(المجهر) تنتزع كل المتاح وغير المتاح من رئيس المؤتمر السوداني "عمر الدقير" (2ـــ2)
لدينا تحفظات على بعض مكونات (قوى المستقبل) ولا يمكن أن نكون معها في جسم واحد
نعم المعارضة خذلت الجماهير في سبتمبر ولابد أن تعي الدرس
ليس لدينا مانع أن تحمل الحكومة مخرجات الحوار لتناقش بها المعارضة
لا توجد إحصائية لأرقام عضويتنا لكنها بعشرات الآلاف
حوار – عقيل أحمد ناعم
{ كيف تنظرون لتحالف قوى المستقبل الذي ظهر حديثاً.. هل يمكن أن يقدم إضافة حقيقية للعمل المعارض؟
– ليس من حقنا ولا نستطيع احتكار ساحة المعارضة أو احتكار الموقف المعارض.. قوى المستقبل طرحت نفسها كتنظيم معارض وصنفت نفسها كواحدة من قوى التغيير، لكن نحن ليس لدينا بها أية علاقة، بالعكس لدينا تحفظات مع بعض مكوناتها، ولا يمكن أن نكون في جسم سياسي واحد مع وجود هذه المكونات.
{ ما هي هذه القوى التي تتحفظون عليها؟
– ضاحكاً، بعض القوى، هم عارفين أنفسهم، على العموم نحن لا نحتكر ساحة المعارضة، ومثل ما لدينا تحفظات عليهم، فمن حقهم أن تكون لهم تحفظات علينا.
{ هل تمنع هذه التحفظات أي إمكانية تلاقي بينكم؟
– يمكن أن نتلاقى في بعض المواقف، إذا كانت مواقفهم تلتقي مع مواقفنا فتلقائياً يكون الخطاب المعبر عن هذه المواقف متشابهاً، مثلاً نحن نرفض حوار الوثبة وهم أعلنوا نفس الموقف.
{ ألا ترى أن هذا التلاقي في المواقف كافٍ للتقارب بينكم؟
– ما أراه أن هناك تراجعاً حدث في مواقف (قوى المستقبل)، فقد أعلنوا في المؤتمر الصحفي الأول لهم أنهم تنظيم معارض، وأن حوار (قاعة الصداقة) ناقص وغير جاد، وأنهم يؤمنون بحوار شامل يبدأ بمؤتمر تحضيري وفقاً للقرار (539)، ولكن بعد انهيار اللقاء التشاوري حاول “أمبيكي” كسب نقاط لصالح وساطته، فطلب من (قوى المستقبل) أن تجلس مع آلية (7+7)، وأنا أعتقد أن هذا تراجع، فلو كانت قد جلست مع الحكومة لبحث مسائل إجرائية، فهذا ربما يكون مقبولاً، ولكن هم قبلوا الجلوس مع (7+7)، بمعنى آخر قبلوا الاعتراف بالحوار الجاري الآن وبآليته، وهذا يعني أنهم قبلوا الانخراط فيه رغم أن بعض أطراف (قوى المستقبل) جربت هذا الحوار ووجدته فاشلاً وخرجت منه.
هذا الموقف يمثل تضاداً لموقف المعارضة الذي طرحته في “أديس أبابا”، ورغم أن “د. غازي صلاح الدين” أوضح أن اجتماعهم مع (7+7) كان مجدولاً بواسطة “أمبيكي” قبل اجتماع “أديس أبابا” التشاوري، ولكن اجتماع “أديس” فشل بسبب رفض المعارضة لنهج المؤتمر الوطني الإقصائي وإصرارها على حوار شامل لا يستثني أحداً، وبالتالي كان على (قوى المستقبل) أن تنسجم مع هذا الموقف الذي أعلنته سابقاً وترفض الاجتماع مع آلية (7+7) المراد به إلحاقها بحوار (قاعة الصداقة) الذي لا تتوفر فيه مقومات الحوار الجاد والشامل.
{ هم يبررون لهذا اللقاء بأنهم سيناقشون خلاله كل تحفظات المعارضة على الحوار؟
– كان يمكن أن يكون هذا الكلام صحيحاً لو كانوا سيلتقون الحكومة، ولكنهم سيقابلون (7+7) التي لا تملك حلاً ولا عقداً.
{ الحكومة ممثلة في آلية (7+7) بالتالي هو لقاء مع الحكومة؟
– إن كان كذلك، فلماذا يقابلون (7+7) فليقابلوا الحكومة مباشرة، جلوسهم مع (7+7) يعني أنهم معترفون بهذا الحوار، فضلاً عن أن بعض (قوى المستقبل) التي شاركت في حوار (قاعة الصداقة) وخرجت منه، وأشارت إلى أن تلاعباً قد حدث في آلية (7+7).
{ هل استعانة “أمبيكي” بقوى المستقبل – كما ذكرت – يعني أنه يتم الإعداد لاعتبارها بديلاً عن قوى (نداء السودان)؟
– أكيد أن الحكومة تكون سعيدة بوجود مراكز معارضة كثيرة، ونحن نعتقد أن التحدي المطروح أمام (قوى المستقبل) أن تثبت جديتها وصدقية مواقفها بطرح مواقف تثبت أنها معارضة حقيقية للنظام، نحن في (نداء السودان) معنيون بما يصدر عنهم من مواقف، بعدها نرى كيف نتعامل معهم.
{ في حال اتسقت مواقفهم مع ما تتبنونه من مواقف.. هل يمكن أن تدخلوا معهم في تحالف مشترك أو استيعابهم في (نداء السودان)؟
– من حيث المبدأ كل أطراف (نداء السودان) مقرة بأنه يجب أن يتوسع ويشمل أطرافاً كثيرة موجودة في التشكيل السياسي والمدني، ولكن نحن الآن مشغولون باجتماعات لترتيب (نداء السودان)، ولدينا اجتماع قريب من ضمن أجندته وضع معايير لتوسيع النداء باستيعاب الآخرين من قوى التغيير، وبعدها سيكون القرار وفقاً لهذه المعايير.
هل يمكن أن تقبلوا بعض القوى الإسلامية الموجودة في قوى المستقبل مثل (الإصلاح الآن) أو منبر السلام؟
– نحن في (نداء السودان) ليس لدينا هذه التصنيفات، سنضع معايير وأسس للتعاون مع الآخرين، وهي ستكون الفيصل في تعاملنا مع الآخرين
{ البعض في المعارضة ضد أي تقارب مع أي قوى إسلامية كانت جزءاً من النظام حتى لو كانت معارضة حالياً.. هل تتعاملون بهذه الطريقة؟
– الفيصل هو الموقف الصميم والصلد في مواجهة الواقع الراهن، فإذا أية جهة أثبتت موقفاً صميماً في مواجهة هذا النظام، فليس من المصلحة أن نعاديها حتى لو كانت إسلامية، وبعدها الحساب بوقته.
{ يبدو أن الأزمة السودانية قد وصلت إلى أفق مسدود.. فالمعارضة ترفض الحوار المطروح.. كما يستبعد كثير من المراقبين حدوث انتفاضة شعبية.. ما هو الحل في نظركم؟
– أعتقد أن الأزمة السودانية تشخصها وتحدد أولى مطلوبات علاجها مقولة الرائد النهضوي ع”بد الرحمن الكواكبي”: “الداء استعباد البرية، والدواء استرداد الحرية”.. نحن كمعارضة لسنا ضد الحوار من حيث المبدأ، بل نعتقد أن الحوار الجاد هو وسيلة حضارية لإدارة الخلافات والوصول إلى توافق، وهو الخيار الأسلم للخروج من مستنقع الأزمة التي تعيشها بلادنا، لكن الحوار الجاد الذي يفضي لحل سياسي شامل له متطلبات إجرائية أولية معروفة لتهيئة المناخ ليكون حراً ومتكافئاَ وجادَّاً ومثمراً وليس مجرد معبر لتكريس سلطة النظام.. ليست هناك أية أزمة، مهما بلغت درجة تعقيدها، عصية على التفكيك والحل بشرط أن تلتزم كل الأطراف بحدٍ أدنى من المنطق والاحتكام للعقل، وألَّا يتوهم أي طرف بأنه يحتكر الحقيقة، ويمتلك الإجابات اليقينية على كل الأسئلة.. وإذا كانت الأزمة السودانية قد استفحلت وانتهت إلى آفاق مسدودة فذلك بسبب الطرف المسؤول عنها، وهو نظام الإنقاذ، ولذلك لا خيار أمام السودانيين سوى مقاومته لإجباره على الحل السياسي الشامل والقبول بتفكيك دولة الحزب لمصلحة دولة الشعب أو إسقاطه وإلحاقه بأسلافه في مزبلة التاريخ.. أما القول باستبعاد حدوث الانتفاضة الشعبية فيعني جهلاً بسنن التاريخ التي تؤكد أن الشعوب لا تتصالح مع الواقع الغاشم ولا تيأس من تغييره، وأنها في صمتها تختزن أوجاع مخاض التغيير.. قد تهجع إرادة الشعب للتغيير قليلاً أو كثيراً لكنها لا تموت، ومهما عصفت بها موازين القوة العمياء فهي باقية وقادرة على شقِّ الدروب نحو الحرية والعدالة وكل شروط الحياة الكريمة.
{ عفواً يا باشمهندس ولكن يبدو من كلامك هذا وكأنكم تنتظرون فقط أقدار الله سبحانه وتعالى لتحدث التغيير وأن يثور الشعب من تلقاء نفسه دون أن يكون لكم أي فعل حقيقي يحدث هذا التغيير؟
– كلامك صحيح مطلوب من القوى المعارضة بما أنها أعطت نفسها حق تمثيل الضمير الوطني وإدعائها التعبير عن أشواق الشعب أن تكون في الطليعة وفي المقدمة، أعتقد أنه مطلوب من القوى المعارضة القيام بأدوار اقتحامية لتشكل إلهاماً للجماهير لتتحرك من أجل التغيير، نحن على مستوى حزبنا نقوم بهذا الفعل وفق إمكاناتنا المحدودة، لنا وجود يومي في مخاطبات وندوات رغم أنه لا زال مطلوباً منا الكثير ولازلنا مقصرين، الدعوة لكل القوى المعارضة أنها ترتفع لمستوى التحدي وتفتح كوة في الجدار لترجح ميزان القوة لصالح التغيير، وإن لم تفعل هذا ثق أنه ستتجاوزها الطلائع الشبابية الموجودة وستقوم بمسؤولية التغيير، مثل ما حدث في المحاولة الباسلة في سبتمبر 2013م، والتي كانت قاب مظاهرتين أو أدنى من بلوغ غايتها.
{ – مقاطعة – لكن ألا تتفق معي أن المعارضة في (سبتمبر) بالذات خذلت الجماهير وخذلت الشارع؟
– أتفق معك لحد كبير، المعارضة كانت دون مستوى الموقف في تلك اللحظات التاريخية، ولا بد أن تعي الدرس وأن تكون في مستوى التطلعات.
{ رغم حراك حزبكم الواضح.. إلا أن كثيرين يعتقدون أن تأثيره محدود باعتبار أنكم حزب غير متجذر وسط قطاعات الشعب المختلفة.
– أتفق معك أن حزبنا نشأ صفوياً على قاعدة مؤتمر الطلاب المستقلين وخريجيه في التجمعات المهنية، لكنه أصبح منذ عدة سنوات يتمدد وسط شرائح مختلفة من المجتمع، وفي الخرطوم وفي الأقاليم، ومؤتمرنا العام الأخير وصلنا بعده لبناء تنظيمي ومنظومة حزبية في كل الولايات، ومدنها الكبرى، الحزب الآن لم يعد صفوياً وأصبح منفتحاً على المجتمع العريض، وكل يوم يكتسب فئات واسعة وهذا ينعكس في طلبات العضوية التي تأتينا يومياً، وهذا لقوة طرحه وصدقية مواقفه. أما المخاطبات التي نقوم بها والندوات فإننا نصل عبرها للجماهير وندير معهم حواراً يومياً، وأصلاً التغيير فعل تراكمي، نحن نضع لبنة، ونحن لوحدنا لا نستطيع أن نحدث التغيير، والذي لا بد أن يقوم به كل الناس.
{ بصراحة كم بلغ رقم العضوية الكلية لحزبكم؟
– لا توجد إحصائية محددة، لكن عضويتنا العاملة تقدر بعشرات الآلاف موزعة في ولايات السودان المختلفة، وهي متباينة في انتماءاتها الاجتماعية، لكن هذه العضوية في حالة تزايد يومي، بخلاف هذا لدينا جماهير ملتفة من حولنا، وهذه أعداد كبيرة تناصر الحزب لا يمكن حصرها.
{ أي حزب أو جماعة تكون لها فكرة جوهرية يلتف حولها أعضاء هذا الحزب.. ما هي فكرة المؤتمر السوداني التي تأسس عليها ويأتلف حولها أعضاؤه؟
– المؤتمر السوداني دعوة للاحتشاد حول مشروع وطني من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة التي تعترف بالتعدد وتقوم على المواطنة وتحترم التعدد وتحسن إدارته عبر حوكمة راشدة، وفي هذا نحن ننفتح على كل التراث الفكري الإنساني في كل القضايا، وغير متحجرين.
{ لو جاز السؤال عن أيديولوجيا محددة يتبناها الحزب.. هل أنتم حزب إسلامي أم يساري وهل أنتم أقرب إلى الليبرالية أو العلمانية.. أم ماذا؟
– حزب المؤتمر السوداني حركة تنويرية وثورية.. وفي تحليله للواقع السوداني ينفتح الحزب على كافة ضروب المعرفة الإنسانية وتجارب المجتمعات البشرية، مع مراعاة الخصائص التي تميز المجتمع السوداني عما عداه من مجتمعات وذلك دون انكفاء أو تبعية فكرية. كما يضع الحزب في الاعتبار المساهمات الفكرية القيمة التي صيغت في مسارات حركة مؤتمر الطلاب المستقلين بما وفرته من أدوات في فهم لطبيعة الصراع داخل الدولة السودانية منذ تكوينها الأولي. كما يشجع الحزب ويفتح أبواب التطوير المستمر لأدوات ومناهج التحليل العلمي وذلك عبر الحوارات المستمرة داخل أروقته وبينه وبين جماهير الشعب السوداني على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، وذلك بهدف المساهمة مع القوى الوطنية الأخرى للوصول إلى توافق حول مشروع وطني ديمقراطي لبناء الدولة المدنية الحديثة التي تعترف بالتعدد العرقي والديني والثقافي وتحسن إدارته عبر حوكمة راشدة تعتبر المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات، ونحن من صميم هذه الأرض ومن ملحها، ونطمح أن نكون ممثلين لإنسان السودان في تمظهراته المختلفة الإثنية والثقافية وغيرها.
{ هل يمكن مثلاً أن يضم الحزب أصوات إسلامية تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية مثلاً؟
– الحزب يقف على مسافة واحدة من كل الأديان والثقافات، هذا هو المعيار.
{ ما تقييمك للممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب السودانية.. خاصة الأحزاب التقليدية الكبيرة (حزب الأمة والاتحادي)؟
– دعك من رأيي أنا، حتى هم أنفسهم يرون أن الديمقراطية عندهم غير مكتملة وفيها شيء كثير من الأبوية، لكني أعتقد أن هناك ظروفاً منعت حركة تطور الممارسة الديمقراطية داخل هذه الأحزاب، من أهمها عدم إعطاء فرصة كافية للتطور، لأن الديمقراطية نبتة يجب تعهدها بالرعاية والسقاية ولا يمكن تبلغ كمالها بين يوم وليلة، فوجود الشموليات وتطاولها أثر على الديمقراطية في الكيانات السياسية الموجودة وفي كل البلد.
{ هل أطلعتم على مخرجات الحوار.. وما هو رأيكم فيها؟
– لم نطلع عليها إطلاقاً.
{ ولا عبر وسائل الإعلام؟
– لا أبداً، ولكني بصرف النظر عن المخرجات، فإن الواقع الذي تمت فيه له أثر عليهم، لذلك طرحت بعض الأطراف في المعارضة أن تكون هذه المخرجات هي بضاعة الحكومة وتمثلها ولتأتي بها لتناقش بها الآخرين في كفة أخرى ليس لدينا مانع في هذا.
{ ما رأيك في تصريح مساعد الرئيس “إبراهيم محمود” بأنه سيتحقق السلام بالتي هي أحسن أو التي هي أخشن؟
– هذا طرح بائس، لأن السلام لا يمكن أن يتحقق بالتي هي أخشن، السلام يتحقق بالتراضي وباتفاق عبر اقتناع، ولكن حتى لو قهرت الطرف الآخر وأنجزت بسلام آني وتركت أسباب الصراع منغرسة في الواقع، فسيأتيك غداً من يشعل الحرب مرة أخرى.. السلام بالتي هي أحسن.. شعار نازي يقول (الحرب الضارية أقصر الطرق لتحقيق السلام) وطبعاً هذا لن يحقق سلاماً.