حوارات

البرلماني السابق “أبو القاسم برطم” في حوار الساعة مع (المجهر) (1-2)

السودان ليست دولة مواجهة وإسرائيل لا تحتل لنا أرضاً فلماذا نعاديها؟
وكيل وزارة الإعلام هدد بحجب الإعلان عن الصحف المضادة للثورة
ما فعله بنا الوطني تقوم به قوى الحرية اليوم والأحزاب سرقت الثورة وقد كنا وقودها ؟
الأحزاب العروبية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل تزايد سياسياً فقط.
أيد البرلماني المستقل “أبو القاسم برطم” لقاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو”، وتساءل قائلاً: “قاطعنا إسرائيل (62) عاماً رغم أننا لسنا دولة مواجهة ولم تحتل إسرائيل لنا أرضاً فماذا استفدنا من المقاطعة” .
وشن “برطم” هجوماً عنيفاً على قوى الحرية والتغيير، وقال: بدأت تفعل ما فعله بنا المؤتمر الوطني في السابق ، واتهم الأحزاب السياسية بسرقة الثورة، التي قال إن للمستقلين سهماً كبيراً فيها . (المجهر) أجرت حواراً مع البرلماني السابق فكان نصه:

حوار/ النزير السر


{ لماذا “برطم” في حالة أشبه بالاعتكاف عن الشأن العام ؟
أولا، التحية لك ولصحيفة (المجهر)، وهذه فرصة لتجديد الشكر لـ(المجهر)، والحقيقة أن الإعلام بعد قيام الثورة أصبح إعلاماً غير محايد، ونحن كمستقلين كنا نجد فرصة أكبر من الآن ، وكل الصحف كانت بوابها مفتوحة لطرح آرائنا التي كانت معارضة للحكومة السابقة،لكن للأسف بعد الثورة شعرنا أن هنالك خطة واتجاه لإقصائنا من الساحة السياسية، والإقصاء يبدأ بشكل واضح في الإعلام، وكأن هنالك شبه اتفاق ضمني أن عمل المستقلين السياسي يجب ألا يخرج للإعلام وهذا بتأثيرهم على الصحف والأجهزة الإعلامية الرسمية مثل الإذاعات والقنوات الفضائية وذلك خوفاً من تأثيرنا على الرأي العام.
{ هل تملك دليلاً على ذلك؟
نعم، فقد صرح وكيل وزارة الإعلام بأن أي صحيفة تعمل ضد الخط العام للحكومة سيتم حجب الإعلان الحكومي عنها، وهذه نفس ممارسة النظام السابق تجاه الصحافة،ولذلك أنا أجد نفسي مرة أخري مطالباً بتوجيه الشكر لصحيفة (المجهر).
{ هل هذا سبب الاعتكاف؟
الحقيقة هو لم يكن اعتكافاً بالمعني الحرفي للكلمة،ولكن نحن الآن نرتب في صفوفنا كمستقلين لأن الفترة القادمة ستكون فترة حرجة جداً،تحتاج لترتيب وتنظيم واستعداد كبير.
{على ذكر تأثير المستقلين في البرلمان السابق بالنظر لأداء حكومة الحرية والتغيير الحالي والرفض الكبير الذي قوبلت به قيادتها خصوصاً في الولايات،هل تعتقد أن فرصة المستقلين ستكون أقوى في الانتخابات القادمة حال قيامها؟
لابد من التذكير بأن هذه الثورة وقودها المستقلون، والأحزاب السياسية قامت بسرقة الثورة لأن أكثر من تسعين بالمائة من الجماهير التي نزلت للشوارع كانوا من المستقلين،لا علاقة لهم بالأحزاب السياسية ولم تحركهم أي دوافع حزبية ،كانوا مواطنين مستقلين رافضين للظلم الذي كان يمارسه النظام السابق وعدم العدالة والفساد.
{ولكن الأحزاب تقول إنها هي التي قادت الثورة عبر تجمع المهنيين؟
الآن أتحدى أن يدعي أي حزب أنه قدم شهيداً لهذه الثورة، لا يوجد ، حتى الشهيد “أحمد الخير” كان ينتمي للمؤتمر الشعبي وتخلى عنه، ولكن كل شهداء الثورة لا يوجد شهيد واحد منظم سياسياً،والنقطة الوحيدة التي اتفقت عليها كل أحزاب الحرية والتغيير مثلما اتفق عليها المؤتمر الوطني في السابق،أن المستقلين خطر على الأمن القومي ، الآن ما فعله المؤتمر الوطني تجاهنا كمستقلين ، تقوم به أحزاب الحرية والتغيير.
{في لقاء أظهرت تأييداً للقاء رئيس مجلس السيادة لـ”نتنياهو” ما هي مبرراتك؟
في 2015 صحيفة (أول النهار) صدرت بمانشيت عريض باسمي أدعو فيه للتطبيع مع إسرائيل حتى أذكر أنه قد خرجت مظاهرات ضدي في دنقلا والخرطوم وقتها،وعندي رؤية واضحة جداً، السودان طبق قانوناً اسمه منع التعامل والتعاقد مع إسرائيل ، وطبق عام 1958م ولنا أكثر من (62) عاماً ماذا استفدنا من هذا الأمر كدولة.
والدول علاقاتها لا تبنى على العواطف وإنما على المصالح المشتركة، السؤال: ما مصلحتنا كسودانيين خلال الستين عاماً الماضية في مقاطعة إسرائيل، ولا أريد ترديد مسألة أن غالب الدول العربية لديها مصالح مع إسرائيل، وأن الفلسطينيين مصاريفهم منها،وتبادلهم التجاري مع إسرائيل وكل الدول العربية والإسلامية لديها علاقات تجارية مع إسرائيل بداية من تركيا،التي لديها تبادل تجاري بلغ أكثر من ستة مليارات دولار،وكذلك الدول العربية والأفريقية، لماذا نحن لا نستفيد من التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة، ثانياً لابد أن نعرف أن إسرائيل عقل وقلب أمريكا وروسيا والصين وأوروبا،ونحن الآن نصنف كدولة إرهابية هذا الأمر لماذا؟
{وبرأيك لماذا نصنف كدولة إرهابية؟
حكاية المدمرة “كول” هذا كلام غير حقيقي،لأن المقاطعة الأمريكية بدأت منذ العام 93 وقبل ذلك بدأت إبان حكم “الصادق المهدي” عندما كان رئيس وزراء، الأمريكان رفضوا التعامل مع “الصادق المهدي” لأنه كان رافضاً للتعامل مع إسرائيل،إذن مثلما قال السيد رئيس المجلس السيادي إذا كان هناك أي نفاج فتحه يعود على البلاد بخير يجب أن نمضي فيه.
{هنالك محاولات لإدارة الوقوف ضد التطبيع مع إسرائيل بمبدأ عقدي ما تعليقك؟
دينياً نحن ما عندنا خلاف مع اليهود،الرسول صلى الله عليه وسلم كان راهناً درعه ليهودي،واليهود كانوا يعيشون في دولة المدينة،والسياسة لا تبنى على العواطف،ولا توجد حروب دائمة فنحن لسنا دولة مواجهة ولا تحتل إسرائيل لنا أرضاً،لماذا نعاديها، وأعتقد أن السؤال الصحيح لماذا نعادي إسرائيل وليس لماذا لا نطبع معها،خصوصاً إذا كانت العلاقات ستقوم وفقاً لمبدأ القانون الدولي الذي يحقق المصالح المشتركة ويصون الأمن القومي.
{كيف تقرأٍ موقف الأحزاب المعارضة لهذه الخطوة؟
مواقف عاطفية ومزايدات سياسية والبلد قامت بها ثورة وهذه الأحزاب أسمتها ثورة ضد الإسلام السياسي، والموقف الحالي للأحزاب من العلاقة مع إسرائيل يؤكد أن كل الأحزاب تمارس الإسلام السياسي، ولكن بدرجات مختلفة،أما الأحزاب اليسارية العروبية فممارستها تشابه الإسلام السياسي في مخاطبتها للمواطن بالعاطفة العروبية، والشيوعي بمعاداة الامبريالية وغيرها من المعزوفات القديمة،ولذلك كل هذه الأحزاب تخاطب الرأي العام بخطابات عاطفية لا توفر المطلوبات الضرورية للمواطن ولا تحقق الأمن الوطني الذي يتعرض لمخاطر كبرى الآن أكثر من أي وقت سابق.
{ولكن يبقى أن هذا الخطاب له تأثيره على الشارع العام؟
لا تأثير له وهذه الأحزاب تتناسى أمراً مهماً وهو أن الجماهير الآن في أعلى درجات الوعي ولا يمكن استغفالها بمثل هذا الخطاب العاطفي.
{يشير الكثيرون إلى قمة الخرطوم أو(اللاءات الثلاث) هل يشكل هذا التاريخ جداراً يتطاول حتى بعد أن وقعت مصر نفسها اتفاق سلام مع إسرائيل؟
السودان في نظر العرب هو هامش،فالعرب ينظرون للسودان باستعلاء،وهنالك حقيقة لابد من التذكير بها،عندما قدم السودان طلباً للانضمام لجامعة الدول العربية، لبنان اعترضت على هذا الأمر،وقالت إن السودان ليس دولة عربية،فنحن لسنا عرباً والآن جميع الدول العربية صالحت إسرائيل ومصر نفسها التي كانت سبباً في قمة اللاءات الثلاث بالخرطوم أقامت علاقة مع إسرائيل،أمر آخر مهم يجب على الأحزاب المعترضة على العلاقة مع إسرائيل أن تقارن الوضع بين المواطن السوداني ومواطني الدول العربية بما فيها فلسطين من حيث الدخل السنوي والتأمين الاجتماعي والرعاية الصحية ومستوى الخدمات الأخرى، فالقضية المركزية بالنسبة لي هو السودان ، والمواطن السوداني الذي يعاني الآن في كل المجالات في التعليم والصحة والغذاء،مرض وجوع ونزوح،أما المواطن الفلسطيني فيعيش في وضع أفضل منا ومن إسرائيل ولذلك لا مجال للمزايدة هنا، وللقدس رب يحميه كما قال “أبوطالب” عن الكعبة.
{كيف تقيم أداء الحكومة خلال الأربعة أشهر التي مضت بعد تكوينها ؟
نحن قبل تشكيل الحكومة طالبنا أن يتم تشكليها من مستقلين تكنوقراط، وهذه أحد خلافاتنا مع الحرية والتغيير،لا نريد حكومة أحزاب، لأن المستقلين يضعون السيستم بطريقتهم،ويذهبون، الآن تم إنتاج ذات تمكين النظام السابق، أتيت بحكومة أحزاب أي وزير مكنته من وزارة في إدارته ينطلق في إدارته لها من المنطلقات الفكرية والسياسية للحزب الذي ينتمي له،وأكبر مثال لذلك تصريح وزير الإعلام “فيصل محمد صالح” فتصريحه الأول عن لقاء (برهان ونتنياهو) تصريح فطير جداً،ويدل على عدم المهنية، فأنت كوزير للإعلام وناطق رسمي باسم الدولة، وحتى وإن كان هنالك خلاف بينك والمكون العسكري يفترض أن تصمت وتتحلى بالحكمة، ولكن لا توضح للداخل وللعالم الخارجي أن هنالك خلافاً بينك وبين شريكك، فالمكون العسكري شريك أصيل في هذه الحكومة.
{ما هو أثر إظهار الخلافات؟
له أثر كبير، فمثلاً إذا كانت هنالك دولة تريد أن تتعامل أو تدعم هذه الحكومة،إذا عرفت أنها حكومة غير مستقرة وحكومة خلافات لن تتعامل معها،الأمر الثاني وزير الإعلام أصدر بياناً آخر، وأكد فيه الخلاف بأنهم ليس لديهم علم، فالسياسة لا تدار بردود الأفعال وبالعواطف “كلموني وما كلموني”، ويجب أن تكون بعيداً عن انتماءاتك السياسية والايدولوجيا ولا تسيطر على سلوكك وتصرفاتك كناصري أو بعثي يجب أن يكون التعبير عنها بعيداً عن الموقع الرسمي للدولة.
{وإلى ماذا تعزو هذا التضارب في الاختصاصات الذي انعكس على التعبير عن المواقف الرسمية؟
للأسف الحكومة خلال هذه الفترة فشلت فشلاً كبيراً،وتجربتها كانت سلبية، وهذه نتيجة طبيعية وأنا شخصياً توقعت هذا الأمر،مع أني طالبت كل القوى السياسية بأن تدفع وتساند الفترة الانتقالية لتعدي بسلام حتى نستطيع أن نقيم الانتخابات، ولكن للأسف الفترة التي مضت منذ تشكيل الحكومة وحتى الآن لم تكن ناجحة وهذا نتاج طبيعي لأمرين،الأمر الأول أن الحكومة لا تمتلك أصلاً رؤية سياسية واقتصادية لما بعد سقوط “البشير”،هذه نقطة أساسية تحدثنا فيها من أول يوم مع الحرية والتغيير،والموجود الآن هي محاولات واجتهادات فردية لكل وزير في وزارته،لا توجد خطة متكاملة تؤكد أن البلد تمضي وفقاً لها بنسق واحد،وهذا واضح من خلال التصريحات المتضاربة للوزراء،وزير المالية يقول إن لديه خطة لـ(200) يوم،وتبقى منها أسبوع واحد ولم يفعل شيئاً، وزير الصناعة حدد ثلاثة أسابيع لمعالجة إشكال الخبز ولم يفعل شيئاً، وهذا أيضاً حديث غير منطقي،وهذه تكاد تكون نفس طريقة الإنقاذ في إدارة الشأن العام في آخر أيامها، والذي أدى إلى قيام الثورة ضدها وإسقاطها.
{البعض يتساءل إن رئيس الوزراء شخصية مؤهلة وصاحب خبرات لماذا لم ينعكس هذا على الأداء الوزاري؟

السبب الأول انعدام التجانس، أنا لا أريد أن أقول إن رئيس الوزراء قام باختيار عناصر تفتقد للكفاءة وغير مؤهلين، ولكن حتى من تم اختيارهم للوزارة إذاً لم يوجد برنامج وإدارة سياسية لن يستطيعوا النجاح، ودائماً أقول إن “حمدوك” حقق نجاحات في المواقع الدولية والإقليمية التي عمل بها وذلك لوجود برنامج وإرادة سياسية داعمة للبرنامج،وهذا ما لا يتوفر للحكومة الانتقالية الحالية.
{ما المطلوب برأيك حتى تقوم الحكومة بمهامها المختلفة بما يحقق الرضا العام؟
المطلوب أن يقدموا لنا برنامجاً يقولوا إن فيه (7) سنين ستكون عجافاً،سيتحملها المواطن،لأن يعرف أن هنالك انفراجاً سيعقب هذا الضيق، ولكن هذا الأمر لا يوجد، وهنالك متغير لم يتم التحسب له، وهو الخلافات بين قوى الحرية والتغيير نفسها التي بدأت منذ أول يوم،فمثلا تجد حزباً شريكاً في الحكومة يقوم بإصدار بيان يشتم فيه دولة تدفع للحكومة أموالاً،وأي حزب في الحكومة يصرح منفرداً وفقاً لرؤيته ومصالحه السياسية، وهذا يؤثر على العلاقات الخارجية للدولة،فإذن أنت ليس جسماً سياسياً واحداً لأنك تفتقد للبرنامج السياسي المتوافق عليه.
{ولكن هناك مجلس مركزية تنسيقي لقوى الحرية والتغيير يؤكد أن هنالك توافقات بين مكونات الحكومة؟
الحرية والتغيير تحاول أن ترتدي جلباب التحالف الحاكم وهذا جلباب كبير جداً،ونحن قبلنا بهذا الأمر ولكن أن يقوم هذا الحزب الحاكم بالخروج في مظاهره ضد نفسه، هذا أمر مربك،وهنالك أمر آخر هو أن المجلس المركزي للحرية والتغيير أصبح يقوم بأدوار مخالفة للوثيقة الدستورية- فهو من عطل الموازنة العامة للدولة بعد إجازتها من مجلسي السيادة والوزراء ووفقاً للوثيقة الدستورية يملك المجلسان سلطة المجلس التشريعي لحين قيامه،فهل المجلس المركزي لأحزاب الحرية والتغيير له سلطة أعلى من سلطة التشريع الممنوحة وفقاً للوثيقة الدستورية للمجلس السيادي ومجلس الوزراء؟هذا أمر مخالف للوثيقة الدستورية، وأنا أعتقد أن دور الحرية والتغيير انتهى بتشكيل الحكومة ويجب أن تنصرف مكوناته للاستعداد للانتخابات وتترك أجهزة الدولة لتقوم بواجباتها حتى الوصول للانتخابات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية