أزمة الرؤيا والقيادة
إن منعت وزارة الثقافة والإعلام دخول بعض الكتابات التي تميط القناع عن اللثام في السودان بعد عشرين عاماً لم تمنع “الإنترنت” وتسرب المعلومات ونشاط سوق الأسرار حتى ولو كان المنشور لا يحمل لما يدهش ولا يملك بجعبته أي سر، وقد قرأت وأنا في قاهرة المعز الكتاب الذي كتبه الأستاذ “عبد الغني أحمد إدريس” عن أزمة الرؤيا والقيادة، ولم أكمل التجوال عبره حتى سمعت السيد وزير الخارجية “علي كرتي” يكمل الصورة في برنامج “الطاهر حسن التوم” ليؤكد أن هناك فرقة كبيرة وعدم تناغم في منظومة الحكم في السودان تستدعي الوقوف معها بكل حصافة وتروٍّ، ولنبادر بأسئلة مهمة جداً، هل السودان يحكمه أفراد أم يحكمه برنامج وحزب؟ وإن كان الحكم لأفراد فهذه مصيبة كبيرة، وحتى هؤلاء الأفراد هل كل واحد منهم مسؤول عن موقعه وهو لديه مطلق السلطات يتصرف فيه حيث يشاء؟ أم مسموح حتى أن يتعدى على حرز قرينه في الموقع المماثل؟.
سعادة الوزير “كرتي” أطلق كل ما يملك لديه على الهواء الطلق دون مراعاة لقوانين ولوائح وزارة الثقافة والإعلام وما يُسمى بالمصنفات الأدبية التي تمنع ناس “قريعتي راحت” من قولهم وإن كان صواباً! كما أنه تحدث بأسى بالغ عن حليف السودان هل إيران حيث الشيعة ولا تساند إلا من شايع المذهب فهي فقط تدفع لـ”نصر الله” وتعطيه عطاءً غير محدود وتدفع لـ”الأسد” وتساند شيعة البحرين وتمد يدها بيضاء لدعم المراكز الثقافية الإيرانية في الخرطوم، ولا نسمع ونحن لعشرين عاماً نبايعها أنها فعلت أو دعمت مشروعاً قومياً يستفيد منه السنة والشيعة في السودان، بل كل ما فعلته أنها ترسل بوارج استطلاع لتشغل العدو الإسرائيلي عنها ويتجه صوب السودان لتأخذ فترة تمويه جديدة.
إنني بكل حق أعتقد أن رأي “كرتي” رغم بواحه للناس في وقت غير مناسب، إلا أننا بحاجة إلى إعادة ترتيب وتوفيق أوضاعنا الداخلية والاستفادة القصوى من هذه الزفرات التي يحسبها بعض الناس نشازاً، ولكنها أكيد ستلقي بظلالها على وطن ظل حبيساً بين انعدام الرؤيا وأزمة القيادة ولو قمنا باستفتاء لهذا الشعب الفقير لصوت للخليج ولو ألزمتموه بلبس الفعال لفعل؛ للروابط الكبيرة بيننا معهم.
بابكر محمد حسن