المطرب «صلاح ولي»: الكبار أفادوني .. ولا أهتم بما يُقال عني!!
سطع نجمه سريعاً منذ انطلاقة تجربته الغنائية ربما ساعده على ذلك حظه الذي وضعه في طريق كبار الشعراء والملحنين والموسيقيين والنقاد، ما أكسبه شهرة تتجاوز عمره الفني القصير. التقيناه باتحاد الفنانين والمهن الموسيقية، وهو يتميز إلى جانب أدائه الرائع وصوته المميز، كما يقول عنه النقاد، بخفة الدم والتعامل الطيب مع الكبار، وقال لنا إنه سعيد بكونه يتلقى الانتقادات والتوجيهات من الكبار، لأن ذلك يسهم في تطوير أدائه ويعلمه الكثير.
إنه الشاب المطرب صلاح ولي الذي يتسم أداؤه بالاستعراض قفزاً وركضاً على خشبة المسرح وسوح الغناء، التقته (المجهر) في دردشة خفيفة، عبر هذه المساحة:
} من عريك إلى الخرطوم
اكتسب “ولي” هذا اللقب من لاعب الهلال الراحل ” والي الدين محمد عبد الله، وهو بعد يافع في مدينته (الدويم) التي بدأ فيها الغناء بأسلوبه الاستعراضي الخاص، الذي يشبه طريقة لاعبي كرة القدم، وأشار “ولي” إلى أن أسلوبه هذا وجد قبولاً من الجمهور، ما جعله يستعصم به، وأضاف: هذا إلهام رباني جعل الناس يلتفتون إلىّّ وينجذبون لي، ويلتفون حولي، ومضى قائلاً: لم أتعرض لأية إصابة خلال ممارستي لهذا النوع من الاستعراض، كما لم أواجه أي تذمر أو رفض من قبل الجمهور.
أما عن بداياته فقال إنها كانت بقرية (عريك) قرب مدينة “شبشة” حيث النشأة، وأنه بدأ يتغنى بأسلوبه المسرحي الخاص، وقبل أن يتجه إلى أعماله الخاصة، تغنى لكبار المطربين مثل “الكاشف، خضر بشير، حمد الريح، وإبراهيم عوض” ولحسن حظه تعاون مع عدد من الشعراء والملحنين الكبار، وعلى رأسهم يوسف القديل ويوسف صديق في (سمارة) و(بيناتنا الجميل) و(عديل عليك) من كلمات وألحان ذو الكفل عبد القادر ومحمد حسن بلال، كما تعامل مع كبار الشعراء أبو قطاطي، مختار دفع الله، وخالد فيروز، وله أعمال كثيرة منها ما هو مسجل في عدد من الإذاعات والفضائيات.
} شهادة ميرغني البكري
وجد صلاح ولي في بدياته الفنية سمعة طيبة بشهادة شيخ النقاد ميرغني البكري كانت الدافع الأكبر له في مسيرته، رغم ما وجه إليه من انتقادات كبيرة، وفي هذا أوضح “ولي” أن شهادة البكري كانت بمثابة نقطة الانطلاق بالنسبة له، والبحث عن تقديم الجيد واحتذى في ذلك درب صديقه الحبيب والراحل محمود عبد العزيز، وأضاف: شهادة البكري – وبحمد الله – كانت أمام المطرب العملاق أبو عركي البخيت، وحينها قال الأستاذ البكري موجهاً كلامه إلى أبو عركي البخيت: أنت و”ود اللمين” طلعتكم المسرح سنة كم، ورد “عركي”: ما بين 1963م، و1964م، وأردف “البكري” مشيراً نحوي: هذا سيكون له شأن مثلكم. وهي شهادة اعتز بها، وأسأل الله أن يوفقني وأكون على قدر هذه المسؤولية الفنية التي ألقاها على عاتقي أستاذ الأجيال البكري.
} الما عندو كبير يشتري ليهو كبير
وعن رأيه في النقد اللاذع الذي وجهه إليه البعض قال “ولي”: لا يهمني أحد وليس لديَّ رغبة في الرد عليهم، لكنني سأواصل مسيرتي هذه حتى الممات ما دام كبير النقاد أشاد بي فلا يهمني أحد آخر، وأردف بخفة دمه المعهودة: يومي الشفتك يا أستاذ “بكري” شفت الهنا، وأضاف: يكفي أن مدرب الهلال “غارزيتو” أشاد بلياقتي البدنية في حفل أقمته بإستاد الهلال، كما ينبغي لي – هنا وإحقاقاً للحق – أن أكشف لكم عن أن زميلكم الأستاذ محمد عبد الباقي هو أول صحفي كتب عني وأشار إلى إمكانياتي.
وعن سر تواجده الدائم باتحاد المهن الموسيقية الذي يكاد يخلو من المطربين الشباب، وجه ” ولي” بنبرات حزينة وانفعال كبير انتقادات إلى زملائه من المطربين الشباب لعدم مجيئهم للاتحاد، وعاب عليهم ذلك، مؤكداً أن الاتحاد وعاء جامع لكل مطربي السودان، والكل يستفيد من تجارب الآخرين خاصة الكبار، وثمَّن عودة الشباب لدارهم لأنها لا شك سوف تفيدهم، وأضاف إنه كلما يلتقي زملاءه الشباب يلومهم على عزوفهم عن بيت الإبداع والشعراء والأفكار. وأشار إلى أن تواجده في الإتحاد وجد الإشادة من الراحل زيدان إبراهيم والشاعر التجاني حاج موسى وكمال ترباس و”ود الأمين” وأبو عركي البخيت بجانب الموسيقيين، وزاد في حديثه و(الماعندو كبير يشتري ليه كبير).
} وانتهينا بالدموع
ورغم ما أشيع عن سوء العلاقة بينهم كان “صلاح ولي” أحد القليلين الذين سافروا إلى الأردن للاطمئنان على صحة الراحل المقيم محمود عبد العزيز ، وفي ذلك أكد “ولي” لـ(المجهر) أن العلاقة التي تجمعه بالراحل محمود عميقة وقوية لدرجة لا يتصورها الكثيرون، وإن ما كان يحدث بينهما يندرج في إطار توجيه الكبير لأخيه الصغير، وأن محمود رعاه ودعاه للتمسك بالغناء الجيد، ونصحه بالبعد عن الهابط حتى إذا أضطر لترك الغناء. ثم صمت برهة قبل أن يضيف: من الصعب أن أتحدث عن حبي العميق لـمحمود وصداقتنا القوية، وأن العلاقة بيننا أضحت أسرية، ولفت إلى أن محمود مدرسة غنائية فريدة قل نظيرها. وأضاف إن سفره للأردن حدث بتسهيل من الله عز وجل في أقرب فرصة بعدما أرهقه مرض “الحوت” وصعب عليه الانتظار وقرر أن يذهب ليراه ويطمئن عليه، فكان بين ليلة وضحاها وفي يومين فقط استلم تأشيرة الدخول للأردن وكان سعيداً أيما سعادة بأن يراه طريح الفراش ويحضر خاتمته ويأتي مع جثمانه حتى يدفنه بأرض الوطن، وبعد الحديث عن محمود صمت “ولي” بعد أن غمرت الدموع عيناه معلنة انتهاء الحوار.