الاعمدةعز الكلام

الأحزاب سبب (وكستنا) ونكستنا !

للأسف الشديد، قدمت الأحزاب السودانية صورة شائهة وبائسة عن الممارسة السياسية، وأكدت أنها السبب الحقيقي للأزمات التاريخية التي ظللنا نعاني منها، وهي لم تثبت أبداً في كل الفرص التي سنحت لها أنها أحزاب قادرة على أن تنقلب على نفسها وتثور عليها وتترك الأنانية وحب السلطة وشهوة المحاصصات لتصبح أحزابا تقود الشارع نحو قيم العمل والنهضة والبناء، وما أن تجد فرصة وهي دائما فرص يصنعها لها الشارع إلا وتمارس هذا العشق العجيب للسلطة، والدليل على ذلك أن كل الأحزاب الموجودة الآن على المشهد السياسي بعد ثورة ديسمبر المجيدة تركت كل مطالب الثورة ومبادئها واستحقاقاتها واتجهت بكاملها نحو المحاصصة ولعب لعبة الكراسي بمهارة تحسد عليها.
ودعوني أضرب لكم مثالا بسيطا على ذلك وحزب البعث مثلا وهو حزب من حيث الجماهيرية لاوجود له على أرض الواقع ولا يملك سندا شعبيا يجعله يجتاح انتخابات في مدرسة ثانوية ناهيك عن انتخابات عامة لحكم البلاد هذا الحزب كان نصيبه من صفقة الأحزاب التي اجتمعت بربطة المعلم على أن تقسم المناصب (كيمان)، كان نصيبه على ما يبدو ولاية الخرطوم يفعل فيها ما يشاء والسيد الوالي المنضوي تحت لواء الحزب وهو في الوقت ذاته والي النيل الابيض وهو كذلك وزير الحكم الاتحادي جعل من ولاية الخرطوم إقطاعية خاصة بحزبه وأصبح كل همه وغاية نجاحه تسكين كوادر حزب البعث في الوظائف العامة ليكون مدير عام وزارة البنى التحتية بعثيا ومدير جهاز التحصيل الموحد بعثيا ومدير شركة مواصلات الخرطوم بعثيا والمدير التنفيذي لمحلية جبل اولياء بعثيا والقيادات بوزارة التخطيط العمراني رفقاء من حزب البعث،، حتى هيـئة تلفزيون وإذاعة الخرطوم لم تنج من (قسمة ضيزى) فجيئ لها بمنتج مغمور كل امكانياته في الدنيا (دي) أنه رفيق في حزب البعث، و(في ستين داهية الكفاءة والخبرة، وفي ستين داهية اي معطيات) تؤهله للجلوس على كرسي يقود حركة التنوير والإبداع في الولاية والسودان بأجمعه.
هذا هو للأسف الشديد الوجه الأسود الكالح للأحزاب السودانية التي تكذب وتدعي أنها تتجمل لتغير من حقيقة أوضح من عين الشمس أنها سبب (وكسة) ونكسة هذه البلاد وهي التي تآمرت في حقب تاريخية كثيرة على الديمقراطية ثم جاءت تذرف الدموع وتتباكى على الحرية وهي التي تتصارع على المناصب والمغانم وتنسى مطالب الشارع وتسد أذنيها عن هتافاته وما يحدث الآن من الأحزاب كافة بما فيها أحزاب قوى الحرية والتغيير التي أكدت بما لايدع مجالا للشك أنها ليست قوى للحرية ولا أذرع للتغيير بل هزمت ثورة عظيمة مهرها غال من الدماء والدموع وسرقت تعب شباب نزر نفسه لصناعة مستقبل أخضر وواعد وعجزت الأحزاب أن تقدم تجربة عظيمة من الشفافية والتجرد والوطنية الخالصة تستوي في ذلك الأحزاب التقليدية وأحزاب الايديولوجيات اليمينية واليسارية وجميعها مصابة بلعنة الأنانية وحب الذات. وكان الله في عون السودان.

كلمة عزيزة

الإرهاصات والتسريبات التي خرجت إلى السطح عن التعديل الوزاري الذي سيقوم به السيد رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك تشير إلى أنه تعديل لن يطال وزير المالية و(بكده يكون معالي رئيس الوزراء بعاين للفيل ويطعن في ضله)، إذ أن أي تغيير يطال الطاقم الاقتصادي ولا (يهبش) وزير المالية يصبح لا قيمة له، خاصة والسيد البدوي (جاي) بروشتة البنك الدولي ووصفته العلاجية التي توصي وتسمح بقطع الأطراف حتي يظل الرأس حياً وقطع الأطراف في السودان يعني موت الغلابى ومحدودي الدخل والفقراء وأصحاب المهن الهامشية والمعاشيين، لذلك وجود وزير المالية بالسياسات ذاتها والعقلية ذاتها لن يخرجنا أبدا من نطاق الأزمة وتداعياتها، وسنظل ندور ونلف (زي تور الساقية) مغمض العينين.

كلمة أعز

لن نخرج أبدا من هذه الحفرة طالما نحن نهيل على أنفسنا تراب الكراهية والانتقام والحقد الأعمى، ناسين أننا جميعا بالداخل لن ينجو من الدفن أحد، لن ننجو طالما أن البعض يزرع في الشباب الحقد والتنمر وتجاوز خطوط الاحترام والأدب، لن ننجو طالما أن البضاعة الرائجة الآن هي كيف تسب خصمك وتكيل له الشتائم وتنسج حوله الإشاعات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية