الحكمة الغائبة!!
{ ليس أمام مؤتمر الضعين من خيار غير إقرار اتفاق تتراضى على بنوده بطون قبيلة المسيرية ينهي دورة العنف والقتل التي تفشت في المنطقة إثر خلاف بيِّن لم يجد الاهتمام الحكومي بنزع فتيله ولا حكمة القيادة التاريخية للمسيرية ممثلة في روح الناظر “بابو نمر” الذي بحكمته أقر مبدأ تعايش تاريخي بين المسيرية والدينكا في الوقت الذي فشلت فيه الدولة والحكومات المتعاقبة في التعايش مع الجنوبيين حتى انتهت تراجيديا النزاع لانفصال لعُرى الوطن..
{ الحكومة قصيرة النفس بطبيعة الحال وتسعى لإقرار التسوية عاجلاً في غضون يومين أو (24) ساعة كما دعا لذلك “حسبو محمد عبد الرحمن” وزير الحكم اللامركزي فإن صبر أيوب مطلوب جداً من الوسطاء والأجاويد حتى (لا يطبخ) صلح لا يدوم إلا أياماً محدودة ويعود للانفجار مرة أخرى.. بالأمس هاتفني أحد زعماء المسيرية التاريخيين وحفظة تاريخها القديم وشهود عصرها الشيخ “علي محمد الفقير الجبوري” الذي يبلغ من العمر الآن نحو (90) عاماً ولكنه بذاكرة لا تصدأ وروح وثابة وقلب أبيض.. صحح الشيخ “الجبوري” معلومات أوردتها في مقال يوم (الأحد) الماضي عن الصراع حول الأرض في المنطقة الذي أدى لإزهاق أرواح بلغت المئات وهددت أمن البلاد القومي.. رواية الشيخ الجبوري تقول إن الناظر “بابو نمر” حينما وحد المسيرية عام 1942 في نظارة واحدة تحت قيادته وبطوع المسيرية الحمر والزرق رفع أمام المؤتمرين حزمة أوراق عبارة عن خرائط صادرة من المفتش الإنجليزي بالحدود بين بطون المسيرية.. وأضاف “الجبوري” كنت شاهد عيان في المؤتمر.. رفع الناظر “بابو نمر” الأوراق وقال هذه وثائق الحدود بين المسيرية ومزقها على رؤوس الشهود ومنذ ذلك التاريخ تم إلغاء الحدود تماماً..
وأضاف “علي الجبوري” في شهادته أن النزاع بين أولاد هيبان والغزايا وهم بطون المسيرية الزرق انتهى بترحيل الغزايا لمناطق شرق لقاوة لأنهم كانوا الطرف المعتدي ولم يتم ترحيل أولا هيبان من مناطقهم التي يتواجدون بها منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم..
{ لكن حقائق التاريخ وادعاء ملكية الأرض لا يحقق التعايش ويحفظ الأرواح من الهلاك.. التعايش تصنعه القيادات الكبيرة التي تصقلها المحن وتختبرها المصائب.. واليوم تمتحن قيادات الدولة وحكوماتها.. وقادتها السياسيون في كيفية تجاوز محنة الصراع القبلي الذي بات يهدد الأمن القومي..
أما قضايا ملكية الأرض فهي من القضايا التي أضحى حلها فرض عين بعد أن أصبحت الأرض سبباً في الموت بالآلاف وما يحدث في السريف بني حسين وأرض المسيرية ما هو إلا نزاع عقيم حول الأرض وبكل أسف الدولة تمارس (الفرجة) ولا تملك رؤية تمكنها من إقرار حلول لقضية باتت تهدد الأمن القومي..