ولكن أخلاق الرجال تضيق
فاضت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات من موتورين ويساريين ، تفتأ تحض حكومة “حمدوك” بإطلاق حملات تطهير محمومة ضد فلول الدولة العميقة.. إن أكبر حملة تطهير قد ارتكبها نظام الإنقاذ ..لا تنتطح في ذلك عنزتان في شارع الحرية.. ولكن الإنقاذ قطعاً لم تبدأ هذه السياسة اللعينة.. سياسة التطهير سنها وتولى كبرها غلاة الشيوعيين بعد أكتوبر وبعد مايو.. راجعوا شعاراتهم، واستمعوا لأناشيدهم ، وستجدون أن عبارة( التطهير واجب وطني) كانت في أكتوبر أنشودة على لسان كل شيوعي.. وصارت في مايو أغرودة في فم كل يساري.. وتحت هذا الشعار شردت الكفاءات ، وحرمت البلاد من أفضل الرجال ، وحتى طاب للأستاذ العلامة “جمال محمد أحمد” أن يقول بعد أن فصل مرة تلو أخرى( ماشفنا واحد بطهروه مرتين) ..سياسة لعينة على الشيوعيين يقع وزرها ووزر من عمل بها من أكتوبر الأخضر إلى يوم الحشر الأكبر..
لا وجود لدولة عميقة إلا في خيال اليساريين المريض.. توجد دولة سودانية ، بها دولاب عمل يضم خدمة مدنية عسكرية.. ولا غنى عنها في أي عهد ، إلا إذا طلب البعض من الشعب الدخول في إجازة ريثما يخرج الشيوعيون من تحت الأرض .. أو تقوم ثورة بلا أسياد فتمنح لهم الحكم غنيمة ما أوجفوا لها من خيل ولا ركاب..
إن منسوبي الخدمة المدنية مواطنون بالأساس ..وليسوا بالضرورة من رعايا الحركة الإسلامية ،أو منسوبي المؤتمر الوطني.. وكل محاولة لتصفيتهم ستحولهم لخلايا معادية، نائمة كانت أو صاحية .. وستضطر لمعاداة الوضع الجديد، إذا لم يكن بوضع العراقيل ، فبدس المحافير..والبادئ أظلم.. يقول أحدهم إذا حاصرت (كديساً) في زاوية فلا مندوحة له من أن يقاتلك .. فكيف إذا حاصرت نمراً بحاله.. إن استهداف الخدمة المدنية بالأعوج والعديل ..بالتصريح أو التلميح ،سينعش الروح فيما تبقى من جثة الدولة العميقة .. وستعود من عالم الأشباح إلى عالم الحقيقة ، ولذلك فمن مصلحة السودان ، ومصلحة الحكومة أن لا تسمع لدعوات الموتورين ونصائح المهووسين.. وتفترع طريقاً ثالثاً، وتسلك طريق القانون.. لم تعط الثورة شهادة بحث للسودان باسم اليسار أو اليمين ..ومن حق كل مواطن أن يجد فرصته كاملة في بلده، لا يحق لأحد فحص نوايا الناس أو محاكمة انتماءاتهم .. إن السودان كان وسيظل ملكاً لكل السوادنة سواء حكمه الخليفة التعايشي من أم درمان أو من عد الفرسان أو أزهري من عروس الرمال أو بيت المال.. أو جاء البشير من حوش بانقا أو كافوري..
لقد أعطاكم الرب الكريم بلداً سمحاً وماهلاً.. يسع الجميع ويزيد.. فلا تفصلوا الساحة الرحبة، على مقاس منفستو الحزب العجوز أو ميثاق الحرية والتغيير.. لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق..