أخبار

المجهر تنشر مقال القيادي الشيوعي “كمال كرار” في الرد على وزير المالية : غشاني يا عمدة !

غشاني يا عمدة

كمال كرار
٢٥مايو٢٠٢٠م

في الاقتصاد تسمى الأجور النقدية بالإسمية،وهي النقود التي تصرف من شباك الخزنة أو البنك (ماهية كانت أم معاش)،وهنالك الأجور الفعلية وبقصد بها كمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بالأجر الإسمي ..
كمثال فإن ال100 جنيه إن كانت تستطيع شراء 100 كيلو سكر بواقع الكيلو بقيمة واحد جنيه،فهي فعلياً أكبر من ال 1000 جنيه التي تشتري فقط 10 كيلو سكر بواقع الكيلو 100 جنيه..هذا على سبيل المثال .. إذن الحاسم في مسألة تحسين حياة الناس وتقليل كلفة المعيشة هي القدرة على شراء المستلزمات وتلقي الخدمات. أي الأجور الفعلية التي يتلقاها المواطنون نظير أعمالهم ..
زادت أجور العاملين بالدولة(الإسمية) الآن إلي خمسة أضعاف ..هل زادت الأجور الفعلية ؟ السؤال ينقلنا إلي مستويات التضخم والأسعار في السوق ..ونسأل مجددا عما إذا كانت هذه الخطوة مصحوبة بفعل حقيقي على مستوى السياسات الكلية من أجل دعم الإنتاج المحلي،وتثبيت الأسعار وخفض معدلات التضخم وغيرها .. لا يوجد للأسف ..
وفي هذه الحالة وكما يقول الإقتصاد البرجوازي (الذي يفتتن به البعض هنا) فإن النتيجة ستكون (دوامة تضخم) وشرحها كالتالي :
زادت المرتبات في القطاع العام فزاد الطلب الكلي على السلع بمقدار زيادة الأجور..ولكن العرض ثابت والنتيجة زيادة الأسعار (راجع كتاب السيد هانسون في الاقتصاد المقرر على طلاب السنة الأولي على أيام دراستنا)..
وستنسحب الزيادة على العاملين في القطاع الخاص،فإن زيدت مرتباتهم بهذا القدر،فأصحاب العمل سيعوضون نفقاتهم التي زادت عن طريق زيادة أسعار منتجاتهم ..
مصنع الزيت الذي يبيع الرطل بواقع 100 جنيه،لو رفع المرتبات إلي 500% ،فسيبيع الرطل ب 500 جنيه،وقس على ذلك ..
إذن سترتفع جميع أسعار السلع والخدمات بنسب تفوق الزيادة في الأجور ..
ولو زادت أسعار المنتجات المحلية،إلي ما فوق قدرة الناس على شرائها فالكساد قادم وستغلق المصانع أبوابها ويتشرد العاملون ..
وربما رفض أصحاب العمل زيادة مرتبات العاملين بهذه الحجة أو تلك،ولا توجد نقابات الآن،فكيف ستفرض الدولة رأيها عليهم،وهي لم تقدم لهم أي دعم لخفض تكاليف الإنتاج وتشجيعه ..هذا سؤال لا يستطيع البدوي الإجابة عليه ..
واقتصاديا فإن التضخم الذي ينتج عن رفع الأجور،يخلق تضخما موازيا ناتجا عن ارتفاع التكاليف..ودوامة التضخم هذه مثل الشيمة نتيجتها تعميق أزمة الإقتصاد ..
ونسأل البدوي إن كانت الزيادة في الأجور لهذا العام تغطى من أموال إزالة التمكين،فكيف الأمر في العام القادم !! والإجابة دون شك من طباعة العملة (رب رب )..وطبعت الإنقاذ المبادة العملة كيفما اتفق،والدولار قفز من 3 جنيهات إلي 60 جنيها،وبنهاية 2020 يصل الدولار إلي 200 جنيه (وسأذكركم)..
ومتى تقفز الأسعار إلي السماء السابع ؟! بعد شهر من الآن عندما تخلص المخزونات الحالية وتنجلي الكورونا …
وستقول المعلمة قمرية (حينذاك) أن مرتبها القديم (3000) كان يشتري 50 صحن فول مصلح بواقع الصحن 60 جنيها،أو 43 كيلو سكر،أو 100 رطل لبن لبناتها الصغيرات..ولكن ال (30000) الجديدة لا تستطيع شراء 40 صحن فول أو 30 كيلو سكر .. وأنها كانت تدفع للكهرباء 300 جنيها في الشهر،ولكنها الآن تدفع 1500 جنيها،وأنها كانت تركب المواصلات بعشرة جنيهات والآن 100 جنيه،وكانت تشتري دواء الملاريا ب 50 جنيها والآن ب 500 جنيه..
وماذا سيحدث آنذاك ؟؟ تقوم قيامة الإقتصاد …ويعتذر البعض في التلفزيون بالقول (غشاني يا عمدة) ويقصدون صندوق النقد الدولي،وسيقول الشعب لهم ما دام الأسف ..
وأي كوز مالو ؟؟؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية