الاعمدةعز الكلام

لمصلحة من يجهز مسرح الفوضى والغدر والخيانة ؟!

في كل بلاد العالم الأول والثاني والثالث والرابع، إن كان هناك رابع، تلتقي قناعات الناس وتتوافق رؤيتهم تجاه الشرطة، ويتفقون على أنها هي ممثلة القانون الذي نجلس جميعا تحت مظلته وهي إعطاء الحقوق والاقتصاص من المذنب، وهي قناعة يجب أن تسود وتصبح عقيدة ومبدأ، متجاوزة الهنات والغلطات التي هي أمر طبيعي ووارد في مؤسسة كبيرة تضم الآلاف من البشر بمختلف أفكارهم وقناعاتهم وحتى تقلباتهم النفسية واختلافاتهم المجتمعية.
لكن الأصل عندنا أن الشرطة هي ممثلة القانون وهي الجهة التي يجب أن تكون لها هيبتها ورهبتها وأثرها، حتى لو أن هناك أخطاء فإنه يمكن معالجتها داخل المؤسسة، ولو أن هناك تجاوزات، فإنه يتم محاسبتها وإصلاحها في إطار اللوائح والنظم العسكرية، لكن محاولات استهداف الشرطة والتقليل من شأنها ومحاولات شيطنتها، هي محاولات غير مسؤولة ، لأن أفراد هذه القوات هم أيضا سودانيون تأثروا بحالة المد والجزر التي أصابت الحياة السودانية في عمومياتها وهم بالتالي ليسوا بعيدين عن مد الثورة ولا بعيدين عن آمال الناس وأحلامهم، لذلك لا يمكن بترهم أو الاستغناء عنهم وعن الأدوار العظيمة التي يقومون بها.
وعلى فكرة هناك جهات تقوم بتسخين الشارع كل مرة على المنظومة العسكرية، يعني مرة تتم شيطنة القوات المسلحة والدق على وتر الفتنة بينها وبين الشارع، بل والإساءة لقادتها بشكل مفضوح ومحاولة حرمانهم من تثبيت دورهم التاريخي في الانتصار والانحياز للثورة، وما أن تهدأ العاصفة حتى يقوم البعض بمهاجمة الأمن وشيطنته هو الآخر ومحاولة تصويره بأنه عدو وضد مصلحة البلد، رغم أنه ليس هناك دولة في العالم ليس لديها أجهزة أمنية واستخباراتية، وما أن تهدأ العاصفة حتى ترتفع الأصوات مجدداً لمهاجمة الشرطة والإساءة لها ومحاولة وصمها بالخيانة، فلمصلحة من تحاول هذه الأصوات تجهيز المسرح السوداني ليكون خالياً لمسرحية ما ضبابية السيناريو ظلامية الفكرة؟؟
لمصلحة من يحاول البعض أن يجعل البيت السوداني هاملاً ومن غير أبواب ولا شبابيك ولا حتى سور؟؟؟ لمصلحة من هناك من يريد أن يجعلنا قاعدين في السهلة تنتاشنا الذئاب والكلاب؟؟ لمصلحة من ترتفع هذه الأصوات المشككة في أركان أمننا وخطوط دفاعنا الأولى في وجه الأعداء والمتربصين؟؟ لمصلحة من محاولات بعضهم توسيع الشقة بين القوات النظامية والإنسان السوداني.؟
الذي أود أن أقوله إن محاولات تفكيك هذه المؤسسات بدق إسفين فيها أو نخر السوس الذي يحدث في عضمها، لن يورد بلادنا إلا إلى موارد الهلاك، وبالتالي نحتاج أن نحكم صوت العقل والمنطق.
وليس مقبولاً ولا مهضوماً أن تخرج أصوات مطالبة بإقالة مدير الشرطة الفريق أول عادل بشائر، لأن هناك فرداً من وجهة نظر المطالبين، أخفق في أداء واجبه، لأنه لو طبقنا هذا القياس بعدالة فهذا معناه أن نعفي وزير الطاقة إذا تقاعس عامل في محطة بنزين عن أداء عمله، ومعناها أن نقيل وزير الإعلام إذا أخطأ محرر النشرة في الفضائية الرسمية وأورد خبراً غير صحيح، ومعناه أن نقيل وزيرة الشباب لو أن المنتخب القومي (أخد على راسه تلاتة صفر)، ومعناها أن نطالب باعفاء وزير الصحة لأن الأطباء رفضوا المداومة في المستشفيات، ومعناها وزير الزراعة يقعد في بيته لأن الموسم الزراعي فشل، والمفروض أن يستقيل رئيس الوزراء نفسه متحملا وزر واخفاقات وزراء الحكومة الفاشلين.
هذه هي العدالة والمنطق والمساواة في تحمل المسؤولية، وحتى لا يصبح الفريق أول عادل بشائر في وجه المدفع ويمسح تاريخ الرجل الذي يتحمل المسؤولية الصعبة في وقت عصيب، وبالتالي يستمر نزيف الكفاءات وتفقد مؤسساتنا كل صباح خيرة رجالها بسبب هذه الدعوات والمطالبات غير المسؤولة.

كلمة عزيزة

هل معقولة بلغت بالبعض الجهالة أن يطالب بتسليح الأطباء في المستشفيات، كما طالب بذلك البعض في صفحاتهم؟ يا سادة، الأطباء محتاجون أن يتسلحوا بالإنسانية والتواضع والإحساس بالآخر، وعلى فكرة هي قيم متوفرة عند الغالبية العظمى منهم، احتراما وعلما وأدبا، لكن المشكلة أن الخير يخص والشر يعم.

كلمة أعز

على حسب ما جاء في الأخبار أن الفريق حميدتي وجه بحماية الأطباء بواسطة قوات الدعم السريع، وبصراحة ده كلام غريب يعمق الأزمة ولا يحلها.. طيب ومين يحمي المريض السوداني الذي يذهب لمستشفيات الحكومة عيان وفلسان ومحبطاً ؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية