{ برغم يقيننا التام بأن الموت مشيئة الله، وليس من الرحيل بد وكل نفس ذائقة الموت، ولكن يظل الحزن مسيطراً على قلوب كل السودانيين عسكريين ومدنيين منذ أن نعى الناعي الفريق أول ركن “جمال الدين عمر” أحد أبطال ثورة ديسمبر المجيدة، وأول وزير دفاع لحكومة الثورة، أحد العظماء الذين أنجبتهم (أرض النيل) ووهبتهم صفات ومواصفات التميز والتفرد التي ارتفعت بهم إلى قمم الإباء والبذل والعطاء وهم يرفعون شعارات العزة والكرامة والحرية، ويحملون على عاتقهم مهمة إعادة بناء السودان الجديد.
{ الفريق أول ركن “جمال الدين عمر” لأنه لم يكن رجلاً عادياً قد عاش كل حياته في ميدان الخدمة الوطنية منذ أن تخرج من عرين الأبطال وإلى أن اعتلى منصب وزير الدفاع ولقي ربه بمدينة جوبا، بنفس مطمئنة راضياً ومرضياً، أكمل كل الرتب والأركان واعتلى كل المناصب مقدماً نموذجاً للتحدي والإصرار والمواجهة في كل الميادين، وهذا الرجل المقدام من خلال شجاعته في ميادين القتال والاستبسال مدافعاً عن الوطن وحامياً للشعب، أكد على أنه قائد فريد من نوعه تميز عن القادة العسكريين، وعظيم من عظماء قوات الشعب المسلحة الأشاوس وأحد رجالها الأوفياء عاش حتى آخر لحظات حياته بقلب ينبض بحرارة حب الوطن وأثبت برحيله في ميدان السلام أنه ظاهرة وطنية نادرة ورجل سلام لم يعرف الكلل أو الملل، فقد ظل يرهق نفسه ويضحي بوقته ووقت أسرته عناء وسهراً وصبراً ومصابرة لأجل أن يعم السلام كل ربوع البلاد، ومن خلال تضحياته أكد أنه أحب السودان أكثر من حبه لنفسه التي بين جنبيه، وجعل نفسه الأبية قدوة في تلبية نداء الوطن والإقدام والتضحية والوفاء والتفاني والإخلاص والتجرد ونكران الذات في كل ميادين العمل، وتوشح بالمحبة والتسامح والتآخي والتواضع والالتزام والخلق القويم، ولذلك أحبه كل من زاملوه وعملوا معه من أبناء شعبه في كل الوحدات العسكرية وفي كل المواقع المهمة التي تقلدها واكتسب فيها احترام الأعداء قبل الأصدقاء.
وضوح أخير:
{ مثل ما خلد الفريق أول ركن “جمال الدين عمر” نفسه بمداد العز والمجد والفخار في سجل الخالدين عبر مسيرته العسكرية وإسهاماته الوطنية الكبرى ووضع بصماته المؤثرة في كل مكان، أتمنى أن يطلق اسم هذا الرجل العظيم على (أرض الاعتصام) الممدة أمام القيادة العامة للقوات المسلحة.. تلك البقعة الطاهرة التي التحم فيها الجيش مع الشعب وكانت ساعة النصر واكتمال هلال ثورة ديسمبر المجيدة التي تقدمت صفوف أعظم الثورات الشعبية على مستوى العالم.
{ إن القلب ليحزن والعين لتدمع وإنّا لفراقك لمحزونون أيها القائد العظيم.. و(إنّا لله وإنّا إليه راجعون).