تقارير

“أبيي” نقطة استقطاب تهدد العلاقة بين الخرطوم وجوبا

بعد قرار "سلفاكير" الأخير بتبعية المنطقة لإحدى الولايات

الخرطوم – فائز عبد الله
اعتبر خبراء، قرار رئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير ميارديت ” الأخير بتبعية “أبيي” لجنوب السودان، واعتبارها وحدة إدارية تابعة لإحدى الولايات، قراراً خطيراً واستفزازياً للخرطوم، ولا يساعد على دعم المبادرة الأخيرة التي أعلنها “سلفاكير” بالمضي لتحقيق السلام بين البلدين.
وتظل قضية ” أبيي “مصيراً سياسياً مجهول النهايات، وتشكل نقطة استقطاب حاد بين الحركة الشعبية وحكومة السودان، لدرجة أنها شكلت تهديداً حقيقياً كاد يجهض تقدم مفاوضات السلام الشامل بنيفاشا الكينية عام 2004م، إلى أن تقدم “دونالد بوث” المبعوث الأمريكي الخاص لمفاوضات سلام “نيفاشا” بنقاطه الست المشهورة التي شكلت اختراقاً ناجحاً لمفاوضات السلام الشامل التي كادت تختنق. واعتبرت الورقة الأمريكية في ما بعد نقطة التحول التي قادت لنجاح التفاوض والتوقيع على بروتوكولات السلام الستة في السادس والعشرين من أبريل عام 2005م.
معوقات جديدة..
وبالرغم من ذلك الاختراق في قضية “أبيي” ظهرت معوقات في طريق تنفيذ البرتوكول الخاص بالمنطقة، وكانت أولى هذه المعوقات هو الاختلاف حول توصيات مفوضية حدود منطقة “أبيي” ثم التباين في تفسير نص البروتكول نفسه حول تعريف “من هم السودانيون الآخرون” الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء الخاص بمصير منطقة “أبيي”، وهو الاستفتاء الموازي لتقرير مصير جنوب السودان الذي خطط لهما أن يقاما بالتزامن في التاسع من يناير عام 2011م.
وقالت قيادات بالمعارضة الجنوبية و”أبيي” إن التسوية حول قضايا المنطقة وتبعيتها لم تحسم بعد، واتفاقية “بروكسل” لم تمنح جنوب السودان حق في التصرف في المنطقة. وقالوا إن الخطوة ستؤثر على مسيرة دعم مفاوضات المجلس السيادي ومكونات الجبهة الثورية. ووصفوا أن قرار “سلفاكير” بالخطير في كونه يأتي ضمن تداعيات، واعتبروه قراراً خاطئاً يُعد انتهاكاً صارخاً لسيادة الخرطوم ووحدة أراضيه، وذلك عندما يكون حديث “سلفاكير” بأن المنطقة تابعة لجنوب السودان. وحذروا من أن صمت الخرطوم سيفقدها المنطقة بإكمالها بعد فقدانها عدداً من المناطق.
وطالبت قيادات المعارضة بجنوب السودان المجلس السيادي بإعلان رفضه لأي إجراء قد يؤدي إلى قيام أزمات جديدة في منطقة “أبيي” وعلى حدود دول الجوار بين البلدين .
وقال نائب الحركة الشعبية بالداخل “كاربينو دينق ” في حديثه لـ(المجهر) إن “سلفاكير” لا يملك الحق في إعلان منطقة أبيي كوحدة إدارية تابعة للجنوب، ولا يوجد قانون يمنحه ذلك. وأضاف أن المنطقة “متنازع عليها بين الدولتين “الشمال والجنوب” والاتفاقية أعلنت المنطقة وفق خط (20-6) منطقة متنازع عليها. وأوضح “دينق” أن قرار “سلفاكير” موجود في البرتوكول الموقع في اتفاقية السلام الشامل بين الخرطوم وجوبا، ولم يتم حسمها إلى لآن. وطالب قيادات الدولتين “الشمال والجنوب” باتخاذ قرارات شجاعة وقوية، وتكوين لجنة مشتركة من الجانبين للمنطقة، والعمل على رتق النسيج الاجتماعي، ودعم التعايش السلمي. ودعا في الوقت ذاته إلى ضرورة الإسراع في تكوين لجنة من الطرفين للتحقيق حول أحداث منطقة “كولم” والإبادة التى حدثت فيها. واعتبر قرار “سلفاكير” شجاعا كونه يخدم المنطقة.
وقال إن المنطقة تشهد صراعات بين الحين والآخر، لأنها لم يكن بها تواجد لقوات الشرطة أو القوات المسلحة لحماية المواطنين.
كسب سياسي “لسلفاكير” :
وقال القيادي بالمعارضة “أجانيك كولنج ” إن منطقة “أبيي” هي منطقة مشتعلة، ولم يفصل فيها بعد. وأضاف أن قرار “سلفاكير” يعتبر محاولة لتحقيق كسب سياسي لمواطني الجنوب بإعلانه منطقة “أبيي” وحدة إدارية. وأضاف أن تبعية منطقية “أبيي” الإدارية إلى دولة جنوب السودان رسمياً، سيخدم المواطنين واتفاقية السلام الموقعة بين حكومة الجنوب والمعارضة. وزاد أن “سلفاكير” استجاب بقراره لمطالب زعيم المعارضة بقيادة دكتور “رياك مشار” بشأن تقليص عدد الولايات من (32) ولاية إلى (24) ولاية أو (10) ولايات من بينها “أبيي” إلى الجنوب. وقال إن هذه الخطوة تؤكد موافقة “سلفاكير” على مطالب المعارضة لإنهاء الجدل حول ملف الولايات في اتفاقية سلام جنوب السودان وتكوين الحكومة الانتقالية في جوبا.
وقال إن “أبيي” هي منطقة نزاع بين الشمال والجنوب، ولم يتم الفصل فيها أو تبعيتها، ولكن قرار “سلفاكير” كان له دور كبير في قطع كل المحاولات لتبعية المنطقة إلى “شمال”
تفعيل اللجان:
وقال مسؤول الإدارة الأهلية من عشيرة “بنقو” بأبيي” “أقواط أشول” في حديثه لـ(المجهر) إن الصراع بين عشائر (دينكا نوك) الـ”9″ والقبائل الأخرى بسبب الرعي والمسارات. وأضاف أن عدم وجود قوات ومراكز للشرطة أو تنسيق مشتركة من الدولتين الشمال والجنوب، وتفعيل اللجان الإدارية في المنطقة يجعل الوضع في حالة عدم استقرار. وأوضح أن سوق (أميت) هو سوق صغير يجمع القبائل المستوطنة في “أبيي” مما يتسبب في حدوث اشتباكات. وقال إن خلال العام شهد السوق أكثر من أربع هجمات من الجيش الشعبي ومسلحي دولة جنوب السودان..
وأضاف أن القرار أتى من حكومة جنوب السودان لعشائر دينكا” نقوك”. وأوضح أن المنطقة بها قبائل أخرى كانت ضمن اللجنة المشتركة التي تم تكوينها وفق الاتفاق في العام 2005م. وأردف أن قرارات دولة الجنوب بعد إعلانها المنطقة وحدة إدارية تابعة لجنوب السودان ضمن منطقتي “روينق” و”بيبور” الإداريتين.
وواضح أن صمت حكومة الخرطوم سيؤدي إلى فقدان المنطقة وتبعيتها إلى الجنوب.
سحب وفد التفاوض
وقال السفير السابق والمحلل السياسي “الرشيد أبو شامة” إن “أبيي” منطقة مشتعلة لعدم وجود قوات لحفظ الأمن بها من الدولتين “الخرطوم وجوبا” بعد أحداث هجليج. وأضاف أن قوات حفظ السلام الدولية تعمل على تقديم المساعدات فقط حال لجوء المواطنين إليها، ولا يوجد دور فعال في حسم الخلافات بين القبائل. وأوضح أن قرار “سلفاكير” بتبعية منطقة “أبيي” كوحدة إدارية هو قرار خطأ، وجب على قيادات السودان اتخاذ قرارات برفضه، والمطالبة بتوضيح واستدعاء السفير. وأضاف أن “أبيي” حسب اتفاقية “بروكسل” لم تمنح حكومة جنوب السودان ضم المنطقة إلى أراضيها. وزاد أن هذا القرار سيؤدي إلى حرب في القريب العاجل حال تمسك الجنوب بضم المنطقة. وأوضح أن هذا التصرف يدل على انتهاك واضح لسيادة السودان وأراضيه ولا يسمح به، ولا توجد أي اتفاقية تمنح رئيس الجنوب إصدار قرارات بالمنطقة أو حل الوحدات الإدارية واللجان المشتركة. وأشار إلى أن مخاطر الخطوة كبيرة وخطيرة جداً. وطالب المجلس السيادي الانتقالي باتخاذ قرارات عاجلة لحسم هذا القرار. وأردف: (حتى لو أدى ذلك إلى سحب وفود التفاوض والأحزاب السياسية من “جوبا” على خلفية هذا القرار بضم “أبيي” كوحدة إدارية الى الجنوب.
ضعف المركز:
وقال المحلل السياسي”صلاح الدومة” إن ضعف المركز هو أحد العوامل التي جعلت دول الجوار تطمع في حدود ومناطق البلاد مثل ما ضمت دول أجزاء كبيرة من الأراضي السودانية “مصر وأثيوبيا وغيرها والآن جنوب السودان. وأضاف في حديثه لـ(المجهر) أن قرار الرئيس “سلفاكير ميارديت” يأتي بعدم اعترافه بوجود قيادات قوية في المركز، مما فتح شهيته في ضم منطقة “أبيي”. وزاد أن السودان أصبح (ملطشة) لدول الجوار وعشم في أراضيه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية