{ كل (المليونيات) لم نجنِ منها سوى شل الحياة بصورة عامة، وتعطيل حركة المرور وتعطيل مصالح الناس وزيادة معاناة المرضى و(تلتلة كبار السن)، وكل مطالبات المليونيات السابقة التي خرج لها الثوار وبح صوتهم بالهتاف وتسلم رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” مذكراتها لم ينفذ منها حتى الآن ولا بنداً واحداً ليظل الحال المايل على ماهو عليه، لا خبز ولا وقود وغلاء مستمر في أسعار كل السلع الضرورية مثل السُكر واللبن.
ويا ريت الحكاية وقفت عدم تنفيذ مطالب المليونيات الثورية والشيء المحزن هناك الكثير من يسيرون وسط هذه المليونيات يسيؤون للثورة وللثوار من خلال الظواهر السالبة التي غزت بلادنا وسيطرت بقوة على الكثير من الشباب التائهين وسط الزحمة، ظواهر توقع العيون في المعصية وتشيع الفاحشة وتجعل المليونية تنحرف عن مسارها، وتغضب الناس وتجعلهم يخرجوا من طورهم فيسبوا ويشتموا كل شيء .
{ هذا بجانب الظواهر التي سيطرت على الكبار في كل اتجاهات الحكم المدني والعسكري لتؤكد تماماً أننا نعيش بالفعل زمن الفتن والمحن، وفتن تشعل نار الحروب القبلية والخلافات والخصومات السياسية، وأخرى تدعونا للسير في الطرق الملتوية لكسب المال الحرام.
{ رجل شكله العام يوحي إليك أنه مجنون أو مخبول (عندو سلك ضارب) ظل يجوب شوارع السوق العربي أثناء خروج مليونية (الخميس) الماضي وكان يردد (مليونية للكمونية) رغيف مافي كسرة مافي سكر ومواصلات مافي، مليونية للكمونية مليونية للكمونية رغيف مافي سكر مافي كسرة ومواصلات مافي كلو مافي مليونية للكمونية، وظل على هذا الحال يتحرك من شارع إلى آخر يردد ذات الكلمات بصوت عالٍ .
{ وامتثالاً لمقولة (خذوا الحكمة من أفواه المجانين) حاولت اتمعن في العبارات التي ظل يرددها هذا الرجل الغريب، وجدت في كلامه شيئاً من الحكمة وكأنه يقول ماذا كسبنا من المليونيات السابقة وماذا سنكسب من اللاحقة و (ما فائدة المليونية تلو المليونية والرغيف مافي والكسرة والسكر غالي والمواصلات زحمة وكأنه في آخر العبارات يدعو الجميع ساخراً للخروج في (مليونية للكمونية) ويبدو أنه من محبي وجبة (الكمونية) وافتقدها في هذه الأيام العصيبة، والكمونية أو (الكرشة) التي كانت من الأكثر أنواع اللحوم وفرة وأقلها ثمناً ولكنها الآن لم تعد في متناول يد الفقراء بعد ارتفاع ثمنها بل وانعدمت في (الجزارات) ولا يمكن الوصول إليها حالياً .
{ وضوح أخير :
{هذا الزمان بالفعل يحتاج منا إلى مزيد من الصبر واليقين وثبات القلوب، كيف لا وقد كثرت فيه الغرائب والمحن والفوضى والعشوائية بكل أشكالها وصار فيه الفساد المالي والفساد الأخلاقي من الأشياء التي اعتاد عليها الناس، زمان أصبح فيه الجميع لاهثين وراء السُلطة وجمع المال، وباحثين عن الثراء بكافة الطرق المحرمة زمان انتشر فيه الربا والاحتكار، زمان ساد فيه النفاق والخداع وكثر فيه الغش والكذب، والفجور، زمان صار فيه التبرج والتعري ثقافة والانحلال والانحراف تحضراً، زمان انتشرت فيه الحروب القبلية والخلافات الدينية والخصومات الأسرية وساد فيه عقوق الوالدين، زمان لم يعد فيه توقير لكبير، زمان فقدنا فيه كل قيم وفضائل الإسلام التي نشأ وتربى عليها آباؤنا وأجدادنا، ولعمري لهو الزمان الذي نبهنا إليه خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا “محمد بن عبد الله” (صلَّى الله عليه وسلم)، في حديث شريف والذي قال فيه: (لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شرٌ منه حتى تلقوا ربكم).
{ اللهم أكفنا شر هذا الزمان وما بعده .