ولا نامت أعين المتربصين بالصحافة
} لكي تحصل على تصديق إصدار صحيفة يومية أو مجلة داخل بريطانيا، أو خارجها، بما فيها الدول العربية، (بتصديق بريطاني)، فلا تحتاج سوى إلى ثلاثة أشياء في غاية السهولة والبساطة، أولاً صورة من البطاقة الشخصية أو جواز السفر، ثانياً اختيار اسم الصحيفة أو المجلة وثالثاً دفع رسوم (رمزية) لا تذكر ..!!
} ورغم الفضائح الداوية والمتتالية التي تكون الصحافة البريطانية (سبباً) أو (طرفا) فيها، إلا أن نحو (ثمانين) برلمانياً وسياسياً بريطانياً رفضوا في مذكرة تقدموا بها في (نوفمبر) الماضي إلى اللورد “ليفيسيون”، القائم على لجنة تحقيقات بشأن المعايير الإعلامية البريطانية، ألا يوصي بإصدار قانون لتنظيم مهنة الصحافة في بلاد الإنجليز..!!
} هنا في السودان يسعى مجلس الصحافة والمطبوعات، واتحاد الصحفيين، والجهات ذات الصلة بالصحافة، إلى إصدار قانون جديد، أو (تعديل) القانون كل عامين أو ثلاثة!!
} وقبل يومين قصد عدد من أعضاء مجلس الصحافة والمطبوعات مباني (البرلمان) السوداني لتقديم مذكرة تشمل مطالب وشروط جديدة، وتعديلات على مسودة قانون الصحافة المطروح للتداول في لجنة الثقافة والإعلام التابعة للمجلس الوطني.
} آخر ما توصل إليه (المطاردون) لمهنة الصحافة، المضيقون على الصحفيين، هو المطالبة بإلغاء نظام (الشركات الخاصة) الخاضعة لقانون الشركات الذي وضعه (الإنجليز) – أهل القانون والحريات – عام 1925م.
(حدثني قبل أشهر أحد كبار المحامين في بلادنا أن قانون الشركات المعمول به الآن في بلادنا لم يحتاج إلى كثير تعديلات منذ ذلك التاريخ البعيد لأنه لم يترك شاردة ولا واردة إلا أحصاها)!!
} ويزعم عضو مجلس الصحافة الذي تحدث للصحفيين بالبرلمان، وهو – بالمناسبة – لا علاقة له بالصحافة ولا بالصحفيين، ولم يمارس هذه المهنة مطلقاً، وربما لم يدخل (باب) جريدة منذ أن صار عضواً بهذا (المجلس)، يزعم أنهم طالبوا بسحب العقوبات من سلطات المجلس في القانون الجديد، ومنحها للقضاء، والحقيقة أنهم فعلوا ذلك لأن سلطة المجلس في إيقاف الصحف لا تتجاوز في القانون الحالي (3) أيام، وقد أوقفت المحاكم مرات عديدة حتى هذه العقوبة، فلم يعد لبعض أعضاء المجلس (رغبة) في عقوبة (اسمية) قد يسقطها القضاء !!
} تكرموا علينا – نحن البسطاء والسذج – وطالبوا بسحب (عقوبات) المجلس، ولكنهم جاءوا مرة أخرى (بالشباك) محاولين إلغاء عملية إصدار الصحف عبر الشركات الخاصة، كما هو معمول به في كل العالم، تحت مبررات وحجج واهية تحت لافتة (المؤسسية) والمؤسسات، علماً بأن شركات المساهمة العامة في بلادنا، وأهمها (البنوك التجارية)، هي أكثر الشركات تعرضاً للنهب والتجاوزات والاختلاسات، وسيطرة (مجموعة صغيرة) تملك أكثرية الأسهم (تقارير المراجع العام).
} يرفضون الشركات الخاصة، بينما السيد “روبرت مردوخ” يملك و(أسرته) كبريات الصحف والفضائيات في بريطانيا وأمريكا (التايمز، الصن، نيويورك بوست، وشبكة فوكس نيوز، ثم توغل في العالم العربي ليشارك “الوليد بن طلال” في شبكة (روتانا).
} فضلاً لا تتاجروا باسمنا، ولا تبحثوا لنا عن طرق التطوير والتحديث والمهنية، فنحن – الممارسين للمهنة – أعلم بها من بعض (المحامين) وآخرين من المتربصين بالحريات.
} يريدون أن يكون لهم (حق التفتيش) في الصحف، لأن (قانون الشركات) لا يمنحهم هذا الحق، ثم يخدعوننا بسحب العقوبات من سلطات المجلس!!
} ويمررون قانون الصحافة كل حين وحين بمبادئ ونصوص راقية وبراقة، ثم (يلبدون) للصحفيين بلائحة يصنعها بضعة أشخاص في المجلس، وتُجاز (بالإجماع) أو (بالأغلبية) أو (بالتمرير)، وهي محتشدة كلائحتهم الاخيرة – لائحة تطوير مهنة الصحافة – بالعراقيل والمطبات و(الحفر) في طريق مهنة الصحافة..!!
} ارفعوا أيديكم.. عن الصحافة.. وشوفوا ليكم شغلة غيرنا.. (مدير تحرير محتاج إلى خبرة (9) سنوات، وسكرتير التحرير (9) سنوات و…. )!! ليه (9) سنوات؟! ما هو السر في هذا الرقم؟! (قاصدين تنقصوا سنة من خبرة رئيس التحرير؟!) يعني شنو؟! الصحافة – يا هؤلاء – ليست بسنين الخبرة.. وقد يفلح صاحب (عامين) ويفشل صاحب (15) عاماً!!
} ثم من هو الأستاذ “طارق عبد الفتاح” ليقدم تعديلات القانون إلى المجلس الوطني إنابة عن قطاع الصحافة والصحفيين؟! وماذا يفعل “تيتاوي” و”الفاتح السيد” و”مصطفى أبو العزائم”، ممثلو شعب الصحفيين في اتحادهم (الكائن) والنعسان بمقرن النيلين؟!
} لائحة (تطوير) مهنة الصحافة الجديدة هي لائحة لـ (تدمير) مهنة الصحافة، وتعديلات وملاحظات (بعض) أعضاء المجلس المقدمة للسيدة “عفاف تاور” رئيسة لجنة الإعلام بالبرلمان، هي تعديلات مؤذية وكارثية.. وسنلاحقها – وإن أجيزت – بالمحكمة الدستورية. ولا نامت أعين المتربصين.