تذكروا باسولي!!
{ قبل عام فقط من الآن كان اسم “جبريل باسولي” على لسان كل سوداني.. من الوزراء حتى أطفال شوارع معسكر أبو شوك لضحايا الحرب في دارفور.. كان “جبريل باسولي” طويل القامة شعره قرقدي.. عيونه عسلية.. مسلم الديانة.. شيخه “أحمد التجاني” في فاس.. منصبه وزير خارجية بلاده (بوركينا فاسو) أسندت إليه الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي مهمة الوساطة بين متمردي دارفور والحكومة السودانية.. و”باسولي” كان شخصية جذابة.. بسيط جداً ومثقف عميق.. لعب دوراً في كبح جماح التدخل الدولي الوشيك في دارفور بتدخل أفريقي حقق قدراً من النجاح.. والآن غادر “باسولي” المشهد السوداني وذهب إلى سبيله ولكن تبقى قصة مداعبة ناعمة بين الوزير (البوركيني) ووزير الخارجية السوداني.. ود.”غازي صلاح الدين” مستشار الرئيس السابق..
حينما لعب منتخب السودان مباراة تنافسية في البطولة الأفريقية السابقة مع “بوركينا فاسو”.. انتصر السودان على “بوركينا فاسو”.. وترقى للدور الثاني قبل أن تطيح “زامبيا” بآماله وتبعده عن البطولة.. ومباريات كرة القدم تظل في دهاليز وأروقة السياسة حاضرة.. وحينها كان “باسولي” في زيارة للخرطوم فداعبه مسؤول كبير من الحكومة بأن السودان انتصر على “بوركينا فاسو”.. تقبل “جبريل باسولي” المداعبة من منصة المؤتمر في الفاشر التي كان “جبريل باسولي” يزورها بمناسبة تدشين أعمال السلطة الانتقالية.. فقال “باسولي” ضاحكاً البطولة الأفريقية القادمة سيكون النهائي بين “بوركينا فاسو” والسودان، وغير مهم من ينتصر في المباراة ويحمل كأس العرش الكروي الأفريقي.. ضحك كل من كان حاضراً.. لخفة دم الوزير البوركيني واستحالة أن يبلغ السودان و”بوركينا فاسو” المباراة النهائية في بطولة أفريقية (تهيمن) عليها القوى العظمى (كروياً) في أفريقيا من مصر إلى الكاميرون ونيجيريا وغانا وساحل العاج.. فكيف (للمهمشين) أمثال السودان وبوركينا فاسو والنيجر وبتسوانا وتشاد الاقتراب من الأميرة السمراء دع معانقتها واحتضانها..
{ ما كان “جبريل باسولي” يتحدث من (فراغ) ولا كان يمني نفسه بالمستحيل ومن شاهد ليلة مصرع غانا على أيدي قوات البوركيني الأسبوع الماضي وبلوغها المباراة النهائية وخضوعها لمعركة تكسير العظام يومي أمس الأول في مواجهة نسور نيجيريا وخسارة لقب البطولة وحصول بوركينا فاسو على المركز الثاني يدرك أن العزيمة والإصرار والتخطيط والروح المعنوية والإيمان بالحظوظ هي طريق النجاح.. والخيبة والفشل هما ثمرة من يتحدث ولا يعمل، ويبكي على الماضي ولا يخطب المستقبل.. فالمنتخب الوطني الذي هزم بوركينا فاسو قبل عام واحد من الآن ودحرجها خارج سباق البطولة التي أقيمت في غينيا والجابون.. خرج هذا العام على أيدي الإثيوبيين من الخرطوم وعاد لمقاعد المتفرجين.. بينما (بوركينا فاسو) أعادت تنظيم صفوفها.. ووضعت أهدافاً لمنتخبها حتى أصبح كل لسان..
{ بوركينا فاسو أفقر من السودان ولا يتعدى تعداد سكانها الـ (16) مليون نسمة وهي موطن لقبائل (الأمبررو) التي كان يشكل وجودها في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان إضافة حقيقية للتنوع الثقافي والإثني، وبوركينا فاسو هي تساهم بجنودها وضباطها في قوات (اليوناميد) في دارفور لتحمي السودانيين من أنفسهم.. وبفضل الاستقرار السياسي وقدرة قادتها على إدارة شأن بلادهم بحكمة وعقلانية صعدت هذه الدولة الصغيرة رياضياً وسياسياً حتى أصبحت لاعباً دولياً مهماً بينما نحن أصبحنا عبئاً ثقيلاً على العرب والعجم!!