نوافذ

العشق المباح

الشوق لك أيها الوطن الحبيب ..
ملايين الكلمات التي تشاغب وتجتهد في سبيل الخروج وتجد من يرتبها، وأنا لم أعد تلكم الأنثى التي تجيد فن الترتيب، لأن الفوضى التي خلفها غيابي عنك بدأت تنتشر في أوعيتي الدموية!! بينما تزدحم السيارات في نهارك الذي تأكل فيه الشمس في الطرقات، ويبدأ صوت الأبواق يسري مثل أشعة الشمس إلا أن الشمس تسري عبر البصر والإحساس، بينما يسري صوت أبواق السيارات عبر السمع، حينها كنت استمتع بذلك الإحساس الذي يجلب الاستياء لغيري، كان يمتعني ذلك الجو الذي قلما يحدث في بلد!!
اشتاقك يا وطني، وافتقر إليك، لأن الوطن يعني الانتماء، الانتماء لتلكم القرى التي يسيطر عليها الكرم وتكبلها جميل الخصال بقيود الأدب!!
أحبك أيها الوطن الحبيب!!
الجدران التي ترك عليها الخريف بصمته، رائحة البن التي تعطر الأماكن، السلام الذي يخرج من العيون قبل الأفواه والأيادي، النساء اللائي خرجن للتسوق منذ الصباح الباكر، أعشق كل هذا فيك!!
رغم أني تجولت في بعض الدول الأخرى كثيراً، إلا أنني دائماً ما أفتقد طعمك ونكهتك ولونك الذي لا يشبه ألوان قوس قزح.
أحبك يا وطناً بطعم البطولات والمعارك، يا وطناً بحجم قارة، أحبك ليس لاتساع مكانك في بقعة الأرض تلك، وإنما لاتساع مكانك في القلب والذاكرة والروح.
اشتهيك مثلما تشتهي الأمهات أبناءهن، وألوذ بذكراك بينما يستحيل الأمل!!
أثور في وجه كل من شرع في الحديث عنك بما يؤذيك دون أن أعي، لأني أحبك، والحب هو أن تقبل ما تحب بعيوبه وميزاته، بمحاسنه ومساوئه، أو ربما لأننا نحن من صنعنا في جسدك هذه الندوب التي يتحدث عنها البعض!!
أحن إليك كلما أخرجت الشمس لسانها لتشمت بي من يعرفني ومن لا يعرفني!!
وأتوق لرؤياك حتى وأنا بين نبضك وثراك!!
أحبك أيها الوطن الجميل!!
هذا الدم الذي يجري في الأوردة والشرايين، وهذا الأوكسجين الذي يتوق لمعانقة رئتيّ، وهذا النبض الذي يصافح القلب ليمنحه الحياة، كل هذا ليس إلا أنت!!
يا وطني الذي من الإلفة جاء أول حروفك، ومن الليل جاء ثانيها، ومن السؤدد جاء ثالثها، ومن الوضاءة والوجد جاء رابعها، ومن الدماء جاء خامسها، ومن الإيمان جاء سادسها، ومن النهار والنقاء كان سابعها، كيف لا أحبك يا وطناً جمع الليل والنهار في الإلفة والنقاء بسؤدده، آمنا بعشقه فجرى بين الدماء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية