{ بح صوت قلمي وكاد أن ينفجر من التكرار وأنا أكتب ومنذ سنوات طوال عن الإهمال والتجاهل الذي ظلت تعانيه بيوت الله في العاصمة الخرطوم، طيلة سنوات العهد البائد، رغم الشعارات الإسلامية التي ظل يرفعها قادة ورموز ذلك النظام، ومن أكثر المساجد التي قصدت بالإهمال من حكومة الإسلاميين الساقطة (مسجد الخرطوم الكبير ومسجد فاروق العتيق (أرباب العقائد) حيث كانت كل اهتماماتهم موجهة نحو مسجدين فقط (مسجد سيدة سنهوري) في المنشية و(مسجد النور في الحي الرئاسي (كافوري)، وكنت أظن وبعد تفجر ثورة أبريل وتشكيل حكومة انتقالية أن ينتبه مسؤولون في حكومة الخرطوم في العهد الجديد إلى الأحوال المأساوية التي تعانيها تلك المساجد، خاصة مسجد الخرطوم الكبير الذي مازال يعاني من الدمار الشامل في مبناه خاصة من الداخل، وظل هذا الدمار لسنوات طوال، أما الكارثة الكبرى التي كتبت عنها مؤخراً مراراً وتكراراً بعد تنبيهات وبلاغات وصلتني من بعض المصلين، كما وصلت لمدير شرطة ولاية الخرطوم السابق “خالد بن الوليد”، الذي تجاهل الأمر إلى أن غادر غير مأسوف عليه، وتلك البلاغات تؤكد بأن مسجد الخرطوم الكبير ظل ومازال محاصراً من الخارج بالكبائر والرذائل والمحن ما ظهر منها وما بطن، وحدثني من أثق في كلامه أن مسجد الخرطوم الكبير منذ سنوات الإنقاذ الأولى وحتى البارحة، لم يحظَ بزيارة تفقدية من كل ولاة الإنقاذ السابقين وإلى آخر والٍ ساقط في العهد البائد، وحتى الوالي الحالي في الحكومة الانتقالية الذي توسمنا فيه الخير، تأكد أنه ومنذ أن تقلد مهامه والياً للخرطوم (لم يهوب ناحية المسجد الكبير).
{ أما ما جعلني اتأكد تماماً بأن دور العبادة خارج شبكة اهتمامات قيادات وموظفي حكومة ولاية الخرطوم، أمس الأول (الأحد) ذهبت بنفسي إلى (إدارة النقل العام والبترول) بشارع الغابة والتابعة لوزارة البنية التحتية، التابعة لولاية الخرطوم، بحثاً عن (تصديق جازولين) لمسجد فاروق (أرباب العقائد) وهذا المسجد للذين لا يعلمون هو مسجد الخرطوم العتيق، المهم وجدت (إدارة النقل العام والبترول) موظف يدعى “محمد فاروق” قدمت له طلب (مسجد فاروق) طلب مني أن أحضر غداً (تعال بكرة) وبالأمس (الإثنين) عُدت إلى هناك ممني النفس بتصديق عاجل، ولكن للأسف لم استطع الوصول لـ”محمد فاروق” بسبب إجراءات محاصرة (الكورونا) داخل ذلك المبنى، وتم إرشادي من قبل رجل الشرطة على موظف يدعى “عبد الله” قيل إنه (سيد الزبدة) وفي يده (ختم التصديق) وعندها أطلعت “عبد الله” على طلب (مسجد فاروق للجاز)، ورغم تأكيدي له بأنني حضرت بالأمس وطلب مني (محمد فاروق) أن أحضر اليوم، فكان رده الصادم أن طلب مني هو الآخر أن أحضر (بكرة) (الثلاثاء)، وعندها وبسبب ازدحام المكان و(تعظيماً لشعائر الله) تحدثت معه بنبرة عالية لكي يولي المساجد حقها من الاهتمام، ثم استفسرته لماذا لم يخصصوا يوماً لدور العبادة ضمن قائمة (المنشور التنظيمي) التي ضمت المستشفيات والمشاريع الزراعية والمؤسسات الحكومية والشركات والمصانع والمخابز وتوزعت بينها أيام الأسبوع)؟ جاء رده غير المقنع أن المساجد مع المؤسسات الحكومية ثم تركني وذهب إلى الداخل. وحينها عرفت بأن دور العبادة كما لا حظ لها من الرعاية من قبل قيادات حكومة الولاية، فإنها أيضاً لا حظ لها من الاهتمام حتى من صغار الموظفين، خرجت من هناك يملأني العجب ويسيطر علىَّ الغضب، وقلت في نفسي يبقى للمساجد رب يتولاها بالرعاية والتعظيم.
{ والله العظيم وكتابه الكريم بعد أن ( قنعت من خيرا فيهم ) وفور مغادرتي بخطوات معدودة لذلك المكان الكئيب الذي يمتلئ بـ(الوجوه المكممة) وبالفزع والخوف من كورونا (إدارة النقل العام والبترول) اتصل علىَّ فاعل خير تعهد بتوفير وقود لمولد المسجد العتيق مسجد (فاروق).
{ في دواوين الحكم بولاية الخرطوم هذه الأيام ما أكثر المتحكمين الذين يخشون من (كورونا) ولا يخافون الله .!!
{ في كل يوم تزيد قناعتي و يتأكد لي أنها لم تسقط بعد!!