للأسف والأسف الشديد لم تنج ثورة ديسمبر العظيمة من الوباء ذاته الذي ظل يترصد كل ثورات شعبنا العظيم وأعني وباء السياسيين بنخبهم وتكتلاتهم وأحزابهم وليس هناك دليل على هذا الخذلان أكثر مما يحدث الآن على الساحة السودانية وثورة ديسمبر لم تشخ وتذبل وهي في عز شبابها إلا لأن السياسيين سرقوا جمالها ونضارتها وحولوها إلى عجوز بائسة تعاني الأمراض والكساح والصمم والبكم, وهذه الثورة العظيمة التي فجرها الشباب ولم تستثن فردا في البيوت السودانية التي تحولت بنسائها ورجالها إلى حالة ثورية كاملة الدسم كان يمكن أن تصبح نقطة تحول في تاريخنا بأكمله لولا أن حشر الساسة أنوفهم فيها ودخلنا الشارع المظلم ذاته الذي دخلناه في اكتوبر وفي أبريل لنواجه في نهايته الوجوه ذاتها والاقنعة ذاتها وكأن التاريخ يعيد نفسه وكأن الدرس يتكرر للمرة الثالثة وكأننا لا نفهم ولا نتعظ. ودعوني أقول إن واحداً من أكبر المؤشرات أن السياسة في السودان هي الموجة العالية التي تغرق كل آمالنا في صناعة مستقبل أخضر، ما يحدث الآن في تجمع المهنيين، هذا الجسم الذي التف حوله الشارع في لحظة من اللحظات العصيبة وكان يأمر فيطاع، يطلب ويقال له حاضر، وكان يمكن أن يمثل نبض الناس ومحل ثقتهم حتى نعبر هذه المرحلة الخطرة من تاريخنا لكن سرعان ما اتضح أنه ليس استثناء من حالة الأنانية والبحث عن المغانم والمحاصصات كما حال كل الكتل والكيانات والأحزاب السياسية فتصدع وانهار وانكشف للشارع وتحول من خانة المتفق عليه لخانة المرفوض، وإذا كان هناك من يغالطني فارجعوا للصفحة الخاصة بالتجمع التي كانت معبدا ومحرابا له لا تقرأ فيها إلا عبارات التأييد والحب والغزل، وقد تحولت التعليقات إلى لعنات واستخفاف واستهزاء واستنكار وتحول الهيرو إلى زيرو في لمحة بصر.
وبدلا من أن ينشغل الساسة برأب صدع الوطن ولملمة جراحاته والبحث عن طرق لحل مشاكله العويصة انشغلوا بحلحلة مشاكلهم ورأب الصدع في حوائطهم الآيلة للسقوط فانشغلوا عن مشاكل الوطن بمشاكلهم وعن نزاعاته التي اريقت بسببها الدماء بنزاعاتهم المتكررة المتجددة وكان أولى بهذا الجهد والوقت الوطن(الممكون وصابر).
الذي أود أن أقوله إنه وطالما أن المشهد السوداني تتصدره هذه الأحزاب بمشاكلها الموروثة وبمطامعها المعروفة فإننا لن ننجو ولن نصل إلى بر الأمان ويا لهف قلبي على أهلي وعلى وطني وعلى الذين يحلمون بوطن تسوده العدالة والحرية والمساواة وظنوا أن تحقيقها سيتم ما أن تسقط الإنقاذ ولم يدروا أن هناك أصناماً تحتاج لمعجزة من السماء حتى تزلزلها ويعود الحق أبلج كفلق الصباح وتعود الحقوق للمظاليم والتعابي والغبش والله غالب.
كلمة عزيزة
ظلت الأخطاء والهفوات تتكرر في الفضائية السودانية في الفترة الاخيرة بشكل مخجل ومحير فإن كانت هذه الأخطاء مقصودة لإفشال تجربة الأخ لقمان أو كانت هي أخطاء لأن لقمان نفسه فشل في خلق إضافة أو وضع بصمة أو حتى تشكيل ورسم أفكاره وخططه فإن لقمان يتحمل المسؤولية في كلا الحالتين لأنه إن كانت الأولى فهذا معناه أن الرجل فشل في أن يكتشف المخربين أو الدولة العميقة داخل التلفزيون (وجابو يصيدهم صادوه) أما إن كانت الثانية فهذا معناه أن لقمان ليس له جديد يقدمه ولا يحمل رؤية والتلفزيون بوضعه الحالي ليس محتاجا لمحاور أو مقدم برامج بقدر ما هو محتاج لإداري يخرج الفضائية من نطاق المحلية الذي ظلت محبوسة فيه ولم تستطع أن تطرح قضايانا للعالم بشكل لائق ومقنع. (غايتو في كل الأحوال الله يعينك يا لقمان).
كلمة اعز
رغم الضبابية والتخبط الذي يشوه الآمال والأحلام لكن ثقتي في الله كبيرة أن تنجو بلادنا بدعوات الصادقين والصالحين وببركة دماء الشهداء الأبرار وتنتصر على كل الصعاب وتعبر المتاريس والمطبات.