ثوار ليبيا .. رد تحية الخرطوم بأحسن منها .. !!
عندما حطت طائرة مقاتلي الثورة الليبية وأمراء كتائب الثوار، الذين أطاحوا بنظام العقيد “معمر القذافي” في ثورة (17 فبراير)، في مطار دنقلا في الولاية الشمالية قبيل أيام؛ للتوقيع على عدد من الاتفاقيات التي تخدم شعبي الدولتين، لم ينسَ مقاتلو الثورة الليبية والمسؤولون الليبيون رد الجميل الذي قدمته لهم حكومة الخرطوم إبان الثورة والمعارك الطاحنة التي دارت رحاها في ساحات الأراضي الليبية، لم ينسوا وقوف الحكومة السودانية معهم، ويمموا وجوههم من حاضرة الولاية الشمالية قبيل مغادرتهم لطرابلس صوب العاصمة الخرطوم لمقابلة القيادة السياسية في البلاد وتكريم رموزها على رأسهم الرئيس “عمر البشير” ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول “محمد عطا المولى” ورجل المخابرات السوداني “عز الدين محمد عبد العزيز”، لرد الجميل ورد التحية بأحسن مما دفعت به الحكومة التي سبق أن دعمت الثوار أيما دعم بالعتاد الحربي والذخيرة والمقاتلين للتخلص والإطاحة بنظام العقيد “القذافي” الذي زرع الفتنة بين شعبي الدولتين وساهم في تحريض إقليم دارفور وظل يدعم في متمردي دارفور – على حد تعبير الثوار.
وكانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة والنصف من صباح أمس (الأربعاء)، عندما انخرط الوفد الليبي رفيع المستوى برئاسة رئيس المجلس المحلي لمدينة الكفرة ـ إحدى كبرى المدن الليبية ـ المستشار “محمد حمد أبو سدينة” في اجتماع مع المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول “محمد عطا المولى عباس”، بمقر رئاسة الجهاز، ومن بعده لقاء الرئيس “عمر البشير” للتباحث حول تقدير الشعب الليبي لدعم الخرطوم وفتح صفحات جديدة من كتاب العلاقات بين الخرطوم وطرابلس. وفور خروج الطرفين من اللقاء أعرب “أبو سدينة” عن بالغ شكره وتقديره للقيادة السودانية وشعب السودان لمواقفه المساندة للثورة الليبية وما يربط شعبي الدولتين من روابط العقيدة والدين والجوار، ويقول المسؤول الليبي إن علاقات الدولتين هي علاقات ضاربة في الجذور والعمق لكن نظام الراحل العقيد “معمر القذافي” (النظام البائد المقهور) سعى إلى الفتنة بين شعبي الدولتين، وأن الشعب الليبي تأذى أيما أذى من نظام (الطاغية)، مبيناً أنه لولا الثورة المباركة لما استطاع الوفد الحالي الحضور للخرطوم لمقابلة المسؤولين السودانيين، ويقول إن وفده سبق أن وقع قبل (3) أيام مذكرة تفاهم مع حكومة الولاية الشمالية للتوأمة بين منطقة “الكفرة” والولاية الشمالية، بعد أن وجد من الترحاب والكرم السوداني ما يكفيه ودخوله في اجتماعات مع حكومة الولاية الشمالية لتفعيل العلاقات بين الخرطوم وطرابلس.
ويتكون الوفد الليبي رفيع المستوى المقرر أن يلتقي الرئيس “عمر البشير” عشية أمس بنية تكريمه من جانب رئيس المجلس المحلي لمدينة “الكفرة” المستشار “محمد حمد أبو سدينة” الحاكم المدني للكفرة، والحاكم العسكري العقيد “سليمان حامد حسن”، وأمراء كتائب الثوار، ووكلاء وزارات كل من الصحة، الزراعة، المواصلات، التخطيط، والثقافة والمجتمع المدني، ورئيس المركز الجمركي للكفرة، رئيس الجوازات والجنسية، رئيس إدارة الطب الشرعي، ورئيس النيابة العامة لمنطقة الكفرة، ومدير إدارة العلاقات في المجلس.
وفور خروج الطرفين من اللقاء المشترك، رحب المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، الفريق أول “محمد عطا المولى عباس” بزيارة الوفد الليبي للخرطوم وقال: (نحن نتشرف بوجودكم بيننا في السودان)، معرباً عن أمله في أن يكون هذا الوجود والتواصل دافعاً يضع الأسس المتينة للتواصل الدائم بين شعبي الدولتين وأن يكون هذا التواصل سبباً في عمق العلاقات بين الدولتين قائلاً: (نحن نقول بلغتنا المحلية “يربطنا حبل متين ويقطعنا سيف”).
ويكشف رجل المخابرات الأول في السودان “محمد عطا” أن وقوف الحكومة مع الشعب الليبي إبان الثورة “المجيدة والظافرة جاء لأسباب ولم يكن للحكومة السودانية خيار سوى الوقوف مع الشعب الليبي، مبيناً أن تلك الخطوة (تعتبر وقوفاً مع أنفسنا ونؤدي في واجبنا ونقوم بمسؤولياتنا ولم نكن نضع في اعتبارنا أن يأتي يوم ليتم تكريمنا ونحن نقف في خندق واحد مع الشعب الليبي وأن مصيرنا هو مصير الليبيين).
ويصف مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الثورة الليبية بالثورة العادلة وأن (قضية ليبيا هي قضيتنا ووقوفنا ضد تلك الحكومة لانها كانت تكيد لنا كل يوم مشكلة وجريمة وتعمل على تعطيل السودان وتمزيقه وإظهارها للفتن والعصبيات وإظهار المشاكل)- على حد تعبير الرجل. ويقول: (إن الشعب الليبي لم يجعل لنا أي خيار سوى الوقوف معه بعدما أظهر بطولة فائقة وشجاعة كبيرة في مواجهة نظام “القذافي” ونال احترامنا وتقديرنا) ويضيف الرجل أن الشعب الليبي كان يستحق أن يقف معه الجميع.
ويمضي “عطا” بالقول: (إن وقوف الحكومة السودانية مع الشعب الليبي هو وقوف مع مختلف مكوناته الجهوية وهو عندنا شعب واحد، وأنه انتهى عهد النظام السابق وبدأت مرحلة جديدة في الجماهيرية الليبية ونقول لكم إن المرحلة المقبلة في ليبيا لن تكون سهلة وتتطلب منكم الوقوف بذات العزم والإرادة وبناء الوحدة والتوافق وتتطلب روحاً جديدة وروحاً من التسامح)، ويضيف الرجل: (إن السودان يريد أن يرى الشعب الليبي يداً واحدة تبني وتتوجه نحو المستقبل)، ويشدد على أنه (عندما تكون ليبيا قوية ومتطورة وقائدة نكون نحن في السودان “مرتاحين وننعم معكم بالوحدة”).
وينصح مدير المخابرات “محمد عطا” الليبيين بأن عهد نظام القذافي انتهى فمهما تآمرت فلوله فلن يشكلوا أي خطر على الشعب الليبي وعليكم النظر إلى الامام والعمل على وحدة الشعب وهذه هى رسالتنا اليكم)، ويقر “عطا المولى” بأنه رغم ظروف السودان وإشكالياته فنحن مستعدون لمد يد العون لكم ونعلم أن الشعب الليبي قادر وواعي ومؤهل ويستطيع أن يعبر أمواج المرحلة الجديدة المقبلة ويتخلى عن كل المؤامرات والدسائس) ويقول: (نحن نفرح عندما نرى أن ليبيا ومدينة الكفرة تعيش في سلام ووئام وأن (المستقبل لنا ويبشر بكل الخير والنماء)- على حد وصف الرجل.