أخبار

ترشيح البشير (1)

بعد سبعة أشهر من الآن مطلوب من المؤتمر الوطني ومن خلال مؤتمره العام في أكتوبر القادم اتخاذ قرار وحيد نهائي وملزم إما بإعلان ترشيح المشير “عمر البشير” رئيساً لدورة تبدأ عام 2015 م وتنتهي عام 2020 م ، وإما تسمية مرشح جديد يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة وينتظر حظوظه في الفوز أو الفشل .. وحتى الآن يكتنف موقف المؤتمر الوطني غموض يثير الريبة والشكوك فالحزب من أعلى هياكله يؤثر الصمت على الحديث المباح، وقبل أن يتحدث أي من قادته القدامى أو المتنفذين في مفاصله فإنه يلتفت ذات اليمين وذات اليسار (ويحسب) جيدا الآثار المترتبة على ما يقوله..
خاصة إذا كان للكلام صلة بالمسكوت عنه .. والاستثناء ما جاء على لسان دكتور “الحاج آدم يوسف” قبل أسبوع من الآن حيث قطع بأن المؤتمر الوطني سيرشح المشير “عمر البشير” لخوض الانتخابات القادمة واستهجن البعض التصريح لا رفضاً لمضمون ما جاء على اللسان الرئاسي ولكن البعض عاب عليه (التوقيت) واعتبروه تصريحاً في توقيت غير مناسب. ولكن دكتور “الحاج” اتسم تصريحه بالشجاعة في الجهر بما يعتقد أنه الصواب غير مبال بردة الفعل الغاضبة والباردة في جبهتي رفض التجديد لترشيح “البشير” وجبهة التجديد.
والمؤتمر الوطني حينما يعقد دورته القادمة في أكتوبر من هذا العام سيجد نفسه أمام امتحان عسير وصعب واختيار لمصداقيته من حيث التزام شعار التجديد والتغيير الذي رفعه الحزب طويلاً لكنه في الوقت ذاته تحاصره العواطف نحو رئيسه الذي ضحى بحياته وصحته وحمل روحه على كفه وقاد التغيير قبل أربعة وعشرين عاماً من الآن.. فكيف يتخلي الحزب عنه ويستبدله بمرشح آخر .. وقد أضحى “البشير” مطلوباً في محكمة لاهاي بسبب وجوده في السلطة ورئاسة حزب المؤتمر الوطني .
ولكن الرئيس “البشير” إذا أصغى لنصائح دعاة إعادة الترشيح والتشبث بالمقعد الرئاسي فإنه سيبلغ الــ (26) عاماً في الحكم المطلق ولا يزال يطمع في خمس سنوات أخرى لتسقط كل شعارات التجديد التي رفعها الحزب وتذهب تعهدات الرئيس الشخصية التي بذلها للشعب بأنه غير راغب في الترشيح للرئاسة مرة أخرى والسنوات الست والعشرين التي أمضاها الرئيس في الحكم تبادل موقع رئيس وزراء بريطانيا (5) رؤساء وتعاقب على حكم الولايات المتحدة الأمريكية (4) رؤساء ولم ينقص حكم “البشير” عن مجمل سنوات الخلفاء الراشدين الأربعة والرسول (ص) إلا بعامين فقط وهي أطول حقبة في التاريخ السوداني تقلدها رئيس من الخليفة “عبد الله التعايشي” حتي المشير “جعفر نميري”..
ولكن في تاريخ الشعوب من حولنا تجارب تفوق سنوات “البشير” في السلطة بعشرة أعوام .. لكن كل التجارب التي تمتد لسنوات طويلة تنتهي في الغالب بتراجيدية مأساوية وما حدث للعقيد “القذافي” و”حسني مبارك” إلا عبرة لأولى الألباب ولكن ما أكثر العبر وأقل الاعتبار
ولكن الممالك والمشيخات العربية تبدو صورتها أكثر قتامة ومأساوية والسودان وحكم “البشير” يمثل واحة ديمقراطية مقارنة بدول النفط والمال والثروة، ولكن هل الشعب السودان سيهبه الله قدرة على الصبر سنوات أخرى دون أن يثور ويخرج في الشوارع ويرفض تطاول حكم “البشير” وانسداد نوافذ التغيير والتجديد وحينها إذا استخدمت السلطة أدوات القمع والكبت فإنها ستكتب لنفسها نهاية محتومة مثل غيرها من الأنظمة العربية والأفريقية التي سقطت في السنوات الأخيرة برغم الاختلافات الكبيرة بين النظام السوداني والإنظمة التي سقطت .
إلا أن قضية الخلافة لا تبدو قضية هامشية كما يعتقد البعض ولا ترفاً للمثقفين (في البندر) ولا قضية نخب في الخرطوم بقدر ما هي قضية ترتبط بمستقبل التجربة الديقراطية في بلادنا ..
هل ستحقق النجاح أم تفشل وتسقط قبل أن تثمر وعداً وقمحاً وسلاماً..
ولا تبدو فرص الفشل رابحة إن أمسك المؤتمر الوطني بتلابيب الحكم وأقدم على خطوة محسوبة بدقه بعيداً عن الخوف والطمع والفشل.
 ولنا عودة ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية