جدل كثيف دار حول نظام الحكم الأمثل خلال مفاوضات السلام التي تجري الآن بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية في عاصمة جنوب السودان جوبا، معظم الملاحظات كانت تتحدث عن عدم جدوى نظام الولايات الذي انتهجه النظام السابق، يوم (الخميس)، أعلنها نائب رئيس المجلس الفريق أول “محمد حمدان دقلو” صريحة، بأنه تم حسم الملف بالعودة إلى نظام الأقاليم، ومعروف عنه أنه كان سائداً في سنوات ما قبل الإنقاذ، فكانت البلاد موزعة على ستة أقاليم قبل انفصال جنوب السودان، هي الأوسط، الشمالي، الشرقي، كردفان، دارفور والجنوبي.
واحدة من المبررات التي كان يدفع بها النظام السابق للجوء لنظام الولايات والتوسعة في المحليات، هو تقليص الظل الإداري، ولكن لسوء الأسف خلّف نظام الولايات السابق الكثير من المسالب، وعلى رأسها أنه أوجد ولايات ضعيفة تنتظر المركز في كل شيء، لا تقوى على حمل نفسها وتوفير أبسط المقومات لإدارة شأنها بما يرضي تطلعات المواطن البسيط.
ظل نظام الولايات عبئاً كبيراً على خزينة الدولة من خلال ما يصرف من أموال ومخصصات على الكم الهائل من الدستوريين سواء كانوا ولاة أو معتمدين، ولسوء الأسف تم تحويل الكثير من المحليات إلى محاصصات جهوية كان لها الأثر السالب في بنية نظام الحكم وإحداث العديد من الصراعات القبلية، لذلك فإنه من المنطق أن تحدث مراجعة بعد سنوات من الاستمرار بنظام الولايات.
ربما يقول البعض إن من الأفيد للحركات المسلحة أن يستمر نظام الولايات لضمان أكبر قدر من المشاركة لعضويتها في المناصب الدستورية في الولايات، ولكنها رفضت هذا الأمر في طاولة التفاوض من واقع رصدها للسلبيات العديدة، الآن وقد توافقت الأطراف المتفاوضة بحسب ما بشر رئيس الوفد الحكومي نائب رئيس المجلس السيادي، فإن الأمر بات قاب قوسين أو أدنى، فلا بد من المضي نحو أقاليم قوية وبسلطات حقيقية تعمل على ترسيخ المبادئ الأساسية وتحقيق تطلعات الشعب السوداني.
مسألة ثانية.. لفتت نظري الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس السيادة، الفريق أول “عبد الفتاح البرهان” في جوبا، خلال لقائه قيادات بقوى الحرية والتغيير الموجودين هناك، بضرورة توصل كافة الأطراف السياسية إلى تراضٍ سياسي يعبر بالبلاد إلى الأمام، ويجنبها الصراعات، أهمية الدعوة في كونها جاءت من رأس الدولة، وهذه بمثابة نداء للقوى السياسية لتناسي المرارات.