أزمة مراكز غسيل الكلى.. مازال المشهد يتكرر!!
ظلت مراكز غسيل الكلى تعاني بصورة متكررة من تأخر صرف ميزانيات التسيير، ما أدى إلى حدوث نقص في المستهلكات والمعينات من أدوية منقذة للحياة ومحاليل وغيرها، وانقطاع الكهرباء بجانب تعطل وتهالك ماكينات الغسيل ببعض المراكز. وأصبح احتجاج المرضى وإغلاقهم للطرق الرئيسية والكباري للتعبير عن خطورة وضعهم أمراً مألوفاً، وقد تكرر هذا المشهد أكثر من مرة، لكن لا حياة لمن تنادي.
هالني ما أخبرتني به طبيبة عاملة بأحد مراكز غسيل الكلى بالخرطوم، أن المرضى بالمركز الذي تعمل به قرروا تعريض حياتهم للخطر بعدم خضوعهم لعملية الغسيل، ليرفعوا الحرج عن العاملين بالتوقف عن العمل في حالة عدم سداد وزارة المالية لمتأخراتهم، ما أدى إلى انعدام المستهلكات والأدوية وتكرار انقطاع الكهرباء، وقالت إن المرضى لجأوا إلى سداد فاتورة الكهرباء من جيبهم الخاص حتى يتمكنوا من إكمال الغسيل، وأكدت أن العاملين بالرغم من ظروفهم الصعبة وعدم تسلّم استحقاقاتهم لمدة شهرين واصلوا العمل مراعاة لظروف المرضى وعلمهم بضرورة استمرار عمليات الغسيل، منعاً لحدوث مضاعفات للمرضى وانتكاسة في حالاتهم.
{ مراكز الغسيل.. مجهولة الهوية
أصبحت مراكز غسيل الكلى مجهولة الهوية بالرغم من صدور قرار بأيلولتها للولايات، فقد رفضت وزارة الصحة ولاية الخرطوم تسلّمها إلا بميزانياتها ما أدى إلى حدوث ربكة في المراكز وتبعية الميزانية (المالية الاتحادية أم الولائية).. الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة ولاية الخرطوم أكد لـ(المجهر) أن المراكز لا تتبع لوزارة الصحة الولائية، وقال إنها تتبع للوزارة الاتحادية بالرغم من أن وزير الصحة الاتحادي “بحر إدريس أبو قردة” قال لـ(المجهر) في حديث سابق (إن جميع مراكز غسيل الكلى تمت تبعيتها للولايات على أن يكون المركز القومي للكلى مشرفاً على المراكز، وأضحت جميع مراكز غسيل الكلى البالغ عددها (51) تتبع للولايات منها (24) مركزاً يتبع لوزارة الصحة بالخرطوم).
{ المشهد يتكرر
في ظل هذه الربكة واللغط الدائر حول المراكز أصبح المرضى هم المتضررون الوحيدون، فمشكلة تأخر صرف الاستحقاقات لم تكن الوحيدة التي واجهت المراكز، بل إن تعطل الماكينات وتهالكها كثيراً ما أدى إلى توقف العمل. هذا ما أكدته مريضة بأحد المراكز، وقالت إن تعطل ماكينات الغسيل متكرر بعدد من المراكز، وهذا يؤدي إلى تأجيل الغسيل للمرضى. وليس بعيداً تمدد مرضى غسيل الكلى بمستشفى الخرطوم في الشارع الرئيسي (الأسفلت) أمام (المركبات) معرضين حياتهم للخطر دهساً تحت عجلاتها احتجاجاً على إيقاف الغسيل، وبعدها خرج الأطفال المرضى وذووهم بمستشفى (جعفر بن عوف) واغلقوا شارع المستشفى ما عطل حركة المرور أيضاً جراء تأخر استحقاقات العاملين وانعدام المستهلكات، ثم قام مرضى الغسيل بمركز (الصافية) بإغلاق كوبري النيل الأزرق لمدة (4) ساعات لنفس الأسباب السابقة، وقبله خروج المرضى بمركز (مستشفى الوالدين) وإغلاقهم شارع العرضة.. والآن تتجدد نفس المشاهد وتتكرر بخروجهم لنفس الأسباب.
{ انفراج الأزمة جزئياً
أكد مدير المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى د. “محمد السابق” لـ(المجهر) بدء الترتيبات لإجراءات تسليم المراكز لولاية الخرطوم، وقال إن جميع المراكز البالغ عددها (51) مركزاً تمت تبعيتها للولايات، منها (24) مركزاً بولاية الخرطوم. وأعلن السابق تسديد متأخرات شهر (يناير) لجميع المراكز بالخرطوم، وقال إن المركز القومي الذي يتبع لوزارة الصحة الاتحادية أصبح مسؤولاً عن الخطط والبرامج، مقراً بوجود إشكالات تواجه المراكز في الولايات جراء تأخر الميزانيات وتعطل الماكينات ونقص المعينات والمستهلكات، وأشار إلى أن الولايات تسلّمت المراكز منذ أغسطس الماضي باستثناء ولاية الخرطوم.
{ تجدد الإضرابات
هدّد العاملون بمراكز غسيل الكلى بتنفيذ إضراب عن العمل بجميع المراكز في حالة عدم سداد مستحقات شهر (ديسمبر)، وأكد عدد من العاملين معاناتهم وظروفهم المعيشية الصعبة جراء تأخر المستحقات. ولفت أحد العاملين (المجهر) إلى ضعف المرتبات والحوافز وتأخرها على قلتها، مشيراً إلى لجوء بعض العاملين للاستعانة بأشخاص من خارج المراكز للتغطية بدلاً عنهم في حالة حدوث ظروف خاصة، وقال إن العاملين اتفقوا على تقديم استقالات جماعية في حال عدم التزام وزارتي الصحة والمالية بدفع متأخرات (ديسمبر)، وأبدوا تخوفهم من أن تسقط بحجة قفل الميزانية، وطالبوا الجهات المسؤولة من وزارة المالية والصحة بضرورة صرف المستحقات في وقتها لتفادي حدوث ضرر يقع على مرضى الغسيل. وأشار إلى مراعاتهم ظروف المرضى، وأوضح أنهم سيضطرون للتوقف عن العمل في حال تجاهل الوزارة لمطالبهم وعدم النظر في قضاياهم. وكشف مصدر بأحد مراكز غسيل الكلى لـ(المجهر) عن رفع خطاب لإدارة المركز لصرف استحقاقاتهم ومنحها مهلة أسبوعين قال إنها انقضت ولم يتم الإيفاء بالاستحقاقات، وقال إن العاملين أجمعوا على الدخول في إضراب.