نوافذ

توبة يا قلبي .. توبة

نضال حسن الحاج

وعلى شفا ابتسامة تلوح من وحي الدمع.. أجدك هنالك ممسكاً (بمنشفة) بيضاء.. كتلك التي يحملها الأطفال الفقراء في بلدي.. أنت تمسكها لتنظف ملح عيني اللتين تتساقطان دمعاً سخياً.. وهم ينظفون زجاج السيارات الفارهة..
هم يفعلون مقابل حفنة جنيهات..
وأنت تفعل مقابل بضع كلمات شكر..
الدمع يسقط بفعل الوجع الذي كنت سبباً به..
وهم ينظفون زجاج سياراتنا التي اتسخت بفعل أيادينا المملوءة بالطيبات.. بينما هم يعانون جوعاً وألماً قلما يحتمله أحد..
الدمع يسقط بفعل
الجاذبية الأرضية.. ولا يصعد..
وأنا كنت أظنك معي بفعل الجاذبية القلبية.. تمحو بقايا ظلمك العالقة على خدي.. ترتب أوراقي التي يتحدث فيها الورق والقلم سراً عن ظلمك وجورك..
ولا تعبأ بتلك العبارات التي لو نزلت على حجر لتصدع وجعاً..
ولكن شتان ما بين الحجرين.. الصخر وقلبك..
لأن الصخر ذاته انفجر لاثنتي عشرة عيناً حينما أراد الله له أن يفعل بيد أحد أنبيائه..
بينما لم يزد وجعي قلبك إلا غلظة وقسوة..

الدمع يا سيدي رسول القلب.. ربما بفرح وربما بوجع وربما بخزن وربما بخذلان..
ربما اشتياق وربما حنين وربما دعوة في ظهر الغيب لعزيز..

ولكن عجبي لذلك الدمع الذي يزعجك أن تراه على عيني ولا يزعجك أنه ينزل بسبب ظلمك الذي يضرب قلبي بسياط الهم والأسى..
عجبي لـ(دقاني بكى وسبقني أشتكى) هذه التي استبدلتها أنت بـ(بكاني وقش دموعي عشاني)..
عجبي لقلبك الذي لا تزيده أحزان الأحبة إلا اخضراراً.. كالنار كلما تذوقت طعم الأشياء مدت ألسنتها نحو الأخرى فلا تبقي ولا تذر سوى هشيم..
وهذا القلب أضحى هشيماً تذروه الرياح..
والدمع يا سيدي مطفأة ذلك الحريق الذي أشعلته أنت بمحض إرادتك.. فلماذا تحرمني حتى من إطفاء نار غيابك وإجحافك بدمعي..
خذ يا سيدي منديلك
لوح به لحبيبة قادمة؛
أمسح به حذاءك الذي أريقت تحت سطوته الدموع؛
أرفع به يدك مستسلماً
أو
احتفظ به
فربما يجديك نفعاً حينما تتوه بصحراء غرورك فلا تجد ما يسد رمقك من العطف والاهتمام؛
لوح به عسى أن ينقذك مسافر ما

فأنا استمتع بهذا الدمع الذي يبكي زمناً ضاع على أضغاث أحلام.. ومثل هذه الدموع اغتسال من ذنب قلب نبَض لمن لا يستحق؛
عافية للعينين؛
نقاء للروح؛
وفرح على توبة..

وتووووووبة يا قلبي توبة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية