شهادتي لله

آخر سنوات “البشير” (28)

• في مطلع سبتمبر 2019م ، أصدر الرئيس السابق المشير “عمر البشير” مراسيم جمهورية بحل حكومة الفريق أول”بكري حسن صالح” ،وتعيين “معتز موسى” رئيساً للوزراء .
• قبل صدور المراسيم الجمهورية، عقد المكتب القيادي للمؤتمر الوطني اجتماعاً مهماً لإجازة مقترحات الرئيس بحل الحكومة، واختيار رئيس وزراء، واعتماد المرشحين لمناصب الوزراء ووزراء الدولة.
• بُعيد منتصف الليل ، خرج نائب رئيس الحزب الدكتور “فيصل حسن إبراهيم” ليعلن للصحفيين ومراسلي التلفزة المحلية والأجنبية من مقر الحزب الحاكم بشارع أفريقيا ، اعتماد المكتب القيادي لـ”معتز موسى” رئيساً للوزراء ، مع استمرار الفريق أول”بكري حسن صالح” في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية . وتلا “فيصل” أسماء الوزراء المرشحين على عجل ، وبدا مرهقاً ومضطرباً وهو يواجه الكاميرات ليقدم تلخيصاً لقرارات المكتب القيادي . كان مفاجئاً للجميع ذكر اسم دكتور “عبدالله حمدوك” وزيراً للمالية والاقتصاد الوطني !!
• لم يكن أحد من الصحفيين الواقفين أمام “فيصل” يعرف شيئاً عن “حمدوك” ، كما لم يسمع اسمه معظم رؤساء التحرير القابعين في المكاتب أو البيوت ينتظرون بفارغ الصبر إعلان تشكيلة (حكومة الفرج) التي ربما تفلح في إصلاح ما أفسدته حكومة (بكري – مبارك الفاضل – الركابي)، وقد كان هذا الثلاثي مسؤولاً بصورة مباشرة عن ميزانية 2018م الكارثية التي مثّلت بداية انهيار النظام .
• دار نقاش داخل اجتماع المكتب القيادي حول ترشيح السكرتير التنفيذي السابق للمجلس الاقتصادي للأمم المتحدة بأفريقيا ومقره “أديس أبابا” وزيراً للمالية ، وكان “البشير” قد طرح اسم “حمدوك” مشيراً إلى خلفيته الأكاديمية وخبراته الدولية. وذكرت لي مصادر متطابقة أن وزيرة الرعاية الاجتماعية الأسبق السيدة “أميرة الفاضل” التي تعمل مفوضة للشؤون الاجتماعية بالاتحاد الأفريقي هي من رشح “حمدوك” للرئيس “البشير” ورئيس الوزراء “معتز” ، باعتباره كفاءة اقتصادية يمكنها المساعدة في علاج أزمة السودان الاقتصادية التي بدأت مؤشراتها في التصاعد مع مطلع العام 2018م .
• ويبدو أن صداقةً نشأت حديثاً بين أسرتي “أميرة الفاضل” وزوجها سفير السودان لدى إثيوبيا “الصادق بخيت” وأسرة الموظف الأممي الدكتور “حمدوك”، وقد توثقت الصلات الحميمة في كنف مدينة الدفء والحنان ، فتلاشت الولاءات السياسية بين (الأخ وزوجته الأخت المسلمة) و(الشيوعي السابق) في غُربةٍ مخملية بطعم القهوة الحبشية تحت رزاز المطر الفاتر !!
• في اجتماع المكتب القيادي الذي تحمس فيه “البشير” و”فيصل” لترشيح “حمدوك”، تحفظ عضو المكتب الدكتور”نافع علي نافع” على ترشيح “حمدوك” وإعلانه ، وقال في مداخلته :(انتوا يا جماعة .. “حمدوك” دا وافق ليكم..لأنو حسب معلوماتي الرجل دا شيوعي؟!) فرد “فيصل” بأنه وافق مبدئياً ، وقد عزا البعض في الحزب لاحقاً حماس “فيصل” لترشيح”حمدوك” إلى منطلقات جهوية ، وأن الرجلين من “كردفان” وليس إلا !
• غير أن “نافع” أصر على موقفه وقال في الاجتماع :(حقو الناس تتريث قبل إعلان اسمه) ، لكن الاجتماع لم يأبه لكلام “نافع” ما دام الرئيس موافقاً وكذا نائبه في الحزب، فأعلن”فيصل” اسم “حمدوك” وزيراً للمالية ، ولم يبال !
• اعتذر “حمدوك” عن المنصب بعد يومين، بخطاب رقيق موجه إلى رئيس الجمهورية السابق ، حدد فيه أسباباً خاصة اضطرته للاعتذار ، ولم يشر لموقف سياسي، وشكر “البشير” على ثقته فيه .
• في ظل حالة الارتباك السياسي التي كانت تضرب الدولة في تلك الفترة ، خاصة بعد اعتذار عدد من المرشحين للوزارات أبرزهم المرشح لمقعد وزير الدولة للخارجية السفير “عمر مانيس”، احتفظ “معتز موسى” بحقيبتي رئيس الوزراء ووزير المالية !! وأخذ بعض حارقي البخور لرئيس الحكومة الجديد يبررون لاحتفاظه بالمنصبين ، باستدعاء نماذج من التاريخ ، منها جمع الرئيس الأسبق “جعفر نميري” بين رئاسة الجمهورية ووزارة المالية لبضعة شهور في سبعينيات القرن الماضي !!
• وكما كان متوقعاً .. فشل “معتز” بخبراته المحدودة وتجاربه الإدارية المحصورة في ملف تخطيط وتمويل “سد مروي” في إصلاح ما أفسده سابقوه ، فزاد الطين بلة ، وأطلت أزمة السيولة النقدية في البنوك بشكل غير مسبوق في تاريخ السودان الحديث !! وتحولت المصارف وصرافاتها الآلية إلى خرابات .. خاوية خزائنها من جنيه !!

• نواصل غداً .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية