أمريكا تحترق.. وتختنق
فنجان الصباح
أحمد عبدالوهاب
أمريكا تحترق.. وتختنق
في بداية التسعينات كتب أكاديمي سوداني مقالة لمجلة (نيوز ويك) في باب رسائل إلى المحرر جاء فيها: (ستعرف أمريكا المحتمية بالمحيطات البعيدة عن مدى الصواريخ، طعم الحرب والموت، عندما ترى قصفاً مركزاً على الكابيتال هيل أو صواريخ تدمر مدينة ديزني لاند).
اليوم أدرك شعب الولايات المتحدة شرور إداراته.. بداية من أكذوبة الحرب على الإرهاب مروراً بغزوها دولتين بدون ذنب.. وصولاً إلى جائحة كورونا التي انقلب فيها السحر الصيني على الساحر الأمريكي.. واكتشافه مؤامرة الملياردير الأمريكي القذر لحقن الشعوب بلقاح قاتل.. عمل يعكس مدى وحشية الإمبريالية بالخارج.. فيما تعكس قصة قتل الزنجي فلويد عمداً بيد الشرطة عن عنصرية أمريكا بالداخل.
تسقط أمريكا في عيون عشاق حياتها النزقة، وتتعرى أخلاقياً قطعة قطعة، كفرعون معاصر رجيم.. تكفر أمريكا كل يوم بديمقراطيتها المزعومة وتتخلى عن قيم مدعاة وحريات مشتهاة بدعمها كل طغاة الشرق، وكل جبابرة الغرب، تنسى قيم الحرية عند أول بئر زيت، وتسكت عن التغريد بالحريات عند أول خيمة لطاغية نفطي.
وفيما العالم منشغل بالتطوير والتعمير تراها مشغولة بمطاردة عدو مصنوع أو متوهم صنعته بيديها على سفوح الهندكوش أو في وادي الرافدين.. ترسل له أولادها المحاربين أو طائراتها المسيرة.. وتكبد العالم خسائر فادحة.. عندما يتطور العالم للأمام، تتطور أمريكا إلى الأسفل وتمضي إلى الأسوأ.. ناسية شعوبها نهباً للعطالة والعنصرية والفقر والمخدرات، وتترك السود تحت رحمة البوليس الفيدرالي المتوحش.. إذ لم تكد تنطفيء حرائق بسبب قتل راكب الدراجة البخارية الأسود في تكساس عام ١٩٩١م حتى اندلعت بسبب قتل زنجي خنقاً تحت حذاء العنصرية القذر بينما كان عبثاً ينادي قاتله (لا أستطيع أن أتنفس).. وهي عبارة صارت شعاراً لكل المدن الأمريكية في ثورة عارمة، إنها انتفاضة ضد عدالة الرجل الأبيض العرجاء.. انتفاضة لها ما بعدها.. فالعالم بعد كورونا ليس كما قبله.. وأمريكا بعد انتفاضة حزيران ليست كما كانت قبلها.
وبالأمس خرجت صحيفة (يديعوت احرنوت) الاسرائيلية وعلى صدر صفحتها الأولى عنواناً يقول: أمريكا ساحات معارك حقيقية أسوأ من الصومال.. وقديما قال الشاعر:
ليس الكريم على القنا بمحرم..
وكما يدين الفتى يدان..