شهادتي لله

آخر سنوات “البشير” (3)

ظل الشيخ “حسن الترابي” ومساعدوه وأتباعه في حزب المؤتمر الشعبي بعد انقسام الحركة الإسلامية في العام 2000م، يحمِّلون الأستاذ “علي عثمان محمد طه” مسؤولية قرارات الرابع من رمضان، كانوا ناقمين عليه أكثر من نقمتهم على رئيس الجمهورية الفريق – وقتها- “عمر البشير”. مشكلتهم لم تكن مع “البشير” .. مشكلتهم الأساسية وإلى وقت قريب كانت مع “علي عثمان” !!
في تلك الأيام العصيبة ،وكنتُ صحفياً بصحيفة (ألوان) حاورت نجل زعيم الإسلاميين (المغدور) “عصام الترابي” ، كان أكثر أبنائه غضباً وظهوراً في الإعلام . قال لي خارج التسجيل ما لا أنساه :(والدي كان في الأعياد يشتري مركوبين ، واحد له والثاني لعلي عثمان ، ما كنا نتوقع منه ذلك)!!
كثيرون كانوا وما يزالون يعتبرون “علي عثمان” مهندس (مذكرة العشرة) التي أفضت إلى انقسام الحزب الحاكم إلى حزبين ، لكن الثابت أن “علي عثمان” انسحب من جلسات الشورى وتعمد الارتباط ببرنامج حكومي آخر ، لكي لا يكون جزءاً من جلسة الصراع.
وقد حدثني الدكتور “غازي صلاح الدين” وهو أحد (العشرة)، ذات جلسة خاصة قبل سنوات في ثنايا نقاش عن أحداث (المفاصلة) ، أنه لحق بالأستاذ “علي عثمان” بعد انفضاض اجتماع الشورى العاصف، وأغلظ عليه في النقد والتأنيب، لعدم مشاركته في جدل الشورى بعد المذكرة حول توحيد القيادة وتوسيع مواعين الشورى وتعديل النظام السياسي. كان رد “علي عثمان” أنها (فتنة) ولن تنتهي بنهاية ذلك الاجتماع .
في تقديري ومما توفر لي من معلومات ومتابعات في تلك الفترة ، أن “علي عثمان” كان على علم وإحاطة بالمذكرة ، لكنه كان متردداً في دعمها.. خائفاً من مآلاتها ، رغم اتفاقه مع موقعيها على ما جاء فيها من مطالب موضوعية ، ولحساسية وضعه كنائب لأمين عام الحركة الإسلامية الذي قفز به وتخطى به رقاب شيوخ الحركة أمثال “أحمد عبدالرحمن” ، “يس عمر الإمام” ، “عثمان خالد مضوي”و”مهدي إبراهيم” ، وقدّمه عليهم نائباً له في التنظيم، وزعيماً للمعارضة من داخل برلمان التعددية الثالثة (1989-1986) وعُمره قد تخطى الأربعين بقليل! كان وضعه حرِجاً في مواجهة شيخه،وحرِجاً أمام رئيسه في القصر رئيس الجمهورية الذي هو نائبه الأول!!
لكن “علي عثمان” تحوّل من خانة الانسحاب ومحاولة التوسط بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان الساعي لتخفيض سلطات الرئيس ، إلى خانة المواجهة بعد أن رأى ما حاق بالعشرة الموقعين على المذكرة من سقوط في انتخابات الحزب وإبعاد عن هياكله، فدعا إلى مؤتمر صحفي وقليلاً ما يدعو إلى مؤتمرات ،أطلق فيه جملةً حاسمة تلخص موقفه عندما قال :(لن نسمح بانتقال التصفيات من الحزب إلى الجهاز التنفيذي)!!
وقد ذكر لي المدير الأسبق لمكتب الرئيس”البشير” الوزير السابق “كمال عبداللطيف” في حوار جانبي في العام 2004م أن “علي عثمان” كان يؤجل قرارات الطوارئ وحل البرلمان المعروفة بقرارات الرابع من رمضان ، وكلما ألح عليه الرئيس كان رده : (اصبروا شوية) .

نواصل غداً .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية