نيفاشا خطيئة من؟ ..(2)
} هل كان علي عثمان محمد طه والنخبة الصغيرة من المفاوضين في نيفاشا تتخذ القرارات لوحدها وبما تمليها عليها المسؤوليات التي على عاتقها، أم يعود علي عثمان محمد طه لمرجعية اللجنة العليا للسلام التي يرأسها المشير البشير وتضم كل قيادات الدولة والحزب؟ خير شاهد على مشاركة كل الذين (تنكروا) فيما بعد لنيفاشا وتبرءوا منها في رابعة النهار الأغر ما ورد بخط يد هيلدا جونسون وزيرة التعاون الدولي النرويجي في كتابها (قصتي مع مفاوضات أطول حروب أفريقيا في صفحة (250) حيث أوردت هيلدا جونسون: (لقد كانت مخاطرة لعلي عثمان محمد طه أن يستقدم القيادة العسكرية إلى المحادثات وكان تكتيكاً غالباً ما يستخدمه عندما يشعر بمقاومة من الخرطوم فبدلاً من العمل كساعٍ أراد لأصحاب الشأن أنفسهم الجلوس مع الحركة الشعبية ليروا بأنفسهم كم هو مكلف أمر الوصول لحلول وسطى. كان هذا الأمر ينطوي على أهمية خاصة بالنسبة للقادة العسكريين فبعد التوتر الأول والشعور بالعودة للمربع الأول فإن أي حل وسط قد يصبح أكثر استدامة، وفعل علي عثمان الشيء نفسه مع الزعماء الدينيين في وقت لاحق فيما يتعلق بموضوع الشريعة والعاصمة القومية) تلك شهادة غير مجروحة من وزيرة التعاون الدولي (النصرانية) فلماذا يكتم بعضنا من المسلمين شهادة الحق وهم كانوا شهوداً؟ بل أصبح بعض ممن شاركوا في المفاوضات اليوم (يلعنونها) صباحاً ومساء ويعتبرونها خطيئة عدد محدود من القيادات التي شاركت في المفاوضات.. بل يشكك البعض في ذمة هؤلاء القيادات الذين وضعوا السلام بتفويض من قيادتهم في الخرطوم.. ويدعي البعض اليوم بأن المفاوضين نيابة عن حكومة السودان قد (أدمنوا) التنازل لصالح الآخرين، ليطعنوهم حيث تمضي مشروعاتهم واستثماراتهم!!
} شاركت المعارضة في مفاوضات نيفاشا من خلال الأبواب الجانبية.. صحيح أن الجنرال (سمبويا) التزم بنصوص مبادرة الإبقاء ووضع متاريس في طريق إشراك المعارضة التي كان نصفها حليفاً للحركة الشعبية والنصف الآخر يقف على بعد مسافة قريبة منها.. ضمت الوفود التي زارت نيفاشا أساتذة الجامعات والصحافيين والطرق الصوفية وتم إشراك المسيرية في كل مراحل التفاوض حول آبيي بل أصبحت الدولة تتخذ مواقفها تبعاً لما يقوله المسيرية.. رفضوا تقرير الخبراء رفضت الحكومة معهم التقرير.. وقعوا على اتفاق خارطة طريق آبيي ، وقعت الحكومة معهم… طرح مقترح نقل القضية لمحكمة التحكيم الدائم في لاهاي وكانت موافقة قيادات المسيرية هي الشرط الوحيد الذي وضعه الرئيس البشير للقبول بنقل القضية خارج الحدود.. حينما صدر الحكم رفضه المسيرية فرفضت معهم الحكومة فكيف يدعي البعض أن نيفاشا والمفاوضين (اقتادوا) الدولة وحزب المؤتمر الوطني حيث شاءوا هم؟؟
} كتب الجنرال (سمبويا) مذكراته عن نيفاشا وكتبت هيلدا جونسون أهم وثيقة عن أسرار التفاوض ولكن نقطة ضعف السودانيين أنهم قوم تأخذهم ثقافة البدو في (المشافهة) لا يهتمون بالتوثيق فكيف يصمت صناع نيفاشا الذين حققوا انتصاراً للسودان ووقف نزيف الدم وكتبوا لبلادنا تاريخاً .. وقد أثمرت نيفاشا أكثر من (300) مليار دولار كاستثمارات أجنبية في السودان، ورغم ذلك يصفها البعض بالخطيئة والجريمة ويسعى لاغتيال بعض صناعها بانتقائية مفزعة!!