شاعر الشعب "هاشم صديق" في الحوار (الضجة) يفتح قلبه لـ(المجهر): (1)
أخذ الزمان حقه وافياً، حتى الشارب والحدقات وثبات الخطوة ورفع السبابة، فتحولت القامة إلى وقار محدد له طول وعرض، وعيون “هاشم صديق” الواقدة فيها ألف حكاية مرتجلة، ومع ذلك بلور العيون هو وحده لم ينحن لصولة الزمن ولم يتحول لميعة سائلة. مشى يفتح الرحاب بانحناءة تشبه الاعتذار، ومع ابتسامة البيوت، يتحول “هاشم” بملامح الآباء، لرجل معذب تحت وطأة حرمان مبدع من جماهيره، قدّم لنا الحلوى على طريقة ناس أم درمان، لو نزلت دموعه لزغردنا جراء الفرح والتعاطف.. لما لا، وقد كان حزمة موال قديم في زمن غريب، وكان الاعتذار يزيد لجيلنا المحروم من عشرات المسرحيات والمسلسلات من تأليفه لو كان الزمان والأقدار والرجال (غير)..
جدد طلاء الحيطان بجير أخضر، منزله من الداخل نظيف بأثاث جيد، ثمة تجرد مثل الحداد، وعلى مرمى حجر يوجد سوق (بانت)، محتسباً مالكه الأول ضجيجه وحكاياته، وأنسه الشفيف، ويكفي “هاشم” لوعة رحيل أمه “آمنة”، مع عشرات الأحبة غادروا الحياة حتى ظن أن بعدهم سينهار العالم.. وتشابه الزمن في الحارة، وأصبح كل السطح كصفحة البحر، إذ حاربت السلطة المبدعين بسبب حالة مزاجية.
جلسنا أمامه، وكان ممدداً على كرسي القماش، ثمة أنفة من وجدانه تدق السماء، ربما كان يقرأ فينا الشارع العام، وحال عموم الشعب، وكذب من يقول سمعته مقهقهاً قبل عام أو عشرة أعوام، كان يبتسم بصعوبة وصفاء، وبذلك الندم المعصور من القضايا العادلة في زمن خشن الملمس.
} تبدو من ملامحك رجلاً طيباً.. لكن الكثيرين يصفونك بالنرجسي؟
– النرجسية هي عشق الذات و(أنا لي سنوات ما قاعد أمرق من بيتي، أنا تطير عيشتي) ويمكن دي سمعة الاسم ورهبته و(أنا زول بيكره النجومية بالمعنى الغربي) (Untouchable)، ومهموم بقضايا الناس فكيف أترفع عليهم؟!
} علاقاتك محدودة وأنت نجم يا “هاشم”؟
– أنا أحب البسطاء وأعمل حسابي من كبار المسؤولين، فالعلاقة معهم زي التهمة تجدهم مهتمين بناحية الاستقطاب (يعصروا ليك حاجة) وأنا أموت ولا أفعل هذه الأفاعيل (أنا دغري وشريف).
} هل تظن أن لك أعداء يتربصون بك؟
– أحافظ على شعرة معاوية، ولكن هناك من يختلف معك، عاوز يشوهك، يريدون اغتيال شخصية “هاشم”، قدراته وإمكانياته، ودخلت معارك شرسة كثيرة وواحدة منها مع خمس صحف.
} وإنت برضو يا “هاشم” (زعال)؟
– أنا صاحب رسالة لها علاقة بالحق والخير والجمال، ومن الطبيعي أن يكون قطب الصراع الثاني أعداء من أراذل البشر، ودائماً أي صاحب رسالة نبيلة من الممكن أن (يتعذب) رغم أنني صاحب رسالة صغيرة.
} لو في زول كورك في أضانك .. ما هو إحساسك باسمك؟
– الإجابة فيها قدر من الطرافة.. كان عندي اسمين، حبوبتي أم أبوي (ختمية) كانت تحج لكسلا وحلة الختمية سمتني “هاشم”، وحبوبتي أم أمي أقرب لـ”البرعي” سمتني “عبد الرحيم”.. انتصر “عبد الرحيم” في كل مراحل المدرسة ومنذ دخولي معهد الموسيقى انتصر “هاشم” على “عبد الرحيم”.
} متى وعيت باسم “هاشم”؟
– (أحب أكون صريح، وأنا في سنين النضج)، يعجبني “هاشم” بدون ألقاب. قد لا تصدق أنني ذهبت لـ”كمال حسن بخيت” وهو من أصدقاء العمر الجميل ورجوته ألا يسميني (شاعر الشعب)، كنت شايفها كتيرة علي، عاوز ينادوني بـ”هاشم” بدون ألقاب لأنو فيها قدر من الإنصاف والواقعية.. وأحمد الله ما عملت رسالة دكتوراة.. مش تبخيس ولكنها بالنسبة لي مثل (الكرافتة) على العنق لدى الآخرين وفي تقديري أنها لاتشبه المبدعين.
} شايف اعتقاد الناس فيك شنو؟
– الناس يريدونك نظيفاً وقوياً وأن تكون منتبهاً لكل خطوة تخطوها خشية أن تتهم بـ(بيع القضية).
} ما خايف من الموت؟
– (إذا فهمت سؤالك) كل ما العمر بيمشي تجد أن الإنسان يشعر بالحياة قصيرة، والحياة ذاتها مسرحية لها بداية ووسط ونهاية. وأنا متصالح مع فكرة الموت بعد رحيل القريبين مني (أمي وأبوي)، وكنت أظن لو ماتت أمي العالم ح ينتهي.
} هل يستمر الوجود بإحساس شاعر يترقب الموت؟
– دي أنا واعي بيها شديد ودا طبيعي، وأنا أقوم بتدريس طلابي السيرة الذاتية لواحد من أساطين الإبداع، متى ولد ومتى مات ولكن وجوده الحقيقي هو إبداعه، وأنا أعلم أن الرحلة مهما تطول فهي قصيرة، وكتبت (بين النيل وحمد النيل) لأقول إن كتابي في الدنيا هو دواويني، مسرحياتي ومسلسلاتي ومقالاتي السياسية، ومواقفي السياسية.
} ليه سجلت (40) حلقة عن نفسك؟
– عشان لما أرحل من الدنيا دي يضعوا أقوالي وأعمالي على الأرضية الصحيحة، لكي تُفهم بدقة وفي محيطها. بعمل كدا لأني واعي أن وجود الزول بعد يمشي سينخفض الحزن ويعلو صوت (الحراز والمطر) – أعني الأبداع- ستكون الـ(40) حلقة تأميناً لمواقفي بعظمة لساني، (مين حا يغالط) ويدرسني من منظور يميني أو ماركسي.
} انظر لـ”هاشم” بالمعنى الوجودي؟
– (سؤال جميل).. وجود المبدع هو إبداعه. “الطيب صالح” غير المرئي يخفت ويعلو في (موسم الهجرة) التي شغلت الناس.
} في صورة منسية “هاشم” وأنت في حولية الختمية مع حبوبتك بجبة الأطفال والطاقية وفي يدك حلوى وتضحك؟
– – دي البيئة وتعلمت من أبوي الشعر ولم يكن شاعراً، كان يحب الأثاث الملون ويحتفظ بكل الأسطوانات الغنائية لفناني (الحقيبة). بيتنا كان من الزبالة، وكان يعمل (خضرجي) وصاحب قهوة في ركن الوزارة.
} ما هي أول قصيدة كتبتها اقتنعت بعدها أنك شاعر؟
– قل لي أول قصيدة قرأتها وهي عن أحداث توريت 1955م، كتبها “إلياس محمد خير”، كان عندنا ناس ماتوا في توريت.
} هذا أبوك.. أين الحاجة “آمنة”؟
– أمي عندها موهبة السجع، تحبني شديد، لأنني جئت بعد ولدين ماتوا، وربطوا لي حجل خوفاً من العين، كانت خائفة أموت زيهم، رضعتني أكتر من عامين عشان كدا عضمي هسع قوي.
} سجع حاجة “آمنة” زي شنو؟
– (هاشم يا ولدة الرحمن مما قام ما درجوه سكران) أبوي.. أمي.. حبوباتي ديل ناس عندهم عبق عجيب وكان لازم يتشكل منهم شاعر.
} إنتو من بانت.. أهل أم درمان؟
– وعشان كدا ناس الموردة سموها (الرجال بانت)، كانت خلاء فسيحاً، يشوفوهم رهاب رهاب، وناس أبوي بنوا سوق بانت.
} حدثنا عن هاشم الطفل الذي يلبس (السروال والفانلة) في بانت القديمة؟
– بصراحة كنت (مسكين) جداً، كان خالي يحذر أمي أن لا أصير (عوير) وأن أحتك مع أولاد وأطفال الحلة. وفعلاً كنت أقعد في حر الشمس لا أتحرك إلا إذا جاء واحد وساقني، كنت لا أتكلم وحركتي بطيئة في أي شيء.
} صحي كنت كدا يا “هاشم”؟
– كنت غريباً وفجأة دخلت روضة مختلطة عملتها “أم الحسن مختار”.. وهي ختمية صاحبة حبوباتي، وهي أول من أنشأ روضة مختلطة وكانت تحضر لنا السينما المتجولة و«خضر الحاوي». “أم الحسن”هي التي أدخلتني الإذاعة. وفي الروضة تحولت لزول (شفت) وشيطان وبديت أمثل الكابوي ودخلت الأولية.
} دعنا نقفز إلى (قطر الهم) أول إنتاج درامي لموهبة “هاشم صديق” .. أليس كذلك؟
– دا صحيح وفيه: (وزي ما الدنيا سكة طويلة مرة تعدي مرة تهدي مرة تدور.. عمي الزين محكر في قطر الهم يشرق يوم يغرب يوم شهور ودهور…) كان فعلاً القطر حاجة عجيبة بوفيه سنطور، وبيع ومحبة وعالم طيب وحنون. وبعد الوعي رأيت أن حبوبتي كان عندها إيمان فيهو تطرف (تأليه السادة)، وكانت من الأولية تسوقني للسيدة (فلانة) للتبرك، كانوا يحلون الشخص محل الخالق.
} كيف كان أول يوم مدرسي في حياتك؟
– كانت أبو عنجة الأولية، ريحة البوهية الجديدة والجير والسقف المنحدر، كنا نشيل عفش المدرسة للمبنى الجديد، وفينا إحساس بالرهبة والخوف. كنت أحس بالرهبة حتى أيام أنا طالب في المعهد، من الدكاترة مثل “محمد إبراهيم الشوش” الذي درسني النقد، كنت أخاف من المعلم والسبورة.
} في المعهد كنت نجماً وتخاف من “الشوش” بعقدة المدرسة؟
– نجم معروف ولكنني أحس بالرهبة والمسؤولية، وعشان خفت من الملاحق اجتهدت وجيت (الأول) على دفعتي، وكنت محظوظاً فقد درسني “علي عبد الله يعقوب” (عربي) و”أبو بكر خالد” و”مبارك حسن الخليفة” الذي اكتشف موهبتي الشعرية.
} ألم تحتقر بعض الأساتذة وأنت مشحون بطاقة المبدع الذي يرى أعمق وأكثر من اللازم؟
– (أبداً ما جاني إحساس زي دا) وكيف أقول كلام في هؤلاء أو أقول “العبادي” أحسن من “أبو الروس”، أو “الدوش” أحسن من “حميد”، (وفي الإبداع أحس فيها ظلم ومبالغة وغير موضوعية).
} التجويد قيمة متوقعة في أي ميدان؟
– نعم (في النقد) ممكن وبمعايير الدراسة والتحليل.
} والقعدات؟
– تقصد شنو؟.
} أقصد القعدات مع المثقفين.. تلك القبيلة الخاصة؟
– لا أحب جلسات (بعض) المثقفين لأنها باب من أبواب النميمة. هم يحسبون أنفسهم أوصياء، آلهة وأنصاف آلهة، يحاكمون كل شيء بشطط، وما حصل قعدت معاهم مرتاح البال، وأحس معهم بقدر كبير من عدم السلام النفسي.
} دا أكتر من انطباع؟
– هم يمشون بالطول (مافي أحسن منهم)، يسمون أمثالي بالذي (باع القضية)، ولا يعلمون أن النضال ليس في السجون التي هي مجرد استراحة، إنما النضال تفكيك الصخرة الشمولية باختراق مداخلها، والاقتحام، وبالتالي أنا لا أشبههم، (وفيهم ناس مزعجين) يقومون بدور القضاة.
} يمكن ليهم رؤية في مبادراتك؟
– يلومونني أنني أنشر بجريدة (المجهر)، ولا يعلمون كيف يتعامل معي أستاذ “الهندي” بالطريقة المهذبة فيما نختلف فيه ونصل لطريق مناسب، تُنشر بعده القصيدة، ولا يعلمون بالطريقة الراقية التي يرسل لي بها مستحقاتي المالية.. إنه يحترمني من كل النواحي، لماذا أرفضه ومعه “عادل الباز” وغيرهما من الإسلاميين الموضوعيين.
} تدعي أن علاقتك بالناس العاديين أكثر وأعمق؟
– الجلوس مع غير المبدعين مفيد وأخاف من البسطاء وأرهبهم وهم جمهوري وموضوعي، هم مثقفون بالفطرة، ومنهم البسيط الخطير في تحليل الواقع السياسي، وتحس معاهم أن حواء والدة.
} لماذا لديك حساسية خاصة مع النميمة؟
– بالحس الديني العادي، أكره الطعن في الضهر.
} أين يوجد الخلل إن كان المثقفون بهذا السوء؟
– الخلل السياسة، وسياسة بعض الأحزاب أعطت طابعاً لعلاقة الإبداع بالنضال.. طابع لا يتماشى مع كل العصور، والأخوة الشيوعيون تطرفهم كان واضحاً في محاكمة الآخرين منذ الستينيات.
} كنت منظماً يا “هاشم” وكان لونك أحمر؟
– لا.. أنا من ما قمت كنت أنفر من الانضمام لأي تنظيم، لأنها تكتفني وتخنقني، والتنظيم يعمل للمبدع إعاقة حقيقية، وهناك قرار اتخذته وأنا صغير ألا.. اتنظم إلى الأبد.
} ولكن إبداعك غير محايد؟
– الإبداع لايكون محايداً، عندي تجربة مسرحية هي مسرحية (نبتة حبيبتي) وهي تحتمل أكثر من وجهة نظر، وأقول للتاريخ أحزنني وعي بعض الشيوعيين حينما أزعجهم رضا بعض الاتجاهات كالإسلاميين من مضمون المسرحية، وبعدها طلبوا منا – الجبهة الديمقراطية – أنا و”مكي سنادة” أن نأتي لندوة بجامعة الخرطوم لنخبر الإسلاميين أن المسرحية لا علاقة لهم بها، وقلت لهم وروني ياتو كاتب في التاريخ جابوه عشان يفسر شغلو على طريقتكم؟!!.
} كأنك “فارماس” في المسرحية والحقيقة؟
– نعم، وظيفة “فارماس” في المسرحية تحريك الجماهير وإيقاظ وعيهم.
} نقدر نقول “هاشم” و”فارماس” أخوان؟
– “هاشم” تطير عيشتو.
} إذا لم تكن شيوعياً لماذا طالبوك بإعلان الرسالة للإسلاميين؟
– بصورة أو بأخرى أنا مع التقدمية، أنا زول ديمقراطي، لكن غير منظم وواقف براي، وضهري للحيطة ودي جابت لي الكفوة، وعندي الشعر، ماعندي حزب ولا دبابة.
} شعرك ومواقفك ولغتك مع الغبش والغلابى وبالتالي أنت أقرب للماركسية؟
– الغبش واقع طبقي، والماركسية اهتمت أكثر من غيرها بهؤلاء الناس، وأنا لم استخدمها بالمفهوم الماركسي، لأنو أبوي كان (خضرجي) وعندو قهوة، ولم يكن شيوعياً. وهم يتسرعون لمحاكمة الآخرين، وكأنو (لا ولدن براهم بطون أمات ولا صبح النضال ساحة).
} إنت زعلان يا “هاشم”؟
– أنا مش زعلان، ولكن إذا فهمنا صك البراءة في السبعينيات كان بهذا الشكل فكيف يكون الآن؟!
} أخبرتني أنك قرأت قصيدة (القرنتية) بعد تجاوب الشعب الكبير.. فماذا وجدت فيها من أسرار؟
– اتخلعت لما لقيتها مالية الدنيا، قرأتها واكتشفت حاجات كتيرة، كيمياء الإبداع غريبة يا «صديق»، واحد من القراء قال لي: دا كلو طلعتو من موت حيوان يا “هاشم”؟!، وتاني واحد قال: لو ما خايف أقول يا “هاشم” إنت لافيها!! (يعني بلف سيجارة).
} الناس لم ترض بلفظة (الجقة) في قصيدتك الجديدة (طيارة جات بفوق).. عدّوه شيئاً لا يشبه “هاشم”؟
– أنا ناقد أجد العذر لبعض الناس، ولفظ (الجقة) أخرج من سياقه تماماً.
} ناس الأمن ما استدعوك؟
– حصل كتير وكنت أجد منهم أغرب سؤال (ليه كتبت كدا؟)، وأشرح لهم في الأول كيف يكون الإبداع. بعض ناس الأمن كانوا خجلانين يحققوا معاي، ومنهم من يقول لي أنا أحبك، أحفظ شعرك، ويعتذر لي، وأقول له (دا شغلك وداك شغلي أيه المشكلة).. واحترامي للبعض لا يقل لأنه إسلامي، والنضال مش هدوم مكوية، لابد أن تتعرض لتحقيقات ومطبات.
} هل تنصحهم إن وجدت إلى ذلك سبيلاً؟
– في إطار المناقشة أقول لهم إن المبدع يساعدكم تشوفوا الحتة الضلمة في المجتمع، ويوصل صوت الشارع والجعانين والونسة عن الواقع السياسي، والشعر يوفر لكم الإضاءة الفاقعة مجازاً وتقريراً.
} الغريب – على الأقل للسلطات والحكومة – أن المبدع دائماً معارض؟
– المبدعون أفضل للسلطة، أية سلطة، من المنافقين وكُتّاب التقارير.
} بانت أو غير بانت الحياة تغيرت يا “هاشم”؟
– والله العظيم، ودا قسم، أنا أعرف عائلات محترمة ما عندها الملح الليطعموا بيهو بليلة العيش، حتى الملح يا “دلاي” كمل من البيوت!!.
} لماذا تنكر على الدوام أن تذكر اسم المرأة التي كتبت فيها قصيدة (حاجة فيك) وغناها “مصطفى سيد أحمد”؟
– لم أخفها عن خوف، إنما أخلاقياً لا يمكن أن أتحدث عن امرأة ملتزمة بحياة زوجية، وتربيتي لا تسمح.
} كم من النساء مررن بـ”هاشم” في حياته الطويلة؟
– حياتي مليئة بالمرأة، وكانت الصديقات أفضل وأجمل وأحلى. ولي صديقات أحدق في عقولهن أكثر من أجسادهن، والمرأة جزء من خيوط محبتي بالله. وأنا (مشروق) بالمرأة الكويسة، وتعيس في تجاربي الزوجية، وأنقذتني الصديقات من ذلك الجحيم.
} ما هي الأسرار في حياتك؟
– (السؤال وقع لي).. أنا ما مثالي ولكن لا أحب الأسرار الخاصة بالعائلات والناس، فقط أحب سماع بعض الأسرار لأستفيد منها في كتابة الدراما والشعر، ومرات أفتح خشمي بالدهشة!!.
} وين بت الحلة يا ود (بانت القديمة)؟
– آهـ ثم آهـ من زمن بت الحلة، الزمن الجميل، قبل تكوين مظاهر الرجولة، نلعب البلي والسك سك، وفي الحفلة ننتظر الأوامر بتوصيل بنات الحلة لذويهن، صديقة أختك هي أختك، وأقصى ما نفعله تبادل الجوابات أو المعاينة في الحفلة، وإذا وصلنا البت لا تفتح معها كلمة احتراماً للمهمة التي كنا ننتظرها طويلاً، وكنا نسمع دعاء الأمات يطق آذاننا، وكنا ندق من يشاغل بنات فريقنا.
} واليوم لا يشبه البارحة؟
– اليوم.. أسهل صيد أخت الصديق، وبت الأهل وبت الفريق.. وفي كل زقاق ذئب.. غابت النخوة وغاب أخوان “فاطنة”.
} هل تقدم النصائح لبنات العائلة؟
– لا واحدة ترضى منهن النصيحة، ولا أستطيع أن أقدم أي نصيحة لأي زول في العائلة.
} المرأة في حياة “هاشم”؟
– (صمت طويلاً).. المرأة كينونة متأصلة لا تفارق خيالي، وفي نساء لا أستطيع نسيانهن، مثل تجربتي الأولى في الحب، لما كان الحب أماناً وخفقاناً، لا تقبيل ولا ملامسة.
كنا تقريباً قدر بعض، تسرعت أنوثتها وتزوجت واختفت، لكني ألاقيها فترات متباعدة. الغريب أن هذه المرأة تذكرني بريحة اللمبة، تعرف ليه؟ عشان أنا وهي كنا بنذاكر مع بعض، هي من أسرة فقيرة بيتهم ما فيهو كهرباء، كان زمن لمبة السراج (القماش).
} وإذا قابلتها بعد نصف ساعة من الآن؟
– حدث أن جاءت تشيل الفاتحة في وفاة أختي، قعدنا واجترينا الذكريات، ريحة اللمبة والزمن الجميل، بكت وقالت لي: صحيت فيني حاجات جميلة ماموجودة في الزمن دا.
} من هي تلك المرأة يا “هاشم”؟
– هي معروفة، استضافوها قبل أيام وقالت ما قلته عن بنات الفريق (كان حارسنا وفارسنا هو “هاشم صديق”).
} و”ليلى المغربي”؟
– “ليلى المغربي” بقول ليك عديل، كان عندي عجلة صغيرة وكنت أغشاها في البيت وأردفها معاي للإذاعة.. كنا أطفالاً.
} ثم صارت” ليلى المغربي” نجمة مثلك.. فتاة وامرأة؟
– يا سلام على “ليلى”، هي مبدعة منذ الطفولة تطورت بسرعة، امرأة باسقة، حية، تحس بالسلام النفسي وتفهم معها أنك مع كينونة وفنانة، فارقتها زمناً، وكنا في السجن ومن خلال الراديو تصبّح علينا بصوتها القوي في برنامجها الصباحي.
نواصل غداً..