“فيصل محمد صالح” : مراعاة البعد الثقافي وصون التراث هو الداعم الأساسي لنهضة البلاد
في ورشة (إطار ومؤشرات إستراتيجية التراث الثقافي غير المادي) :
كتبت : ميعاد مبارك
أكد وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح دعمه واهتمامه بحصر التراث المادي وغير المادي في مختلف المناطق في السودان، ، وأشار إلى أن التنوع الثقافي في السودان لم ينعكس على السياسات التعليمية والإعلامية والثقافية، وقال إن المؤسسات الرسمية طيلة الفترة الماضية كانت تعاني من العجز في إدارة التنوع الثقافي ، قال ذلك من خلال ورشة عمل ( إطار ومؤشرات إستراتيجية التراث الثقافي غير المادي في السودان ) بـ(بيت التراث) وذلك في إطار مشروع تعزيز القدرات الوطنية لصون التراث الثقافي غير المادي التي نظمها المجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات بالتعاون مع مكتب اليونسكو بالخرطوم، واللجنة الوطنية للتربية والعلم والثقافة، بحضور وزيرة التعليم العالي انتصار الزين صغيرون، ووكيل وزارة الثقافة والإعلام ، د . جراهام عبد القادر وعدد من الخبراء والمختصين والباحثين.
البعد الثقافي
وأشاد بجهود بعض الأفراد كالباحث الطيب محمد الطيب وميرغني ديشاب وبعض الرموز الأكاديمية مثل عبدالله علي أبراهيم ود. محمد المهدي بشرى، إضافة إلى دور الشراكات المثمرة بين الأفراد والمنظمات. ذاكراً أن المطالب التي تقدم بها المتخصصون في مجال التراث ستجد كل الاهتمام.
حفظ التراث على أرض صلبة
كما خاطبت الجلسة الافتتاحية للورشة ، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، انتصار الزين صغيرون، التي دعت إلى الاستفادة من مراكز التراث والوحدة الموجودة بالجامعات كجامعة الفاشر والنيل الأزرق ومركز سنار الإقليمي للحوار والتنوع الثقافي وغيرها وجعلها مراكز نشاط لجمع التراث والعمل على أرض صلبة، والحفاظ على المعطيات التي تساعد في دفع عملية الحفاظ على التراث ، مؤكدة أن الوزارة على استعداد لتقديم العون وتشجيع الدراسات العليا والبحث العلمي الخاص بالتراث التي تقدم من خلال مؤسسات التعليم العالي .
وأوضح الأمين العام للجنة الوطنية للعلم والثقافة عبد القادر محمد حسن، عمل اللجنة مع عدد من الوزارات والقطاعات كقطاعي الإعلام والثقافة، واشتراكها مع المنظمات في بناء السياسات وإعدادها . وطالب بتجديد السياسات الثقافية للسودان بخبرات مشتركة، التي لم تجدد منذ السبعينيات .
وأشار الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو لبعض المساعدات التي قدمتها اليونسكو ومركز أبوظبي للتراث بقيمة(350.00) دولار من أجل بناء القدرات وصون التراث الثقافي غير المادي الذي يتم استكماله بوضع الإستراتيجية، مشيراً إلى أن العام الماضي شهد بناء واسعاً للقدرات البشرية والمؤسسية.وقد انضمت وزارة الثقافة إلى عدد من الاتفاقيات كاتفاقية اليونسكو 1972م للتراث الثقافي المادي ، مشيراً إلى ثلاثة مواقع تم تسجيلهما ضمن مواقع التراث الثقافي والطبيعي العالمي وهي البركل وجزيرة مروي والبجراوية والتراث الطبيعي في سنجنيب وغيرها ، كما وقع السودان على اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي للعام 2003م
من جهته أعرب دكتور بافل كروبكن، مدير مكتب اليونسكو في الخرطوم، عن سعادته ببداية خطوات تنفيذ إستراتيجية صون التراث الثقافي غير المادي في السودان، شاكراً دولة الإمارات العربية المتحدة لتقديمها الدعم لمشروع بناء القدرات، وقال إنه سيتم الاعتماد على الخبراء والمتخصصين في الجامعات. وذكر أنه قد تم حصر عدد (34) عنصراً، من بينها (الجبنة) والثوب السوداني، وعنصر الحناء الذي يشترك فيه السودان مع عدة دول.
وأوضح أن الإستراتيجية الشاملة ستكون لفترة خمس سنوات. مضيفاً إلى أنه يتطلع إلى العمل مع الشركاء في تنفيذ إستراتيجية ناجحة وفعالة، كما يتطلع إلى دعم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للبحوث في الجامعات و التراث.
مستقبل التراث
وأوضح الأمين العام للمجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات أسعد عبد الرحمن أن الهدف الرئيسي للورشة يتمثل في وضع مستقبل التراث الثقافي في السودان، بالنظر إلى أنشطة وبرامج الدولة وسياستها، وإلقاء الضوء على المطلوبات العالمية، وتقدم مدير بيت التراث الدكتور إسماعيل الفحيل، عدة مطالب للخبراء والمختصين في مجال التراث تمنى تبنيها وعرضها على مجلس الوزراء الموقر لتنجز خلال فترة الثلاث سنوات، وتدعو المطالب إلى إيلاء الثقافة الأهمية والعناية لمساهمتها في توحيد الأمم والمجتمعات، مؤكداً بأن السودان هو الأكثر حاجة لمثل هذا النوع من التراث المتنوع الذي يساعد على التئام هذا الشتات القومي .
كما أشار إلى دور الشراكة الذكية التي جمعت بين هذه الجهات من خلال مشروع بناء القدرات ، إضافة للدعم الإماراتي للمشروع ، الذي تم من خلاله تدريب (164) باحثاً وباحثة على مستوى السودان ، بجانب حصر (34) عنصراً خلال سنة واحدة، ووجود (40) فريق عمل في أنحاء السودان المختلفة .
عقب الجلسة الافتتاحية انتظمت الورشة في عدة جلسات تناولت الإستراتيجية المطلوبة لدعم العمل في جمع التراث الثقافي غير المادي.
الجلسة الأولى
تحدث من خلالها د. أسعد عبد الرحمن حول جهود السودان في مجال صون التراث الثقافي غير المادي متناولاً من خلال ذلك عدة محاور تبرز جهود مؤسسات الدولة التي تمثلت أولاً في تأسيس مصلحة الثقافة في العام 1972م ، ثم إنشاء مركز دراسة الفولكلور والتوثيق الثقافي في العام 1977 ، ومركز توثيق الحياة السودانية انتهاءً بالمجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات القومية ، بينما تناول من خلال المحور الثاني مشروع قانون للتراث الثقافي وتقاطعاته ومدى إمكانية تطبيقه وشرح عبر المحور الثالث أهمية إعداد قوائم الحصر ووضع الأسس التي تساعد في الحفاظ على التراث.
بينما دعا أ . د محمد المهدي بشرى من خلال مقترح الخطة الإستراتيجية القومية إلى الاستفادة القصوى من الشخصيات ذات التأثير التي تنضوي تحت لواء المجتمعات المحلية مثل المعلمين وزعماء الإدارات الأهلية والعمل على الإسراع بتسجيل العناصر الفولكلورية غير المشتركة مثل ( آلة الباسنكوب) و( طريقة صناعة الحلو مر) و(إعداد الدلكة) والعمل على توسيع طرق جمع المعلومات بسهولة بالتركيز على إكمال ما سبق من دراسات كسلسلة دراسات في التراث السوداني والمساعدة في عمل المراكز الثقافية في الولايات ووضع العمل الثقافي كمورد اقتصادي هام يساعد في العملية السياحية.
الجلسة الثانية
وعرضت الأستاذة رحاب حبيب، دور المجلس القومي للتراث الثقافي وترقية اللغات القومية وإداراته وحفظ وجمع التراث عبر تدريب الباحثين والعمل على تأكيد دور التراث الثقافي وأرشفة المعلومات والصور وأعمال المسح اللغوي والترجمة والثقافة السودانية وإجراء مسوحات فولكلورية لجمع التراث في الولايات.
فيما وصف د. علي إبراهيم الضو، دور المؤسسات الأكاديمية في جمع وتوثيق الفولكلور، واضعاً معهد التربية بخت الرضا كحالة استطاعت جمع الثقافة السودانية وطرق العيش من خلال المقررات الأكاديمية، إضافة إلى دور قسم الفولكلور بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية- جامعة الخرطوم باعتباره نواة للعديد من المراكز العالمية كاشفاً عن تسجيل (50) ألف ساعة في مجال الموسيقي التقليدية تم حفظها داخل الأرشيف وإصدار (52) إصدارة من سلسلة دراسات في التراث السوداني ومجلة الدراسات السودانية، وأعاد علي الضو تلك الجهود إلى اللبنات الأولى من خلال مجلة السودان في الرسائل والمدونات التي صدر منها حوالي (98) عدداً باللغة الإنجليزية.
أساسيات الإستراتيجية
وناقش نصر الدين الدومة ، أساسيات الإستراتيجية التي تعتمد على تحديد الرؤية والرسالة والمرجعيات ثم تحليل الوضع الراهن.
وأعاب د. محمد آدم سليمان ترنيم، على فرق العمل من خلال المداولات الأولى غياب بعض التخصصات الأخرى، داعياً إلى التركيز على المصطلحات الخاصة بالعامية السودانية التي تكون أكثر قرباً إلى المعنى الخاص وتسمية المجتمعات المحلية طالما هنالك عناصر مشتركة بين الدولة.
ودعا د. جعفر عثمان سيد أحمد ، اللجنة الوطنية لليونسكو للالتفات إلى وضع أرضية صلبة حتى تتوافق والتخطيط الإستراتيجي عبر عدد من القنوات الهامة مثل التشريعات والقوانين والتخطيط الإستراتيجي.
ودعت د. أماني نور الدائم، إلى البحث عن حاضنة للتراث أثناء إدارة المصادر الثقافية وإشاعة العمل المتزن ونشر قيم المعرفة بالتركيز على نقاط القوة، مثل وجود جسم حكومي يعي الدور الذي تقوم بها الثقافات السودانية المتعددة والتركيز على المجتمع السوداني الذي يحتفي بالتراث باعتباره داعماً والاستفادة من الروح الوطنية التي تحتفي بكل ماهو سوداني إضافة إلى تفرد الكثير من العناصر السودانية واستخدام التراث في العمل الدبلوماسي .
وأشار المستشار القانوني بوزارة العدل الصادق مفرح، إلى العبارات الضعيفة والكلمات الفضفاضة التي تعمل على التقليل من مدلولات التعبيرات الثقافية، مؤكداً بأن هناك الكثير من المواد القوانين الضعيفة وغير المواكبة ولا تتواءم والاتفاقيات التي تمت المصادقة عليها، داعياً من خلال ذلك إلى تكوين لجنة قومية لمراجعة التشريعات الخاصة بالتراث الثقافي المادي وغير المادي.
وتحدث د. محمد جلال هاشم، عن السياسات اللغوية التي مورست خلال الحقبة السياسية السابقة من استهداف لبعض اللغات خلال فترة حكومة الإنقاذ الوطني، داعياً إلى الاهتمام باللغات المحلية، وشارحاً الطرق الواجب إتباعها من خلال تطوير وحفظ اللغات التي اشترط ترقيتها عقب جمع التراث الشفاهي بالمجتمعات المحلية ودراسة علومها والعمل وفق التدرج المعرفي في كتب المطالعة المحلية إضافة إلى إنتاج بعض البرامج التلفزيونية باللغات المحلية .
وقال إن هنالك قضايا بالغة الأهمية يجب استصحابها من خلال الإستراتيجية مثل قضية النوع الثقافي والتعدد اللغوي واستخدامهم في دفع عجلة التنمية المستدامة.