الجنينة – عبد الرحمن محمد احمد
بالرغم من الجهود التي تبذلها حكومة ولاية غرب دارفور لتحقيق الأمن والاستقرار، تتباين الآراء وسط قطاعات المجتمع المختلفة في الولاية. ويرى البعض أن الوالي الجديد يمتاز بـ”كاريزما” إدارية ومؤهلات علمية تمكنه من إحداث اختراق كبير في المشروعات، ولكنه وقع في نفس تجربة الوالي السابق الذي قام بتعيين مدير عام للصحة ينتمي للحزب البائد، وأنه بذلك سيشرب من نفس الكأس بعد موافقته لمدير عام المالية بتعيين مدير جديد للتجارة والتموين بالولاية، بالإضافة إلى عدم تلمسه للقضايا الراهنة للتغيير، في ما يتعلق بالإصلاح الإداري ومراجعة ملفات المشروعات التنموية وتحسين معاش الناس.
الوالي يترافع
والي غرب دارفور اللواء ركن د. “ربيع عبد الله آدم” دافع عن جهود حكومته في الفترة الماضية، خاصة في ما يلي بسط هيبة الدولة وحكم سيادة القانون من أجل عودة النازحين. وشدد على ضرورة محاربة الظواهر السالبة ومحاسبة كل من يسهم في زعزعة الأمن والكراهية وسط المجتمع، منوهاً إلى القبض على (11) متهماً، فضلاً عن المساعي الجارية للوصول إلى متهمين آخرين، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة العدلية والنيابة واللجان المختصة. وقال إن الهدف من قفل الأسواق يأتي نتيجة للمشاجرات والتعدي التي تحدث بين الحين والآخر. وأضاف أن أولوياته تكمن في عودة النازحين إلى مواقعهم، وتذليل الصعاب التي تواجههم مع الجهات ذات الصلة.
إصلاحات واجبة ..
ممثل الحزب الشيوعي السوداني، القيادي بقوى الحرية والتغيير “أحمد عمر آدم ” قال إن قوى الحرية قدمت ملفات إصلاحية متعلقة بهياكل السلطة للحاكم العسكري السابق، مسنودة بالأدلة عن جرائم فساد مالية وإدارية تمت في عهد الحاكم السابق، واتهمته بالتهاون مع عناصر النظام البائد على مستوى مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن قوى الحرية والتغيير بالتنسيق مع الحاكم العسكري المكلف بصدد تكوين لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، واسترداد أموال الولاية التي نهبت منذ 11/ أبريل في عهد النظام البائد. ورأى أنه في ما يخص إصلاح هياكل المؤسسات ليس هناك جديد وما زالت مؤسسات الخدمة المدنية في قبضة الدولة العميقة.
مدير يتبع للنظام البائد
وأضاف أن الحاكم العسكري المكلف قام بالموافقة على تعيين مدير جديد للتجارة والتموين يتبع للنظام البائد. ويضيف أن حزبه قدم مقترحات بشأن عودة النازحين إلى مواقعهم بتشييد المنازل المحروقة، وتكوين قوة مشتركة من الجيش والشرطة لتوفير الحماية وتقديم جميع المتورطين في أحداث (كريندنق) إلى محاكمات عادلة بما فيها لجنة أمن الولاية في عهد الحاكم العسكري السابق اللواء “عبد الخالق بدوي” والسماح للمنظمات العاملة في المجال الإنساني بتقديم الغذاء والعلاج للمتضررين وإعادة الممتلكات التي تم نهبها أيام أحداث (كريندنق).
ظهور عصابات
ويقول “آدم” بشأن إغلاق الأسواق في الفترة المسائية بسبب بعض التفلتات والممارسات إلإجرامية، إن الأحداث مازالت تحدث في مدينة الجنينة، حيث قتل عدد من الأفراد في نواحٍ متفرقة داخل الأحياء السكنية وبالقرب من الأسواق، بجانب وجود تناحرات قبلية كرد فعل للأحداث الأخيرة وحوادث نهب ممتلكات المواطنين وظهور عصابات تحمل سواطير تثير الهلع في بعض الأسواق، خاصة سوق (العطرون) وسوق (الجمارك)، وهذه العصابات لها ممارسات أشبه بممارسات عصابات (النيقرز).
ويرى “آدم” أن قرار إغلاق الأسواق لا يحل مشكلة التفلتات الأمنية، كما أن هذه الأسواق تنتعش في أوقات الليل، وتشكل مصدر دخل للعديد من الأسر، وبالضرورة يجب تأمينها بنقاط ارتكاز، وتأمين الأحياء السكنية بتفعيل الدوريات الليلية. كما أشار إلى توقف مشروعات (الطرق الداخلية) ومشروع نفرة تنمية غرب دارفور، بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني واختفت مبادرة نفرة تنمية غرب دارفور، وتم تجفيف الخزينة من الأموال الضخمة التي جمعت بشأن نفرة التنمية، وأضاف: (كما هو معلوم هناك أموال توفرت بغياب مخصصات الدستوريين وأعضاء المجلس التشريعي وكان يجب أن يكون هناك فائض في الميزانية يوجه لتنمية الولاية ولكن ذلك لم يحدث، ونرى ضرورة التسريع بتكوين لجنة إزالة التمكين لتباشر مهامها، وتسترد كل أموال الولاية التي تم نهبها، وتشهد الولاية الغلاء وارتفاع الأسعار وتكدس البضائع واحتكارها بالأحياء السكنية).
قرار غير موفق
ويقول ممثل منظمات المجتمع المدني “الطيب سليمان” إن خطوات حكومة الولاية تجاه إغلاق الأسواق المسائية بالجنينة غير موفق، لافتاً إلى أن تلك القرارات تفقد مجتمع المدينة الإحساس بالأمن والأمان، باعتبار أن ميزان المدينة هو التسوق على مدار الأربع والعشرين ساعة، لذلك يتوجب على الولاية حماية المجتمعات في جميع دروب الحياة. وذكر: (إن التفلتات الأمنية الأخيرة هي ليست تفلتات في رأيي بل هي فوضى خلاقة وغياب سلطة والدليل على ذلك أن هذا الأمر يمكن أن يحسم في الحال، ولكن التباطؤ في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب أوصل الولاية إلى ما نحن عليه الآن). وزاد: (ما أريد التأكيد عليه أن السلع الإستراتيجية تهرب على مرأى ومسمع الجميع، وفي وضح النهار عبر الطرق الرئيسية بالمدينة، وسؤالي: من المسؤول عن تأمين الاقتصاد؟).
أما المواطن “حافظ موسى حمدان” يرى أن الوالي الجديد لم يوفق في مخاطبة جذور أزمة ولاية غرب دارفور التي تكمن في الفساد المالي والإداري باعتبارهما العلاج لحل قضية تخفيف المعاناة الاقتصادية عن كاهل المواطن، منوهاً إلى الانعكاسات السالبة التي نتجت جراء بيع المخزون الإستراتيجي ومشروعات البيع المخفض، بجانب ملفات سرقة ممتلكات اليوناميد. ويرى “حافظ” أن على الوالي الجديد مخاطبة آثار نزوح معسكرات النازحين بطريقة واضحة من خلال وضع الحلول الأمنية، ومراجعة لجان الطوارئ الخاصة بمفوضية العون الإنساني، والسعي لمعالجة الخلل الإداري حول تعيين ضابطاً إدارياً مديراً للتجارة والتموين وهو ليس له انتماء وظيفي بوزارة المالية. وقال إن خطوات حكومة الولاية لإغلاق الأسواق سيزيد من وتيرة الضائقة الاقتصادية للمواطن، لذلك لابد من بسط هيبة الدولة، والسعي تجاه مشروعات التنمية والمخزون الإستراتيجي والتصرف في ممتلكات اليوناميد والتصاديق الخاصة بالدقيق، ومراجعة عقودات مشروعات الطرق الداخلية ومشروعات التنمية ومكتب التنسيق بالخرطوم، وضرورة إيقاف الصرف والمحافظة على المال العام. هذا ويرى مراقبون أنه وبالرغم من إيقاف الصرف المالي على الدستوريين والمجالس التشريعية، إلا أن وتيرة التنمية متوقفة.