حوار مع الطالب “البشير السر” أحد العالقين بمدينة “أوهان” المنكوبة بـ(كورونا)
مسؤول بوزارة الخارجية شبهنا بـ(القنبلة الموقوتة) والبعض حول القضية لسياسية
حزمنا حقائبنا منذ (4) فبراير ولن نصدق الحديث عن إجلائنا حتى نصعد الطائرة
طالب الطالب “البشير السر البشير”، وهو طالب دكتوراة بجامعة (الخواجونق) الزراعية بمدينة “أوهان” الصينية، بالإجلاء الفوري، وبفتح تحقيق شفاف وعادل، ومحاسبة المتورطين. واتهم “البشير” بعض المسئولين بعرقلة إجلائهم حتى الآن، مذكراً بأن قرار المجلس السيادي خرج منذ الثالث من فبراير الماضي. ولفت “البشير” لإحباط الطلاب السودانيين وأسرهم جراء عدم إجلائهم حتى الآن من المدينة الموبوءة، لافتاً إلى أن جملة السودانيين الموجودين بالمدينة من الطلاب وأسرهم يبلغ عددهم (159) شخصاً. ولفت “البشير” إلى أنهم يحسون وكأنهم شحنة ممنوعات ستدخل للبلاد، مذكراً بحديث مسؤول بوزارة الخارجية، حين قال إنهم (قنبلة موقوتة).. “البشير” تحدث عن الكثير المثير في ثنايا الحوار التالي..
حاورته بالهاتف: نجاة إدريس إسماعيل
*ما هو شعوركم والروح المعنوية للطلاب السودانيين بـ”أوهان” الآن خاصة بعد أن أجلت معظم البلدان العربية والإفريقية رعاياها؟
– شعورنا بأننا جميعاً محبطون، وذلك لعدة أسباب، أولها عدم تنفيذ عملية الإخلاء حتى الآن، بالإضافة لعدم الشفافية والغموض الذي يحيط بالملف، وكأننا – لا سمح الله – (شحنة ممنوعات) سوف تدخل البلاد، أما السبب الأكثر ألماً وشماتة هو أن البعض رفض دخولنا، وقال البعض – من خلال وسائل التواصل الاجتماعي – بأنه يرفض دخولنا، وكل هذه الأسباب مجتمعة تنم إما عن جهل من يقول بذلك الحديث، أو عدم وعيه الكافي بالموضوع.
*روحكم المعنوية تبدو منخفضة؟
– الروح المعنوية تختلف من شخص لآخر، ولكن دائماً ثقتنا في الله كبيرة، في كل الظروف، ونحن مؤمنون بإرادة الله التي هي فوق كل شيء؟
*هل تحّمل اللوم لجهات معينة نتيجة لتأخر إجلائكم؟
-ألوم الإعلام المحلي ابتداء لعدم توعية المواطنين بهذا الموضوع، مما ولد لديهم إحساساً بأننا (الفيروس) نفسه، ولكن لا غرابة في هذا الموقف، إن كان هناك مسؤول بوزارة الخارجية يشبهنا بالقنبلة الموقوتة.
*حديثك هذا يعني أنك تحمل الإعلام مسؤولية عدم وصولكم للبلاد حتى الآن؟
- لا بالطبع لكن أحمله مسؤولية الآراء السلبية لعدم توعية الناس بحقيقة موقفنا.
*إذن أنت بالتأكيد تحمل الدولة المسؤولية؟
– نعم الدولة هي من تتحمل عدم عودتنا، ووزارة الخارجية هي المسؤول الأول، والآن ظهرت تداخلات حولت المسؤولية لشخص بعينه في مجلس الوزراء، وأعني تحديداً “مانيس”، وقد تكون له أسبابه المنطقية، لكننا لا نعلمها، فالصمت هو شيمة الجميع في قضيتنا، ولكننا لمنا الإعلام لأنك وغيرك من الإعلاميين بدأتم التداول مع قضيتنا حديثاً، ونحن عالقون لأكثر من شهر.
* على ذكر “مانيس” ..هناك مبلغ دفعتها الحكومة لطائرة مصرية لإجلاء الطلاب وقد تأكد وصول المبلغ للسفارة السودانية بالقاهرة ولكن وزير شؤون مجلس الوزراء أوصى بعدم التصرف بالمبلغ؟
– هذا ما أشرت إليه أن القضية تحولت لشخص بعينه الآن، بالتاكيد الأمر يدخل في باب التفريط في سيادة الدولة، وتسليم الأمر لدولة أخرى لتقوم بذلك نيابة عنه، وفي تقديري هو تصرف غير مقبول، خصوصاً أن هناك فارقاً زمنياً حتى الآن يتجه لعدة أيام، ولكن حتى لا نظلمه غيبياً، قد تكون له أسبابه التي لا نعلمها، ونعيب عليه وعلى غيره من مسؤولي الدولة غياب الشفافية.
*هناك من يتخوفون من عودة الطلاب السودانيين باعتبار أنهم يمكن أن يكونوا ناقلين للعدوى والسودان بلد هش؟
– نعم هي أحاديث مبنية على التنظير وليست علمية، بل على العكس، فلو أنهم والإعلاميين كانوا متابعين لقضيتنا لعرفوا بأننا رفضنا الحلول الفردية لنضمن سلامة بلدنا، وسوف أسوق لك مقارنة هنا، فالحالة التي نعيشها الآن من حالات الاشتباه لقادمين من مدن أخرى، وبالتأكيد أي قادم من مدينة أخرى في الصين – لا قدر الله – لو كان مصاباً، وعاد عن طريق الرحلات العادية فإنه يختلط مع ركاب قادمين من دولة (الكونكشن) حسب الخطوط مثلاً السعودية أو مصر أو إثيوبيا وقد ينقل العدوى – لا سمح الله – لمن جاوره بمقاعد الطائرة، وفي الغالب لا يكون لهم علاقة بالصين، ولن تتم مراقبتهم، أما في حالة الإخلاء الجماعي المنظم من قبل الدولة، وهو خيارنا الوحيد للخروج الآن، فإنه سوف يتم بصورة علمية، وتحت إشراف وزارة الصحة السودانية والصحة العالمية.
*وزارة الصحة السودانية أشارت إلى أنها تطمئن على صحتكم بشكل يومي ..هل هذا الأمر صحيح؟
– لقد قمنا بملء استمارات (أونلاين) تتبع لوزارة الصحة، وهذه الاستمارات توضح وضعنا، ومن هنا أحب أن أوضح وضعنا لجميع الأهل وللشعب السوداني كافة، فنحن في عزلة شبه تامة منذ (23) يناير الماضي، ولا نخرج إلا للضرورة القصوى لتوفير معينات الحياة، وعندما نخرج يكون ذلك للسوبر ماركت فقط، ونتبع كافة أجراءات الحماية الاحترازية ، وحتى الآن لم تسجل ولا حالة اشتباه واحدة لأي سوداني بالمدينة.
*حديثك هذا يعيدنا للسؤال عن وضع الإمداد المائي والغذائي لديكم؟
– الوضع يختلف باختلاف الجامعات والمجمعات السكنية، وعلى العموم هناك صعوبة في الحصول على المتطلبات اليومية. *هل هناك أي استمارات أو تعهدات طلبتها منك السفارة الإمارتية قبل أن تقوم بعملية الإجلاء عبر طائرتها؟
– حسب ما علمنا من مكتب السيد “عمر مانيس” من خلال تسجيل صوتي لمندوب الأسر أن منظمة الصحة العالمية تشترط وجود مكان حجر بديل، في حال تعذر الهبوط في بلد الأصل، وقد اختاروا الإمارات لهذا الغرض .
*ولكن حسب علمنا فإن الطائرة التي تكفلت بإجلائكم طائرة إمارتية ..فهل لهذا السبب طلب منكم ملء استمارات؟
– إذا كان الأمر كذلك فما علاقة الطائرة بالحجر الصحي .
*كم عدد الطلاب السودانيين بمدينة “أوهان” وهل معكم عائلاتكم؟
– نحن حوالي (111) طالباً بمختلف الدرجات بكالوريوس وماجستير ودكتوراة، وعدد السودانيين الموجودين بالمدينة (159) شخصاً إضافة للأسر والأطفال.
*أكد التجمع المهني للطيران السوداني بأن (سودانير) من طراز (320) قادرة على إجلاء السودانيين العالقين في “أوهان”، وبالإمكان توفير مبلغ إيجار الطائرة؟
– أولاً في تقديري أن المبلغ ليس هو المشكلة، فكما علمتِ أن المبلغ كان في القاهرة، وتم توفيره من الطيران المدني، وهناك غموض وعدم شفافية تحوم حول تأخير الإخلاء، فمثلاً صدر قرار السيادي بالإجلاء في الثالث من فبراير أي قبل (24) يوماً، ولم يتم الإجلاء، ولماذا تسعى سودانير لاستئجار طائرة إذا كانت (حنبنيهو) قادرة؟، هناك الكثير من التناقضات في الملف، وأسبابها في رأيي عدم الشفافية، ولذلك طالبنا ونطالب دائماً بتحقيق شفاف ومحاسبة للمقصرين أو المتورطين في عرقلة الملف إذا ثبت ذلك .
*معنى حديثك بأنك تتهم أشخاصاً بأنهم وراء عرقلة إجلائكم حتى الآن؟
– نعم إن لم يكن بقصد، فربما كان ذلك لأسباب أخرى لا نعلمها، لذلك نطالب بالتحقيق وبمحاسبة المقصرين، كما أن غياب الشفافية عقد القضية كثيراً، ونتمنى أن تكون الأسباب مقبولة .
*أسركم قامت بوقفة احتجاجية قبل عشرة أيام طالبت بسرعة إجلائكم ولكن ضغوط الوقفة الاحتجاجية لم تأت بنتيجة؟
– أسرنا قامت بأربع وقفات احتجاجية، ونحن طرقنا جميع الأبواب، وصوتنا وصل الجميع، ولكن لا زالت القضية (محلك سر) مما يعني أن هنالك من يعرقل، ولا يمكن لإجراءات أن تأخذ أكثر من (3) أسابيع.
*أنتم على وشك مغادرة “أوهان” ما هي أصعب اللحظات التي مرت عليكم منذ حلول الوباء؟
– أولاً (على وشك) هذه سمعناها كثيراً، ولا أخفيك سراً أن البعض لن يصدق أي شيء حتى يصعد للطائرة، أما أصعب اللحظات فهي ما تعانيه الأسر والأصدقاء بالسودان من القلق على أبنائهم، والوعود التي لم يصدق أي منها حتى الآن ، والآراء السلبية في وسائل التواصل التي أصبح الناس فيها يريدون أن يخوضوا في أي شيء دون معرفة للحقيقة، والبعض يحول القضية من إنسانية لقضية سياسية، والبعض يفتي طبياً وهو لا يعلم أي شيء عن المرض، والبعض يريد أن يستغل قضيتنا لأغراض سياسية رخيصة .
*وأين أنتم من هذا كله؟
– نحن مع دولتنا المدنية التي جاءت بدماء الشهداء، ومن هنا نترحم عليهم، ونتمنى أن يتم القصاص العادل من كل متورط في قتلهم، ونحن مع مبدأ المحاسبة، ولكننا ضد تقويض الحكومة المدنية بأي شكل.
*تظهر في حديثك روح الإحباط جلية.. هل تعتقد بأنكم ستمكثون في المدينة المنكوبة لمدة أطول؟
-الإحباط من عدم الشفافية، ودونك تصريح وزير الإعلام أمس، من عدم تحديد زمن لدواعٍ أمنية، ولأننا جاهزون وأمتعتنا محزومة منذ الرابع من فبراير، وفي كل يوم نسمع خبراً، ولكنه يكون كاذباً، لذلك فقدنا الثقة، وكما قلت لك لن نصدق حتى نصعد إلى الطائرة، ثم إن مكوثنا من عدمه في علم الغيب وتحت التغييب، ولا نستطيع أن نحدد.
*هل لديكم مطالب؟
– مطالبنا الإجلاء الفوري وفتح تحقيق شفاف وعادل ومحاسبة المتورطين.
*كلمة أخيرة ؟
– كلمة أخيرة أوجهها لمن لا يرغب في عودتنا للبلاد وللمسؤولين، وأقول لهم هل كانت ستكون هذه آراءكم، لو أن لكم شقيقاً أو شقيقة أو زوجاً أو زوجة أو ابن أو ابنة أحدكم معنا؟ ونفس السؤال أوجهه للمسؤولين فلو كان بيننا من ذكرت فهل كان سيكون هذا التباطؤ؟