أخبار

قبيلة «السيد الوزير» (20)

كان البيان الأول مقتضباً شاكياً تدهور الأحوال ومشخصاً للأمراض التي تقتضي أن يدخل الوطن “غرفة الإنعاش” لتدارك ووقف المضاعفات حتى يتم الإنقاذ!! إذن كان اسم الثورة التي نجحت في أن تبث البيان الأول “ثورة الإنقاذ الوطني”، ولهذا أعلن البيان انقضاء أجل الذي سبق البيان الأول وفصَّل في شهادة الوفاة حل البرلمان ووقف العمل بالدستور وحل مجلس الوزراء.
ولأن الأمر لا يقبل ثانية من فراغ دستوري تم إعلان السلطة العليا في البلاد لتكون رأس الدولة وفي نفس الوقت السلطة التشريعية في البلاد (ولربما أن ذاكرة الناس يصيبها تعب الحياة بوهن” ليس كالذي شكاه النبي الذي رأى في وهن العظام برهاناً على قلة الحيلة.. وإنما أخطر أنواع الوهن.. وهن الذاكرة – (هذا بعض فلفل لتحلو الشوربة القادمة)!
أعلن البيان الثاني السلطة السيادية وتكونت من (15) عضواً شكلوا مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني وهم:
الفريق ركن عمر حسن أحمد البشير رئيساً والعميد أركانحرب الزبير محمد صالح نائباً للرئيس والعميد أ.ح التجاني آدم الطاهر، والعمداء، فيصل علي أبو صالح، عثمان أحمد حسن عثمان، دومنيك كاسيانو، إبراهيم نايل إيدام، عميد طيار فيصل مدني مختار، العقيد بحري مهندس صلاح الدين محمد أحمد كرار، العقيد بيو يوكوان دينق، العقيد مارتن ملوال أروب، المقدم أ. ح بكري حسن صالح المقدم محمد الأمين خليفة والرائد إبراهيم شمس الدين.
ولأني أعد العدة لاحقاً للكتابة عن رؤساء الدولة فلن أتحدث عنهم إلا من دخل من باب القبيلة.. “قبيلة السيد الوزير” لكن لا بد من بضع سطور حول هذا المجلس.
مجلس قيادة ثورة الإنقاذ لم يكمل المسيرة كمجلس حتى لحظة اتخاذ القرار بحله توطئة لمرحلة الشرعية الدستورية.. فقد توفي عضو المجلس بيوكوان إثر علة مفاجئة فخلا مقعد. ثم خلا مقعد آخر بسبب اتهامات طالت عضو المجلس مارتن ملوال..ثم خلت (3) مقاعد بسبب الاستقالة وهم العمداء فيصل أبو صالح، عثمان أحمد حسن وفيصل مدني مختار ثم تم حل المجلس.
ثم جاء البيان الثاني يعلن تشكيلة مجلس الوزراء وهو أمر كان محل ترقب وانتظار.. لأنه سيفك “شفرة” الكتمان الشديد لمعرفة من هؤلاء القادمون لسدة السلطة سيما أن سجن كوبر قد امتلأ بكل قادة البلاد من قادة الأحزاب! وكانت تتسرب إلى الناس تسريبات محدودة لأن فترة المشاورات قد امتدت لمدة (10) أيام كاملة يدير أمر الوزارات وكلاء الوزارات ثم أعلن تشكيل مجلس الوزراء – أول مجلس في ثورة الإنقاذ – وهو المجلس الذي أسميه مجلس “دار الأرقم” لأن الناس جميعاً ما إن سمعوا الأسماء حتى بدأ التساؤل المحير الذي لم يفك الشفرة.. كانت الحكومة الأولى بعدد (21) وزيراً ثم تبعه ملحق تعيينات بأربعة وزراء.. وبذلك ضمت الحكومة واحداً وثلاثين وزيراً برئاسة الفريق أ. ح عمر حسن أحمد البشير الذي شغل منصبي رئيس مجلس الوزراء (بحكم رئاسة مجلس قيادة الثورة وكذلك منصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع) ثم حدث تعديل في أسماء الوزارات حيث عدل اسم وزارة التنسيق الإقليمي وتخطيط الحكم المحلي والأهلي إلى الحكم المحلي وتنسيق شؤون الأقاليم (لاحظ – وببراءة – قد وردت كلمة شؤون الأقاليم.. كلمة الإقليم وكيف أصبحت السورة التي لا تتم المصالحة إلا بقراءتها عند خليل إبراهيم!!) وعادت وزارة الإرشاد والتوجيه، وضُمت السياحة إلى النقل والمواصلات، وضُمت الرعاية الاجتماعية إلى الصحة) ثم فصلت الرعاية الاجتماعية عن الصحة لتصبح الرعاية والتنمية الاجتماعية منفردة، ونشأت وزارة منفردة للتشييد والأشغال والمرافق العامة ووزارة للتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة لتنسيق شؤون الولايات.. “لاحظ اسم “الولايات” يدخل القاموس السياسي ثم استحدثت وظيفة وزير دولة للتعاون الدولي بوزارة المالية.. قلت إن هذه الحكومة الأولى ضمت (31) وزيراً إلا أنه من الواجب أن أوضح وأفصل هذا الأمر.
الحكومة التي أعلنت في 9/7/1989م شملت (21) وزيراً هم: الفريق عمر حسن أحمد البشير رئيس وزراء ووزير الدفاع والعميد الزبير محمد صالح نائب رئيس الوزراء والمقدم أ. ح الطيب إبراهيم محمد خير وزير شؤون الرئاسة والسيد علي أحمد سحلول وزير الخارجية وعميد أ. ح فيصل علي أبو صالح وزير الداخلية والسيد حسن إسماعيل البيلي وزير العدل والنائب العام والسيد علي محمد شمو وزير الثقافة والإعلام والسيد د. سيد علي ذكي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي.. والسيد بروفيسور أحمد علي قنيف وزير الزراعة والموارد الطبيعية والسيد عبد الله دينق نيال وزير الإرشاد والتوجيه والسيد ناتالي بانكر آسيو وزير الحكم المحلي وتنسيق شؤون الأقاليم والسيد د. يعقوب أبو شورة موسى وزير الري والموارد الطبيعية والسيد عبد المنعم خوجلي عثمان وزير الطاقة والتعدين والسيد د. مهندس محمد أحمد عمر وزير الصناعة والسيد محجوب البدوي محمد وزير التربية والتعليم والسيد مهندس محمد الهادي المأمون المرضي وزير الإسكان والمرافق العامة والسيد بيتر أورات أدور وزير الإغاثة وشؤون النازحين والسيد علي أحمد عبد الرحيم وزير النقل والمواصلات والسياحة والأب لنقا جورج وزير العمل والتأمينات الاجتماعية والسيد فاروق البشرى وزير التجارة والتعاون والتموين والسيد د. محمد شاكر السراج وزير الصحة والرعاية الاجتماعية..
ألحقت بتلك الحكومة التعيينات الآتية:
في 2/8/1989م (بعد ثلاثة أسابيع) دخل السيد أبو القاسم أحمد شمو وزيراً للدولة بوزارة الزراعة وقد سبقه في 9/7/1989م دخول اللواء عثمان محمد الحسن وزير دولة للدفاع، في 11/11/1989م (بعد أربعة أشهر) دخل اللواء إبراهيم نايل إيدام وزيراً للشباب والرياضة.
زبعد 3 أشهر دخل القبيلة السيد أحمد شيخ إدريس مناع وزير دولة لتنسيق الأقاليم..
في 16/2/1990م (بعد أسبوع ) دخل السيد السعيد عثمان محجوب وزير دولة بجهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج.
جميع الوزراء سواء الوزراء في الحكومة المعلنة أو الوزراء الذين ألحقوا بالوزارة جميعهم يدخل القبيلة لأول مرة إلا السيد علي محمد شمو! ومن أعضاء مجلس الثورة ولم يحمل حقيبة وزارة اللواء الزبير محمد صالح غير أن السيد اللواء أ. ح إبراهيم نايل إيدام كان ثاني عضو يدخل مجلس الوزراء بعد اللواء فيصل أبو صالح من أعضاء مجلس الثورة. ولهذا نبدأ بالتعريف بالقادمين الجدد:
} المشير عمر حسن أحمد البشير: بعد أن أكمل دراسته بشندي التحق بمدرسة الخرطوم الثانوية ثم التحق بالكلية الحربية الدفعة (18) لكلية الطيران من بين (15 طالباً حربياً لدراسة الطيران جنباً مع (85) طالباً حربياً مشاة، سافر (7) من الطلاب الخمسة عشر لدراسة الطيران للولايات المتحدة الأمريكية وبقي الـ(8) ولم يسافروا مما جعلهم ينضمون للطلبة وتخرجوا في 10/12/1966م .. نقل للحامية الغربية ومقرها نيالا.. ثم ذهب ضمن الكتيبة المختارة للمشاركة في الجبهة المصرية بالسويس وقضى هناك عاماً ثم رجع للعمل بنيالا.. ثم نقل لسلاح المظلات.. وسافر للتدريب المظلي لباكستان.. ثم عاد للعمل بالمظلات.. وفي العام 1973م تم اختياره في كتيبة مظلات للمشاركة في معركة العبور وتمركزت الكتيبة بمنطقة شرق القنال وكان وقتها برتبة نقيب وقضى مدة (6) أشهر ثم عاد للسودان للعمل بالمظلات.. ثم انتدب للعمل مدرباً للجيش الإماراتي وهو برتبة رائد ظل بها لمدة (3) سنوات.. ثم عاد ودخل كلية القادة والأركان وكان ذلك في العام 1979م.. في عام 1981م رقي لرتبة العقيد (في هذه الفترة انتمى للعمل في العمل الإسلامي) في العام 1983م ذهب لماليزيا للتحضير لدرجة الأركان الثانية وأكمل دراسته وعاد في العام 1984م.
في العام 1987 رقي لرتبة العميد وفي عام 1988م قاد اللواء المتحرك من كادوقلي لمنطقة “ميوم” واحتلها وحررها مع جنوده.
في فبراير 1989م حدث حدث كبير غير مسبوق في تاريخ القوات المسلحة وإبان حكومة السيد الصادق المهدي وهي مذكرة القوات المسلحة غير أنه لم يكن بالخرطوم ولذلك لم تتح له فرصة التوقيع رغم أنه أحد المحركين لها.. في يونيو 1989م تم اختيار أربعة عمداء للسفر للقاهرة للدراسة بكلية ناصر ويتم الاختيار عادة بالأقدمية فاختير من بينهم إلا أنه كان بمنطقة كادوقلي وربما لأسباب التحضير للثورة لم يسافر !! ثم تحرك من هناك ليل التاسع والعشرين ليتم إعلان البيان الأول!!
} الشهيد المشير الزبير محمد صالح: من أبناء الغدار بالشمالية حيث تلقى تعليمه بدنقلا والتحق بالكلية الحربية الدفعة 18 نفس دفعة المشير البشير.. ثم بعد تخرجه نقل للقيادة الشمالية بشندي حيث نقل منها إلى أعالي النيل.. كانت القيادة الشمالية ومقرها شندي مسؤولة من منطقة أعالي النيل، والقيادة الغربية بالفاشر ومسؤولة عن منطقة بحر الغزال والقيادة الشرقية ومقرها وقتها “خشم القربة” ومسؤولة عن منطقة شرق الاستوائية والقيادة الوسطى “الهجانة” ومقرها الأبيض ومسؤولة عن منطقة غرب الاستوائية”
ثم نقل لسلاح النقل وذهب في دورات لباكستان والهند وظل بسلاح النقل.. ثم نقل لمركز التدريب الموحد بجبل أولياء.. وعندما أعلن البيان الأول كان معتقلاً “الإيقاف الشديد” لاتهامه بتدبير مؤامرة لقلب نظام الحكم.. ثم أصبح نائباً لمجلس قيادة الثورة ثم أصبح أحد الرموز الشامخة.. ثم ارتفع شهيداً.
} اللواء فيصل علي أبو صالح: أصوله من منطقة شندي وهو رفيق الرئيس البشير في الكلية الحربية الدفعة (18)، عمل بالقيادة الشمالية ثم نقل لسلاح المهندسين وتلقى عدة دراسات في ورش الهندسة بالداخل ثم في الهند وباكستان، ثم أصبح مساعداً للملحق العسكري بالقاهرة ثم عمل نائباً لمدير شؤون الضباط بالقيادة العامة.. ثم أصبح عضواً بمجلس الثورة ووزيراً للداخلية، وهو أول مبعوث من مجلس قيادة الثورة للرئيس محمد حسني مبارك بعد يوم من قيام الثورة ليشرح الأوضاع الجديدة ويضمن تأييد مصر للوضع الجديد.. إلا أنه استقال وغادر العمل العام وظل بعيداً عن الأضواء.
} د. الطيب محمد خير: ولد بولاية نهر النيل “الحقنة” وتلقى تعليمه الأولى والثانوي بمدرسة شندي ثم التحق بجامعة الخرطوم كلية الطب وتخرج طبيباً والتحق بالسلاح الطبي بعد أن خضع لدورة تدريبية كاملة بالكلية الحربية وحاز على شهادة الأركانحرب ثم ظل يعمل بالسلاح الطبي حتى قيام الثورة واختير وزير شؤون الرئاسة ثم حاكماً على إقليم دارفور ثم وزيراً للتخطيط الاجتماعي 8/3/1998م – 24/1/2000م ثم مستشار الرئيس للشؤون الأمنية 24/1/2001م – 9/7/2005م ثم وزير رئاسة الجمهورية 9/7/2001 – 20/9/2005م
أواصل ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية