شوارع (وسخانة) وقصور (معطرة)!!
{ سألت نفسي أكثر من مرة: ما الذي يجعل مواطني وسط “بورتسودان” أحرص على نظافة الشوارع، من سكان الخرطوم (العاصمة)؟!
{ كلما رأيت أحدهم يقود سيارة من طراز حديث في الشارع العام ثم يلقي فوارغ المأكولات والمشروبات الغازية، تأكدت من أنه شخص (متخلف) يحتاج إلى دورات (تعليمية) و(تدريبية) في كيفية احترام المظهر العام للمدينة التي رضيت أن تحتضنه مواطناً فيها.
{ سكان “بورتسودان” – بصفة عامة – أكثر فقراً من سكان “الخرطوم”، لكنهم يحترمون مدينتهم، ويقدرون اجتهادات واليهم “إيلا”.
{ النظافة من الإيمان، وتنظيف الشارع لا يقل أهمية عن نظافة (السينات الثلاث).. سراميك.. ستائر.. سجاد..!!
{ حدثني رجل أعمال (عربي) مستثمر في السودان، قائلاً: (أنا أتعجب من السودانيين، فالواحد منهم يبني بيتاً من أربعة طوابق، يكلفه عدة مليارات من الجنيهات، بينما لا يكلف نفسه ردم الطريق أمام البيت، دعك من سفلتته، ولا يكلف ذلك سوى بضعة آلاف)!!
{ وقد صدق المستثمر (العربي)، وأصاب في ملاحظته الدقيقة والعميقة، وهي تعكس روح (الأنا) واللا مبالاة تجاه الآخر، حتى ولو كان هذا (الآخر) هو الوطن.. (البلدة) أو (الحي) الذي يقيم فيه (مليارديرات) آخر الزمان!!
{ أمس فقط صادفتني بمدينة الثورة (أكوام) من الأوساخ منتشرة على مساحة ممتدة جوار مدرسة أساس وقبالة قصر منيف من ثلاثة طوابق..!! قلت لنفسي: (ألا يستحي صاحب هذا القصر، ماذا لو دفع عشرين جنيهاً فقط، بل عشرة، لعامل نظافة، حتى ولو قصّرت (هيئة) أو (شركة) النظافة ولم تمر على هذا الشارع لشهور)!!
{ أنا على ثقة تامة في أن صاحب هذا القصر المنيف ينفق – شهرياً – آلاف الجنيهات على سفاسف الأمور، يسافر إلى “القاهرة” بسبب وبدون سبب.. يحج إلى “دبي” من حين لآخر لأنه ربما (يعشق التسوق) مثل نجمات السينما (المصرية) – أقول المصرية لأننا لا نعرف نجمات سينما (عربيات) غير المصريات!!
{ ومن المؤكد أن زوجته هي من علمه الـ (Shopping)، ولهذا فإنها قد تنفق آلاف الدولارات على (شوية اكسسوارات)، لكنها تستكثر، بل لا تفكر أصلاً، في أن تتبرع بعشرة جنيهات (دولار ونصف) من أجل نظافة وتشجير الشارع الذي يطل عليه قصرها الفاخر الفخيم!!
{ الإحساس باللامبالاة تجاه (الوطن الصغير).. الحارة أو الحلة أو الفريق، هو مؤشر قوي على انخفاض قيمة (الوطنية) في دواخلنا..!!
{ ثقافة انتظار الحكومة أن تفعل لك كل شيء، ربما في ذلك نظافة (مترين) أمام منزلك، بينما يتم الصرف على (الشغالات) بمئات الجنيهات شهرياً (لتلميع) و(تعطير) سراميك الصالون و(الهول) وغرف (الحاج) و(الهانم) و(الأولاد)، يمثل منتهى الانقطاع داخل دائرة (الذات) و(الأنا).. منتهى التقصير في حق (الجميع).. البيئة والمجتمع والوطن.
{ ويشكون من “الملاريا” و”التيفويد” والحميات المجهولة.. بينما يتركون مياه المجاري تطفح، ومياه (الخزانات) تغرق الطرقات، وينتظرون الحكومة!! ثم يطول انتظارهم!!
{ وجمعة مباركة.