حوارات

ممثل حزب الأمة القومي في التنسيقية المركزية لقوى الحرية والتغيير “عروة الصادق” لـ(المجهر)

بعض مكونات الحرية والتغيير تحاول تصيُّد عناصر لجان المقاومة وإصباغها بلون سياسي

فاز مقترح المحاصصة (الحزبية) بالتصويت داخل مجلس الحرية والتغيير وشكل ذلك نقطة سوداء في مسار الثورة
التباين الأيديولوجي والفكري مهدد للسلام.. وإقحام الأحزاب لبرامجها في الشأن القومي سيجهض المباحثات
التاريخ أثبت أن حزب الأمة يبدد الشموليات ويكتسح أي انتخابات حرة ونزيهة

“عروة الصادق” أحد القيادات الشابة لثورة ديسمبر المجيدة، ومن أبرز موجهي خط التظاهرات أيام الهبة الشعبية، حالياً يشغل “عروة” ممثل حزب الأمة القومي بالتنسيقية المركزية لقوى الحرية والتغيير ـ مسؤولاً عن الشؤون المالية. وفي ظل التجاذبات داخل التحالف الذي يعتبر الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، التقينا به حيث تحدث عن ما يجري داخل المكون السياسي العريض، وكيف تصدر القرارات وكيف يتم التوافق عليها. في هذا اللقاء تحدث “عروة” عن انسجام نسبي بين مكونات التحالف، وفي كثير من الأحيان ترفع الاجتماعات لعدم الوصول لدرجة عالية من التوافق، وغيرها من الإفادات الصريحة.. فإلى مضابط الحوار:
حوار – سيف جامع
} كيف تمضي الأوضاع داخل الحرية والتغيير بعد كل التجاذبات التي جرت بين مكوناتها خلال الفترة الماضية؟
– معلوم أن الحرية والتغيير هي طيف متحالف للتباينات السياسية والفكرية والحزبية والمهنية والاجتماعية السودانية، تتصاعد حدة التباين تارة وتهبط أخرى، تجتهد قيادة الحرية والتغيير على بذل الوسع كله للسير بهذا التحالف إلى نهايات الفترة الانتقالية بانسجام، إذ يشكل الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية التي تؤثر وتتأثر بحركة الطيف السياسي وقراراته المفصلية التي تحسم كثيراً من القضايا الآنية والإستراتيجية، لكن كل هذا لم يؤثر في اجتماعات المجلس المركزي وانعقادها، وكذلك التنسيقية التنفيذية واللجان الفرعية، قد تتفاوت جودة أداء اللجان، ولكنها تنتظم في أنشطتها وأعمالها وتتابع قراراتها.
} هل يوجد تناغم وانسجام بين مكوناتها؟
– الانسجام نسبي بين بعض المكونات، فقد تجد في كثير من الأحيان أنه يقل حتى بين مكونات التحالف الواحد، ولأن الحرية والتغيير تضم تحالفات متعددة ومتنوعة، يمكن أن تتساير بعض المكونات مع بعضها وفق درجة التوافق في القرار والرؤى السياسية، وفي بعض الأحيان تنخفض درجة الانسجام إلى درجة التضاد والتباين الحدي الذي يطفو إعلامياً في السطح، ويصل حد الحملات المضادة التي استعرت بها الأسافير في الفترة السابقة، ومثّل الصراع المحتدم بين الكوادر والحملات الشعواء عامل توتر بين مكونات الحرية والتغيير، إلا أن الحكمة في كثير من الأحيان تتدخل لتعلي مصلحة الوطن فوق كل مصلحة، وتحد من حدة الصراع.
} هنالك حديث عن سيطرة بعض المكونات على القرار داخل مكون الحرية والتغيير؟
– القرار في الحرية والتغيير توافقي، وفي كثير من الأحيان ترفع الاجتماعات لعدم الوصول لدرجة عالية من التوافق، ولكن للأسف طبيعة تكوين تحالف الحرية والتغيير تهزم ديمقراطياً أصوات لمكونات كبيرة، لأن نسبة مشاركتها تتضاءل بالنسبة للتحالف الكلي، فمثلاً كان رأي بعض الكتل عدم المحاصصة الحزبية في المجلس السيادي ومجلس الوزراء، ورفض ذلك المقترح وتم إسقاطه بالتصويت الذي شكل نقطة سوداء ظلت مثار جدل في كل حراك التحالف، لذلك ارتضى قادة التحالف أن يكون البت في الأمور المفصلية توافقياً دون الاستقواء بالغلبة (الميكانيزمية).
} هل ستؤثر تلك التباينات في الآراء على مساعي السلام المبذولة في جوبا؟
– بلا شك التباين الأيديولوجي والتنازع الفكري مهدد للوصول للسلام، وأي محاولة للزج برؤى وأفكار حزبية في شأن قومي كالسلام، من شأنها إجهاض مباحثات السلام، كالإصرار على إقحام العلمانية وفصل الدين عن الدولة في مفاوضات السلام، وهذا مضر لعملية السلام ومهدد لها برمتها، يجب أن ترجأ تلك القضايا للمؤتمر الدستوري الجامع، وتحسم من خلال البرامج الحزبية وتطرح للغلبة الانتخابية التي يفوض بها الشعب من رآه علمانياً كان أو مدنياً أو دينياً أو غيره في أقرب انتخابات حرة ونزيهة أو استفتاء.
} هل هذا التباين بين مكونات الحرية والتغيير ألقى بظلاله على الشارع؟
– للأسف نعم، لأن تسابق الأجندات بدا جلياً على أرض الواقع، فلجنة الميدان مثلاً التابعة للحرية والتغيير وجدت أن بعض مكونات الحرية والتغيير تحاول تصيد عناصر لجان المقاومة ومحاولة إصباغها بلون سياسي معين، وشكل ذلك الأمر عامل امتعاض وتذمر وسط تلك اللجان، لذلك ظلت المناداة باستقلالية لجان المقاومة ولجان التغيير في المدن والأحياء وضرورة ابتعادها عن الممارسة الحزبية، لأنها مكونة من طيف مجتمعي بعضهم سياسي وبعضهم لا صلة له بالأحزاب، وأي محاولة للتجاذب السياسي سيعصف بالتغيير وعمل تلك اللجان.
} عمل تلك اللجان (المقاومة) و(الإدارية) إلى أي درجة هو مرضٍ للحرية والتغيير؟
– بلا شك هؤلاء الشباب يعملون بجد واجتهاد من أجل حراسة الثورة وتحقيق مكاسبها بهمة وعزم وإصرار ووفاء لزملائهم المصابين والشهداء، تجدهم على الدوام في صدارة التنظيم والمراقبة للأداء العام في مستوياته الخدمية والحياتية اليومية، وتجدهم في صدارة حراسة المؤسسات والمرافق سيما المحليات الحكومية التي حاول فلول النظام تسريب وإتلاف مستندات تبين الفساد الذي يمخر في تلك المؤسسات، هذه المجهودات ذاتية وبدعم ذاتي، حتى حملات البناء (حنبنيهو)، كلها ذاتية التخطيط والتمويل والتنفيذ، لذلك لا بد من الإشادة والتقريظ على تلك المجهودات، وما أرجوه هو أن تشكل تلك اللجان تكوينات منتخبة على كل المستويات المحلية والولائية والقومية لتكون هي المخطط والمسؤول الأول عن كل نشاط تضطلع به دون إملاء من أحد أو وصاية على قرارها من أحد، لأنه من خلال لقائي بكثير من تلك اللجان وجدت فيها عناصر أكفاء ومؤهلين ومسؤولين وقادرين على إدارة دفة العمل وصناعة القرار الصائب.
} مؤخراً قام رئيس الحزب السيد “الصادق المهدي” بجولات في الولايات، ما مغزى ذلك وما أثر تلك الزيارات؟
– زيارة السيد رئيس الحزب الإمام “الصادق المهدي” هي استكمال لطواف أقرته أجهزة الحزب وأطلقت عليه “النفرة الاستثنائية” التي تناولت عدداً من الجوانب التنظيمية والإعلامية والتعبوية والفئوية والدبلوماسية، وهذه اللقاءات هي عمل لجنة من ثماني لجان تضطلع بالنفرة، وطاف دارفور وسيشمل كل الولايات.
} مع ذكر دارفور، كيف تعامل الحزب مع تخريب ندوته الجماهيرية في مدينة الجنينة، وقبلها مقاطعة حديث الإمام في نيالا؟
– ما حدث من مقاطعة لحديث الإمام في نيالا، من عدد لا يتجاوز العشرة من الشباب، أمر متوقع، وكانت هتافاتهم منطقية وموضوعية ولكنها في غير موضعها، إذ قصد بها التشويش على خطاب الإمام وإحداث ربكة واستفزاز لجماهير الحزب، وهو أمر متوقع قد تنتهجه مؤسسات حزبية أو كيانات سياسية أو أفراد لهم آراء في نهج وخط الحزب وقيادته، وهذا كله بالنسبة لنا يأتي ضمن المران الديمقراطي المطلوب، ولكن التجربة التي أورثنا لها النظام الانقلابي مشوهة وبائسة شابها كثير من الاتساخ، والزمن كفيل بإزالة الشوائب العالقة بها.
} لكن بعض القوى السياسية اعتبرت جولة حزبكم بالولايات تمهيداً لانتخابات مبكرة؟
– بالتأكيد هي ليست حملة انتخابية كما روج لها البعض، وطبعاً أي كيان أو شخص يطمح في ممارسة السياسة والوصول لسدة الحكم في البلاد، سيكون “المهدي” وحزبه من ألد أعدائه، لأن التاريخ أثبت أن هذا الكيان (حزب الأمة القومي)، يبدد الشموليات ويتمدد في الديمقراطيات ويكتسح أي انتخابات حرة ونزيهة، ونحن غير منزعجين من التنافس السياسي المحموم والمحمود، ولكن ما يمكن أن يكون مدخلاً للاستفزاز مثل هذه الممارسات التي تجاوزناها في لقاء نيالا، بحكمة الإمام الذي طالب جماهير الحزب والأنصار بضبط النفس وتقبل هؤلاء الهاتفين برحابة صدر أخجلتهم وانزووا إلى غير رجعة.
} رسالتكم في حزب الأمة القومي للقوى السياسية في المرحلة المقبلة؟
– على كل الكيانات السياسية التواضع على ميثاق شرف للممارسة السياسية الرشيدة التي تقود إلى حوكمة أرشد بعيدة عن المنابذة والإقصاء والإساءة والتجريح والتخوين والتجريم وكذلك التكفير، فمطمع كثير من القوى الجديدة هو عزل الوسط السياسي وإقصاء الكيانات التاريخية ومحوها من الخارطة السياسية في عناد صريح لموجات التاريخ المعلومة للجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية