احتكار السكر
نجل الدين ادم
تعجبت لقرار وزير التجارة والصناعة الخاص بحظر احتكار سلعة السكر وفقاً لقانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار، ومصدر الاستغراب أن الحكومة ومنذ سنوات طويلة حررت سلعة السكر عبر قانون، ولكن لأهمية هذه السلعة الإستراتيجية كانت الحكومة السابقة برغم الإعلان عن تحرير السكر لكي يكون محكوماً بالعرض والطلب، إلا أنها كانت أول من اخترق القانون وقامت بالاحتكار، وفي الجانب الآخر تجعل السوق يستعر ويغلى، احتكرت الحكومة السكر رغم تحريره عبر أربع شركات وطنية جميعها تصب إنتاجها في شركة إنتاج السكر وتقوم هذه الشركة بعملية توزيع “الكوتات”، والسبب أن السكر سلعة إستراتيجية شأنها شأن المحروقات والدقيق ذات عائد مضمون وسريع، لذلك ظلت الإنقاذ ولسنوات تحتكر السكر بلا قانون، فهي من تتحكم في أسعاره وهي من تقوم بعمليات التوزيع لإنتاج المصانع الأربعة، باستثناء شركة سكر كنانة التي كان وضعها مختلفاً عن الشركات الأخرى.
وبجرة قلم من الحكومة تستطيع الحكومة أن تدخل مليارات الجنيهات لخزنتها وكان ذلك دائماً ما يحدث في أوقات الانتخابات حيث إن السكر كان واحداً من الأذرع المساعدة في عملية التمويل.
اليوم وصل سعر جوال السكر الى (3) آلاف جنيه، المستورد والمحلي على حد سواء.
ليس الحكمة في معالجة مشكلة زيادة الأسعار منع احتكار السكر وتخزينه، وإنما في خروج الحكومة من سوق المنافسة والمضاربة في السلعة على نوع ما يحدث الآن، على الحكومة ألا تحتكر كوتات الولايات بزعم ضمان التوزيع العادل، وأن تكون بعيدة عن أجواء المضاربات تماماً، فببساطة إذا كان هناك تحرير للسلعة يمكن للمستورد منه أن يكون رخيصاً إلى حد كبير بحيث يعمل على تخفيض سعر السكر المحلي، لكن الحكومة تتبع الازدواجية في معاييرها في التعاطي مع السكر تفتح الباب للاستيراد من باب أن هنالك تحريراً للسلعة، ولكنها تأتي من الاتجاه الثاني لتكون منافساً للمستوردين عبر ما تحتكره من سكر وهو النسبة الأكبر، الحكومة الانتقالية ولسوء الأسف لم تنحُ في اتجاه مغاير في التعامل مع سلعة السكر، فقد ذهبت في ذات الاتجاه تحرر بسوق ولكنها في ذات الوقت تحتكره.
على وزارة التجارة ألا تتعجل القرارات في مثل هذه الحالة خصوصاً وأن السلعة تعتبر من السلع الإستراتيجية التي تتأثر بالقرارات السياسية.. والله المستعان.