رغم ضبابية الأفق الاقتصادي وتدهور الحالة المعيشية للمواطن الذي (كمل فهم الصبر) أمام تكبر وتجبر الأسواق والأسعار ورغم أن معظم الأسر تنتظرها أعباء كبيرة والتزامات فوق طاقتها ما أن تعود الحياة إلى دورتها الطبيعية بعد تعافينا من جائحة كورونا وهي التزامات لن ننجو منها جميعنا في حراكنا العادي والمدارس والجامعات على الأبواب وهو أكبر التزام يومي تواجهه الأسر ورغم ضبابية الموقف الدوائي ومشكلة توفر الدواء التي تتعقد كل صباح وليس هناك بارقة أمل لحلها سريعا في ظل التبلد و(الطناش) الذي تمارسه الأجهزة الرسمية ومحاولة تعتيم الحقيقة المرة رغم كل ذلك إلا أنه يقلقني أكثر ذلك الشرخ الكبير الذي أصاب الشخصية السودانية وهو شرخ يظهر جليا في وسائل التواصل الاجتماعي ويظهر أكثر في شكل الممارسة السياسية وتقبل الآخر، فتابعوا ما يحدث من مستوى في الانحدار اللفظي والتعدي السافر على الخصوصيات وحالة الافتراء والبهتان والكذب الصريح (ويحسبونه عند الله هينا) وروح العداء غير المبرر وكأننا البلد الوحيد في العالم الذي يشكل مشهده السياسي والاجتماعي حالة الاختلاف في الرؤى والأفكار والايدولوجيات وهو اختلاف لا يستحق أن يصل إلى هذه المراحل من الفجور والخصومة ورفض الآخر لو أنه كان اختلافا خالصا لوجه الوطن، لكن القصة دخلت فيها الأطماع الشخصية والمصالح الذاتية فتحول الاختلاف إلى خلاف سيقود البلد للاسف إلى حتفها وليس هناك أكثر إيلاما وقبحا من أن يحتفل سوداني بازهاق روح سوداني آخر حتى لو كان مختلفا عنه ظاهرا وباطنا كما حدث في حادثة قتيل الدروشاب الشاب الذي قتلته رصاصة غادرة وهو فعل كان يجب أن يجد الاستهجان والرفض من كل قطاعات المجتمع ومن الحكومة ومن حاضنتها السياسية قحت لكن للاسف لازم هذا الأمر الشنيع صمت مريب لم يجد حتى الإدانة والاستنكار من الحكومة ولم يفتح الله على رئيس الوزراء بتغريدة عابرة كما يفعل في (الهينة والقاسية) لعلها كانت تنزل بردا وسلاما وتؤكد أنه رئيس لكل السودانيين المختلفين معه قبل المؤيدين له، لكن واضح أن السياسة في السودان تنحدر كما تنحدر وتهبط كل القيم والقمم عندنا وواضح أن غياب الساسة الكبار الذين ارتحلوا إلى خالقهم شكل (فرقة) لن يسدها أحد وهم برغم ما ارتكبوه من أخطاء تاريخية مؤكد ما كانوا سيعرضون البلد في سوق النخاسة كما يحدث الآن ولا أدري لماذا يمر على خاطري دائما في هذه الظروف الاستاذ محمد ابراهيم نقد رحمه الله الذي لو كان موجودا بحكمته ووطنيته لما كانت قاطرة اليسار شهدت هذا الانزلاق والتخبط الذي يكاد يدهس كل آمال البلد وأحلامها وأمنياتها.
في كل الأحوال، إن شعبنا الواعي الذي ظل وعلى طول تاريخه يستوعب ويحتضن المكونات السياسية كافة ولم تخل البيوت من الاشقاء المختلفين سياسيا لكن تجمعهم قبلة الصلاة و(صينية الغداء ولمة العصرية) بلا شك شعبنا لا يستحق أن يتقدمه ويقوده أي موتور أو مريض نفسيا يريد أن يصفي حساباته وينتقم لنفسه على حساب بلد ومقدرات أمة ويركب على ظهر ثورة صنعها الشباب الذين اكتووا من نيران البطالة والعطالة والتهميش ليكسروا القيد وينتصروا لجيلهم ثم يقعوا من جديد في براثن قيد مفتاحه صدئ سيتسبب لنا في (تاتنوس وغرغرينة) لا يعلم خطورتهما وكارثيتيهما إلا الله.
كلمة عزيزة
الوقت الذي أنفقناه في المعارك الكلامية والتنمر على الآخر واستعراض عضلات الفهلوة السياسية لو أننا أنفقناه في الالتفاف حول مشروع وطني صادق وتشكيل حكومة كفاءات بقامات شعبنا استنهضت الهمم ووجدت ما تستحق من الدعم والالتفاف لما كنا الآن في مفترق طرق مظلمة نبحث عن مسارات لتصحيح الثورة. والله غالب.
كلمة اعز
واضح أن كثيرين محتاجون لتوضيح معنى كلمة ثائر وكلمة وطني، وعندها سيدركون أنهم مجرد (رداحين) مكانهم الحقيقي الذي لن يغادروه هو صفحاتهم على (الفيس بوك) لأنهم على ارض الواقع صفر كبير!!!