هل الحرب قادمة؟!
هل فعلاً بلادنا مقبلة على حرب حدودية مع دولة جنوب السودان تضاف لثلاثة حروب تغمر الآن دارفور وكردفان والنيل الأزرق؟! هل ما يجري على الحدود جزء من المناورات السياسية بحثاً عن مكاسب على طاولة التفاوض بين الخرطوم وجوبا؟!
للإجابة على السؤال الأول، فإن المؤشرات الدالة على نشوب حرب قريبة جداً ومتعددة، سواء بالوقائع على الأرض أو التناقض بين المشروعين السياسيين في الدولتين، حيث استحال التعايش بينهما في حيز جغرافية الوطن الواحد، والآن بدا وكأن هناك استحالة لجوار آمن بين المشروعين والوقائع على الأرض، تبدأ من إقليم أعالي النيل حيث أصدر مجلس تشريعي الإقليم قراراً نزع بموجبه ملكية (4) آلاف مشروع زراعي للشماليين ومصادرتها لصالح حكومة الجنوب، وهي ضربة موجعة للاقتصاد السوداني الشمالي، وقضايا ملكية المشاريع الزراعية والأراضي والمساكن والأملاك من القضايا التي تجاهلها الطرفان في كل جولات التفاوض.. والآن يلحق الضرر الفادح بأكثر من (16) ألف شمالي جراء القرار الجنوبي..
وجاء في بيان القيادة العامة للجيش – وهو بيان له ما بعده – أن جيش دولة الجنوب يحتل بوضع اليد ست نقاط داخل حدود الشمال ولم ينسحب منها مما يشكل مهدداً حقيقياً للأمن والسلام بين الدولتين.. وتضمن بيان القيادة العامة للجيش قضية اقتصادية خطيرة جداً بتزييف حكومة جنوب السودان لعملات شمالية من فئات الخمسة جنيهات والعشرة جنيهات لشراء المنتجات الشمالية من الذرة والمواد المصنعة في الشمال وضرب الاقتصاد الوطني بتزييف هذه العملات.
وفي الأخبار المنسوبة لمعتمد أبو جبيهة العقيد “الفاضل ونيس” أن جيش دولة الجنوب يمارس خروقات يومية في مناطق الحمرة وكجلي وأبو نوارة، مما استدعى عقد اجتماع طارئ للجنة أمن جنوب كردفان برئاسة اللواء “أحمد خميس” لوضع ترتيبات حماية الحدود.
وأورت (الانتباهة) في صدر صفحتها الأولى في عدد (الاثنين) أن منطقة هجليج النفطية ستتعرض لهجوم وشيك من قوات الجبهة الثورية، وأن طلائع القوة المهاجمة بانت على مقربة من محطة الكهرباء.
تلك هي الوقائع والأقوال على الأرض التي تعزز فرص نشوب حرب حدودية بين الدولتين بعد انهيار المفاوضات بين (رئيسي البلدين) في إثيوبيا، وحينما يفشل (الرئيسان) في التسوية فإن التعبير عن الأزمة يجعل السلاح هو الأداة الأقرب للاستخدام.
وبدا العالم يائساً من الوصول لتسوية بين الدولتين بعد أن أعيت مشاكل السودانيين جيرانهم وأصدقاءهم وحتى أعداءهم.. فهل تهبط على الدولتين (بغتة) حكمة تنقذهما من شبح الحرب الذي يخيم على الحدود؟! وإذا اندلعت الحرب لا قدر الله، ونسأل الواحد الأحد أن يجنب البلدين شرور الحروب والموت والتشرد والضياع، فإن طبيعة الحرب القادمة مريرة جداً وربما ترتبت عليها مضاعفات وخسائر خاصة في المناطق الحدودية لا قبل للبلدين بها.. ولكن العالم في حال نشوب الحرب لن يقف مكتوف الأيدي طويلاً.. و(سيتدخل) خصماً على سيادة الدولتين.. وهذا ما تسعى إليه جهات دولية عديدة.. إشعال الحرب من أجل الهيمنة والسيطرة على الدولتين.