادي المتردي، وليست أزمة دولار، ولا ما تحمله الصحف عبر (مانشيتاتها) أو خطوطها العريضة، وإنما هو شرعية الحكم وإيجاد الطريق المقبول للوصول للسلطة.. فالاستقرار السياسي هو العلاج.
{ ولكن كيف يتم العلاج؟
– العلاج يكون بالاستقرار السياسي وبقبول السلطة، وأن يقوم الذي خسر الانتخابات بتهنئة الفائز، وأن يتقبل النتيجة بصدر رحب، ويقبل بعد ذلك بالذي يتولى إدارة البلاد باعتباره الرئيس الشرعي.
{ والسؤال مازال قائماً.. ما هو تقييمك لانتخابات 2010م؟
– المفوضية القومية للانتخابات أدارت انتخابات 2010م بحيادية وفي قمة النزاهة، والانتخابات جرت في أكثر من عشرة آلاف مركز، وأدلى ملايين الناس بأصواتهم في احترام أذهل العالم، ولكن الذين خسروا الانتخابات حاولوا أن يلقوا اللوم على المفوضية القومية للانتخابات بعد انسحابهم.
{ ولكن تلك الأحزاب انسحبت بحجة أن النتيجة معروفة ومزورة؟
– الأحزاب تتحدث عن تزوير وقع في مركز واحد، بينما الانتخابات جرت في أكثر من مائة ألف مركز.. فلنفترض أن التزوير وقع في عشرين مركز، فماذا يعني هذا مع مائة ألف مركز..؟! الأحزاب لم يرضها النجاح الكبير الذي تحقق، ونحن في المفوضية أخذنا دروساً وعبراً من الانتخابات السابقة، والمفوضية سجلت أحد عشر مليون وستمائة ألف ناخب في السودان الشمالي، وهؤلاء جميعاً جاءوا طواعية، وسجلوا بأنفسهم، وجرت الانتخابات في (693) دائرة جغرافية، وأدلى ثمانية ملايين وثمانمائة وواحد وثمانون ناخب بأصواتهم. المفوضية كانت في قمة العدالة والنزاهة، وفي الانتخابات القادمة التي ستجري في أبريل من عام 2015م، لا يهمنا أن تدار الانتخابات من هذه المفوضية أو من مكان آخر، بأشخاصنا أو بأشخاص آخرين، فما يهمنا أن يرى الشعب والخصوم والمراقبون أنها انتخابات نزيهة ونتيجتها مقبولة، ويقبل بها الخاسر قبل الرابح.
{ هل تعتقد أن المفوضية فعلاً مستقلة؟!
– (مية الميّة).. وأقل الأحزاب تدخلاً فيها حزب المؤتمر الوطني، لأنه يشعر بأنه إذا اهتزت الثقة في المفوضية اهتزت الثقة في الحكومة.. فالمفوضية معنيّة بانتخابات رئيس الجمهورية والولاة والمجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية، وهي الضامن أن تأتي تلك الأجهزة تعبيراً عن رغبة الشعب، ونحن في المفوضية حاولنا أن نشرك الأحزاب في كل شيء وأن نجعل الشفافية للجميع.
{ أين وصلتم الآن في السجل الانتخابي؟
– بدأت الفترة الماضية بانعقاد مؤتمر بخصوص السجل الانتخابي وأصدرنا مذكرة أيضاً في هذا الخصوص وهدفنا من ذلك أن يفيق الناس قبل أن تداهمهم انتخابات 2015م، إذ أن المتبقي لقيامها ليس زمناً طويلاً، والسجل هو الأساس، ولذلك لجأنا للتجربة الإثيوبية وتجارب بعض الدول للاستفادة منها قبل حلول الانتخابات القادمة، حتى يكون لدينا تسجيل ثابت ومراكز اقتراع ثابتة، وبعض أعضاء المفوضية قاموا بزيارات ميدانية لبعض الولايات ووقفوا مع الولاة والمسؤولين بالمحليات على أنجع السبل للمفوضية بولايتهم، وتقرر أن تكون هناك مواقع لمفوضية الانتخابات بولايات السودان المختلفة، حتى نضمن أن تكون لنا أماكن للسجل الثابت ومركز الاقتراع الثابت، حتى عندما تبدأ الانتخابات لا نواجه بشكوى من المواطنين بعدم معرفة المقر أو المركز، وسنجعل لكل ناخب بطاقة خاصة به تحمل صورته وبصمته منعاً للتزوير، وبذلك نكون قد استغنينا من شيوخ الحلة ومن اللجان الشعبية، وهذه هي محاولة من جانب المفوضية لإغلاق كافة الأبواب التي تأتي منها الاتهامات.
{ هل هناك جهات ستدعم عملية السجل؟
– السجل يحتاج إلى اثنين وخمسين مليون دولار، وهذا لن يتوفر إلا بتضافر جهود الدول المانحة، وقد عقدنا مؤتمراً لهذا الغرض وطالبنا كل شخص حادب على الديمقراطية وعلى التبادل السلمي للديمقراطية وعلى الاستقرار بأن يشارك في هذا المشروع.. على الأقل لنطفئ النيران التي تشتعل بدعوى عدم شرعية الحكم أو عدم قبوله.
{ وماذا تريد الأحزاب في ظنك؟!
– نحن أيضاً نسأل، ماذا تريد الأحزاب، فإذا أرادت تفسير المفوضية، فهذا سهل، ولكن الأهم هو أن نجد الدستور الذي تكون المفوضية بموجبه شفافة ونتيجتها مقبولة، وهذه النتيجة ستأتي بالاستقرار السياسي الذي سيؤدي إلى قبول كل دول العالم، والاستقرار السياسي سيؤدي إلى النمو والازدهار، وقبول شرعية الحكم سيؤدي إلى قبول شرعية الانتخابات.
{ في انتخابات 2010م، يقال إن هناك من لم يرضَ في (المؤتمر الوطني) من المفوضية بخصوص ما حصل عليه رئيس الجمهورية “البشير” من أصوات مقارنة بما حصل عليه “سلفاكير”؟
– هذا لم يحدث، والمؤتمر الوطني يعلم أن المفوضية لا يمكن أن تزور الانتخابات، ولا تستطيع أن تزيد صوتاً واحداً أو تنقصه، وأذكر أن المفوضية قد كلفتني بالذهاب إلى النيل الأزرق بسبب التوتر الذي حدث بين مرشحي المؤتمر الوطني ومرشحي الحركة الشعبية، وعندما وصلت النيل الأزرق التقيت بـ “مالك عقار” مرشح الحركة الشعبية و”فرح عقار” مرشح المؤتمر الوطني وبقية المرشحين، ووقتها حدث شد كبير بين الطرفين، وكل طرف يدعي أن مرشحه فاز نتيجة الانتخابات.. ورشح حديث بأن هناك مساومة من قبل المؤتمر الوطني على نتيجة الانتخابات لصالح الحركة الشعبية.. ووقتها كانت المراكز قد أعلنت نتائجها، فطلبت منهم التجمع في مكان محدد، وأن نأتي بالصورة الثانية من نتائج الفرز لكل مركز، وتعلق في الموقع، ثم تجمع كل واحدة على حدة، وعندما جمعت الأصوات كانت النتيجة لصالح “مالك عقار”.. ولم تكن هناك أي مساومة في ذلك.. ولم نعطِ “عقار” نتيجة الانتخابات.. فهو كسب بعدد الأصوات التي حصل عليها من مناطق محددة.. وتكرر الموقف في جنوب كردفان.. إذ التقيت “عبد العزيز الحلو” و”أحمد هارون”.. وجلست معهما في اجتماع، وقلت لهما إن الانتخابات دارت برقابتهم المباشرة، وسمحنا لهما بالجلوس مع لجنة الانتخابات.. وعندما أعلنت النتيجة كسبها مولانا “أحمد هارون” بفارق ضئيل.. لذا نؤكد أن المفوضية أدارت الانتخابات بمنتهى النزاهة والدقة والشفافية.
{ ولكن يقال إن مرشحي المؤتمر الوطني حصلوا على أصوات عالية جداً في كل الدوائر مقارنة مع مرشحي الأحزاب الأخرى الذين حصلوا على نسب متدنية لا تتماشى مع أعداد أحزابهم؟
– السبب أن الأحزاب الأخرى لم تحرك منسوبيها للإدلاء بأصواتهم، ولذلك جاء هذا الفارق الكبير في الأصوات، كما طالبنا مناديب الأحزاب بأن يحافظوا على الصناديق وأن يظلوا معها حتى لحظة فتحها، وعد الأصوات، ولكن (90%) من مناديب الأحزاب لم يتواجدوا بالمراكز.
{ خلال فترة الانتخابات اتهمت بالفساد بخصوص خلال مركز للتدريب خاص بك.. أين الحقيقة؟
– نعم كان لدي مركز متخصص في التدريب المتعلق بالانتخابات، والمركز أنشئ منذ عام 2002م، ولم ينشأ في عام 2009م، ووقتها أطلعت مولانا “أبيل ألير” رئيس المفوضية على هذا المركز من تلقاء نفسي، ولم يطلب مني أحد، وعندما برزت تلك المشكلة أصدرت المفوضية بياناً دافعت فيه عني، والحديث الذي كان يدور في بعض الصحف عديم القيمة والفائدة، والهجمة التي حدثت لم يكن المستهدف فيها “مختار الأصم”، بل كان المستهدف المفوضية، ووقتها كنت (عضو مفوضية)، والقانون نص على أن الأعضاء يمارسون حياتهم بصورة طبيعية، عدا رئيس ونائب رئيس المفوضية المفرغين تماماً، وذلك ترك لنا حق كسب العيش، عكس وضعي الآن، فأنا الآن مفرغ تماماً ولا يحق أي ممارسة أي عمل آخر.
{ ما هي الصيغة المثلى لانتخاباتنا؟
– لقد كتبت في وقت مضى سلسلة مقالات عن الطريقة المثلى للانتخابات، وأكدت أن التمثيل النسبي هو الأنسب، وطالبت بأن تكون المقاعد في التمثيل النسبي أكبر من المقاعد الجغرافية، فهذه الصيغة الأنسب للسودان وللأحزاب.. لأن التمثيل النسبي يعطي السلطة للحزب وليس للفرد، ويكون عدد المقاعد على قدر قوة الحزب، ولا يوجد فيها ظلم لأحد، ولكن ذلك لم يرضٍ الحركة الشعبية، فدعت لتمثيل نسبي قاصر على الولايات، ووقعت الأحزاب الكبيرة والصغيرة في خطأ أفقدت به التمثيل النسبي معناه، وأصبحت القوة النسبية للولاية، وأثر في تمثيل نواب المجلس الوطني الذين أتوا عبر الدوائر الجغرافية.. وكلنا نعلم أن المجلس يضع السياسة العليا ويجيز الميزانية ويخطط ويراقب، لكن لا يملك سلطة الخدمات.. لا الزراعة ولا الصحة ولا المياه ولا الطرق، كل تلك الخدمات لا تقع على عاتق المجلس.. إذن ماذا يفعل النائب الذي أتى من المنطقة (الفلانية)؟ ونعلم أن الناخبين عندما انتخبوا هذا النائب تم ذلك لحاجة محددة مثل الخدمات، وهذه الخدمات معنية بها الولاية وليس المجلس.. لذا هذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر.
{ يقال إن المفوضية لم ترضَ عن قانون الانتخابات السابق.. فهل سيتم تعديله؟
– المفوضية ليست المعنية بتعديل القانون، ولكن نحن رصدنا بعض المشاكل الموجودة في القانون السابق ورفعناها للمجلس الوطني.
{ ما هي تلك الأخطاء التي تضمنها القانون السابق؟
– في الانتخابات السابقة ادعت الأحزاب أن المفوضية خرقت القانون في تصويت القوات النظامية في ثكناتها.. ولكن هل الثكنات والداخليات تعتبر سكناً؟! هذه الجزئية تحتاج إلى معالجة.. والاقتراع بالخارج يحتاج إلى تعديل.. وتوزيع الدوائر الجغرافية، وغيرها من المسائل.
{ وماذا عن انتخابات والي القضارف؟
– الانتخابات قائمة في مواعيدها.
{ وانتخاب والي الشمالية؟
– وصل للمفوضية إخطار من رئاسة الجمهورية بذلك ووضعنا الدراسات اللازمة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية